بازگشت

اشاره من عالم الغيب


في اجواء تامّلات عميقة في ما يمكن ان يُكتب اليوم عن سيّدالشهداء (ع) ، وفي استغراق اكثر عمقاً لعصرٍ يمكن ان يُسمّي عصرالاستشهاد من جهة ، وعصر اُفول القيم من جهة اُخري، وضمن إحساس ٍ ملح ّ بضرورة استحضار رائد القيم وابي الاحرار الإمام الحسين وإعادة قرائته من جديد، استوقفتني إشارة مهمة كانت اسستوقفت الدكتور احمدراسم النفيس في كتابه (علي خطي الحسين ) كما استوقفت كثيرين قبله ، ورحت ُ استظهر ما سعي ويسعي لاستظهاره الطبيب المصري المذكور، وحرصه علي المزاوجة بين التاريخ والواقع ، والماضي والحاضر، وعالم الغيب وعالم الشهود.

هذه الإشارة ، هي التفسير المعروف للرؤيا المعبّرة التي راهاالنبي (ص) والتي اوردها القران الكريم في قوله تعالي : (وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاك َ إِلاَّ فِتْنَة ً لِّلنَّاس ِ) ، والتي خلاصتها انه (ص) راي بني فلان ينزون علي منبره الشريف نِزو القِردة ، وكيف انه (ص) لم يُرَ ضاحكاً بعد تلك الرؤياحتي توفّاه الله عزّ وجل ّ.

نعم ، كيف يبتسم رسول الله (ص) وهو يري ان اطهر منبرٍ علي وجه الارض يعتليه اقذر إنسان من ابناء الطُلقاء، تعاضده اُمّة شايعت ْ وبايعت ْوتنكّبت ْ لقتال اطهر إنسان ٍ علي وجهها ايضاً، ومع العمد وسبق الإصرار.

هذه هي الرؤيا ومجمل تفسيرها باختصار شديد، اما فلسفتها، فقداوضحها جل ّ وعلا في محكم كتابه :

(وَلَوْلاَ دَفْع ُ اللّه ِ النَّاس َ بَعْضَهُم بِبَعْض ٍ لَفَسَدَت ِ الاَرْض ُ وَلكِن َّ اللّه َ ذُو فَضْل ٍ عَلَي الْعَالَمِين َ) . و (وَتِلْك َ الاَيَّام ُ نُدَاوِلُهَا بَيْن َ النَّاس ِ) و (فَلَيَعْلَمَن َّ اللَّه ُ الَّذِين َ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَن َّ الْكَاذِبِين َ) .

ومن هذه الرؤيا وهذه الفكرة الفلسفية ، نقرا ماضي الحسين (ع) وواقعنا المرّ، ونحاول ان نتبيّن كيف يبتلي الله سبحانه وتعالي عباده ليميّزالخبيث من الطيّب ، فيختار للدنيا من تكالب او تهالك عليها، ويختارللاخرة من تسامي علي حطام الاُولي ووحْلها وطينها وبكامل الحرية والاختيار:

(فَمَن ْ كَان َ يُريدُ حرث َ الدُّنيا نُؤتِه مِنْها) ولكن (ومالَه ُ في الاخرة ِ مِن نَصيب ) و ( مَن كَان َ يُرِيدُ حَرْث َ الاْخِرَة ِ نَزِدْ لَه ُ فِي حَرْثِه ِ) .

والدنيا، باختصار ايضاً، دار فتنة ، فمن ارادها اغْرته ومن ترفّع عليها نكبته ، وهذه هي سنّته سبحانه : (فَلَن تَجِدَ لِسُنَّة ِ اللَّه ِ تَبْدِيلاً) (وَلَن تَجِدَ لِسُنَّة ِاللَّه ِ تَبْدِيلاً) .

هذه إشارة عابرة من عالم الغيب ، وإشارة عابرة علي واقع لابدّ ان نحياه ، رضينا ام ابينا، اما دورنا في التمهيد للفتنة ـ والعياذ بالله ـ وتحاشي الانزلاق في اختباراتها الصعبة ، فمع إشارة اُخري وضعها السيّد الشهيد الصدر الاوّل (رضوان الله عليه ) تحت عنوان :