بازگشت

فيقول في بدء رسالته


«امّا بعد، بلغني كتابك تذكر فيه انّه انتهت إليك عنّي اُمور انت عنها راغب وانابغيرها عندك جدير، و إن ّ الحسنات لا يهدي لها المشّاؤون بالنميمة ، المفرّقون بين الجمع ، وكذب الغاوون ، ما اردت لك حرباً و لا عليك خلافاً، و إنّي لاخشي الله في ترك ذلك منك ، و من الإعذار فيه إليك وإلي اوليائك القاسطين حزب الظلمة » (لاحظ التقريع والفضح في اُسلوب الإمام ، فاراد ان يشعره بفداحة الإثم الذي اقترفه ، من ظلم ٍ و اضطهاد، و تجويع و تحريف للدين ، واختلاس اموال الاُمّة ، ثم ّ يستطرد الإمام (ع) مُذكّراً إيّاه :

«الست القاتل حجر بن عدي اخا كندة و اصحابه ، المصلّين العابدين الذين كانوا ينكرون الظلم ، ويستعظمون البدع ، و يامرون بالمعروف و ينهون عن المنكر، و لايخافون في الله لومة لائم ؟ قتلتهم ظلماً وعدواناً من بعد ما اعطيتهم الايمان المغلّظة و المواثيق المؤكّدة ، جراة ً علي الله واستخفافاً بعهده .

اولست قاتل عمرو بن الحمق الخزاعي صاحب رسول الله (ص) العبد الصالح الذي ابلته العباده فنحل جسمه واصفرّ لونه ؟ فقتلته بعد ما امّنته واعطيته ما لو فهمته العصم لنزلت من رؤوس الجبال .

اولست بمدّعي زياد بن سمية المولود علي فراش عبيد ثقيف ، فزعمت انه ابن ابيك ؟ وقد قال رسول الله(ص): «الولد للفراش وللعاهر الحجر» فتركت سنّة رسول الله (ص) تعمّداً، وتبعت هواك بغير هدي ً من الله، ثم سلّطته علي اهل الإسلام يقتلهم و يقطع ايديهم وارجلهم ويسمل ُ اعينهم ويصلبهم علي جذوع النخل ، كانّك لست من هذه الاُمّة وليسوا منك .

اولست قاتل الحضرمي الذي كتب فيه إليك زياد انّه علي دين علي «كرّم الله وجهه فكتبت إليه ان اقتل كل ّ من كان علي دين علي ّ؟ فقتلهم ومثّل بهم بامرك ، و دين علي ّ هو دين ابن عمّه (ص) الذي اجلسك مجلسك الذي انت فيه ، ولولا ذلك لكان شرفك و شرف آبائك تجشّم الرحلتين رحلة الشتاء ورحلة الصيف .

وقلت فيما قلت : اُنظر لنفسك ودينك ولاُمّة محمد (ص) و اتّق شق ّ عصا هذه الاُمّة و ان تردّهم إلي فتنة ٍ، وإني لا اعلم فتنة ً اعظم علي هذه الاُمّة من ولايتك عليها، ولااعظم لنفسي ولديني ولاُمّة محمد (ص) افضل من ان اُجاهرك ؛ فإن فعلت فإنه قربة إلي الله، و إن تركته فإنّي استغفر الله لديني واساله توفيقه لإرشاد امري .

وقلت فيما قلت : إنّي إن انكرتك تنكرني ، وإن اكدك تكدني ، فكدني ما بدا لك ،فإنّي ارجو ان لا يضرّني كيدك ، وان لا يكون علي احدٍ اضرّ منه علي نفسك ، لانّك قدركبت جهلك و تحرّصت علي نقض عهدك ، ولعمري ما وفيت بشرط ٍ، ولقد نقضت عهدك بقتل هؤلاء النفر الذين قتلتهم بعد الصلح والايمان والعهود و المواثيق ، فقتلتهم من غير ان يكونوا قاتلوا او قُتلوا، ولم تفعل ذلك بهم إلاّ لذكرهم فضلنا و تعظيمهم حقّنا، مخافة امرٍ لعلّك إن لم تقتلهم مُت ّ قبل ان يفعلوا، او ماتوا قبل ان يدركوا.