بازگشت

عود علي بدء


الزيارة:[ اَللّـهُمَّ اِنَّ هذا يَوْمٌ تَبَرَّكَتْ بِهِ بَنُو اُمَيَّةَ وَابْنُ آكِلَةِ الاَْكبادِ اللَّعينُ ابْنُ اللَّعينِ عَلي لِسانِكَ وَلِسانِ نَبِيِّكَ (صلي الله عليه وآله) في كُلِّ مَوْطِن وَمَوْقِف وَقَفَ فيهِ نَبِيُّكَ (صلي الله عليه وآله) ].

الشرح:يعودالزائرإلي ذكريوم عاشوراء،لأنّه محورالزيارةوعنوانها، وهو اليوم العظيم الذي يتفجّرألماًوحزناً ومصاباًفي قلوب أهل البيت(عليهم السلام)وشيعتهم كما قال الإمام الرضا(عليه السلام):«إنّ يوم الحسين أقرح جفوننا وأسبل دموعنا وأذلّ عزيزنا...» [1] .

والأنكي والأعظم، أنّ هذا اليوم يتّخذه بنو اُميّة وشيعتهم أعداءُ الله يومَ بركة وسرور، وعيداً يتباشرون به بقتل الحسين (عليه السلام).

فما أبعد ما بينَ اُولئك وهؤلاء؟

إنّ الذي أصابه الحزن والأسي في يوم الحسين (عليه السلام) إنّما هو جدّه وأبوه واُمّه وأخوه والأئمّة الأطهار والصحابة الأبرار والتابعون الأخيار والمؤمنون في جميع الأزمان والأقطار، منذ خلق الله الخلق إلي يوم يؤخذ بالثار.

فكيف يدّعي من يتبرّك بهذا اليوم ويتّخذه عيداً ويوم فرح وسرور، كيف يدّعي أنّه مسلم يوالي رسول الله (صلي الله عليه وآله)؟

وكان من عنادهم لرسول الله (صلي الله عليه وآله) ومخالفتهم لسنّته وسيرته أنّه كان يعلن حزنه علي الحسين (عليه السلام) ويبكي عليه ويتبرّأ من قتلته وظلمته ويلعنهم في المواقف والمشاهد، وقد أعلن عن يوم عاشوراء يوماً مقدّساً ـ كما كان عند الأديان السابقة ـ يأمر بصومه، وحتّي يأمر المسلمين أن يصوّموا الأطفال فيه، تذكيراً بما جري علي الحسين (عليه السلام) وعياله وأطفاله من الجوع والعطش والبلاء! وليكون مواساةً لهؤلاء النبلاء!

فجاء بنو اُميّة بعكس ما قام به الرسول (صلي الله عليه وآله) وقلبوا يوم عاشوراء إلي عيد وفرح وسرور، ووضعوا في ذلك الأحاديث المكذوبة زوراً وبهتاناً، وحاولوا إحداث مناسبات تقتضي البشري والسرور مثل تخزين الطعام لمجموع أيّام السنة، ولبس الجديد وإظهار الزينة وغير ذلك ممّا يناسب الأفراح عناداً لرسول الله (صلي الله عليه وآله)وشماتة بآل محمّد (عليهم السلام) لما جري عليهم في كربلاء وعاشوراء.

وهم مع ذلك، قد خالفوا حتّي أعراف الجاهلية في تحريم شهر المحرّم الحرام قال الإمام الرضا (عليه السلام): «إنّ شهر المحرّم كان أهل الجاهلية في ما مضي يعظّمونه ويحترمونه ويحرّمون فيه الظلم والقتال لحرمته، لكن هذه الاُمّة ما عرفت حرمة شهرها، ولا حرمة نبيّها، فقتلوا فيه ذرّيته وسَبوا فيه نساءه من بلد إلي بلد» [2] .

والقائم بالجريمة في ذلك اليوم هو يزيد بن معاوية وابن هند آكلة الأكباد التي حرّضت عبدها «وحشي» علي قتل رسول الله (صلي الله عليه وآله) أو أمير المؤمنين علي (عليه السلام)أو حمزة عمّ الرسول، فقتل حمزة في معركة «اُحد» رماه بحربة فأصابته، فجائت إليه هند لعنة الله عليها فشقّت صدره، وقطعت اُذنه وأنفه وأصابعه، فصنعت من أعضائه قلادة تقلّدتها، وأخرجت كبده فلاكتْه بأسنانها فلم تتمكّن من عظّه لأنّ الله جعله صلباً عليها، فسمّيت «آكلة الأكباد» لقبح ما صنعتْ، ممّا لم يسبق لها مثيل في تاريخ البشر.

ومن نسلها كان يزيد الذي فتك بالحسين وآله في يوم عاشوراء فقطّعهم إرباً إرباً.

وأمّا اُمّ يزيد، فمن نصاري العرب، وكانت تربيته علي يد نصرانيّ، فعاش بين النصاري ومقرّهم الشام ـ بين شُرب الخمور ولعب القمار وتربية الكلاب وفي أحضان الغانيات والفواحش، حتّي هيّأ له أبوه معاوية دسّت الخلافة وكرسيّ الحكم، وسلّطه علي اُمّة الإسلام، لينتقم من النبي وآله ما فعله بأصنامهم في مكّة، وكانت عاشوراء يوماً تمكّن فيه من الإنتقام.

إنّ يزيد بن معاوية حكم ثلاث سنوات، وارتكب في كلّ منها جريمة نكراء:

ففي العام الأول: ارتكب فاجعة كربلاء، وإحداث عاشوراء.

وفي العام الثاني: ارتكب مجزرة الحرّة الرهيبة، حيث قتل في مدينة رسول الله (صلي الله عليه وآله) ما بقي من الصحابة وأولادهم وذراريهم وفتك بهم شرّ فتكة، حيث انتقضوا عليه بقيادة عبدالله بن حنظلة غسيل الملائكة، فبعث إليهم مسلم ابن عقبة ـ الذي سُمّي مسرفاً ـ فأباح المدينة ثلاثاً، استحلّوا فيها كلّ حرمة لله، وقتلوا الفاً وسبعمائة من أولاد المهاجرين والأنصار، وعشرة آلاف شخص من عامّة الناس وسبعمائة من حفظة القرآن، ودخلت خيول الجيش الاُموي باحة المسجد النبوي حتّي راثت فيه، ثمّ جمع الناس وأجبرهم علي البيعة ليزيد علي أنّهم خَوَلٌ وعبيدٌ له، ومَنْ يرفض فمصيره الموت.

وفي العام الثالث: حرق الكعبة المعظّمة، في مقاومة عبدالله بن الزبير الذي تحصّن بالحرم المكّي الشريف، فرماه جيش الشام بالمنجنيق الحامل للنار، كلّ ذلك بقيادة الحصين بن نُمير، وهو أوّل اعتداء صارخ علي الكعبة الشريفة في الإسلام، بل في تاريخ الكعبة بعد اعتداء أصحاب الفيل، وقد استحقّ يزيد اللعنة:

فهو ملعون علي لسان القرآن، حيث قال الله تعالي: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) [3] .

ويزيد قد قام بقتل سيّد المؤمنين (عليه السلام) وإمام المسلمين، وقام بقتل المؤمنين من آل النبي ومن غيرهم من أشراف الناس في عصرهم ومصرهم.

فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.

وهو الملعون علي لسان النبي (صلي الله عليه وآله)، قالت صفيّة عمّة الرسول (صلي الله عليه وآله): عندما ولد الحسين (عليه السلام) قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): «لعن الله قوماً هم قاتلوك، يابني» قالت: فقلت: فداك أبي واُمّي ومن يقتله؟

قال (صلي الله عليه وآله): «بقيّة الفئة الباغية من بني اُميّة لعنهم الله» [4] .

والرسول (صلي الله عليه وآله) وهو محتضر احتضن الحسين إلي صدره وقال: «ما لي وليزيد، لا بارك الله فيه، اللهمّ العن يزيد، أما إنّ لي ولقاتلك مقاماً بين يدي الله» [5] .


پاورقي

[1] کامل الزيارات.

[2] وقد مضي في البحث الأوّل من هذا الکتاب کلام من هذا فراجع.

[3] سورة النساء (4): الآية (93).

[4] بحار الأنوار (43/243).

[5] بحار الأنوار (44/269).