بازگشت

استجلاب النوال من الله


الزيارة[ اَللّـهُمَّ اجْعَلْني في مَقامي هذا مِمَّنْ تَنالُهُ مِنْكَ صَلَواتٌ وَرَحْمَةٌ وَمَغْفِرَةٌ ].

الشرح: «المقام» هنا هو مقام الزيارة، من حيث ما له من الخصوصية وما وضع له من الأجر والثواب، وما فيه من القرب المعنوي إلي الله تعالي بوسيلة الحسين (عليه السلام) والقرب منه ومن مشهده ومضجعه وكربلائه مكانياً، وبالقرب من عاشوراء زمانياً، فكلمة «المقام» تطوي المسافات الجغرافية وتطوي القرون والأعوام من التاريخ، لتوقف الزائر هذا الموقف العظيم، لا بل لتعطيه «الإقامة» فيه، بما في الكلمة من معني الاستمرار والدوام الذي يوحي الثبات بقدم صدق، كما توحي كلمة «المقام» القيام والنهضة والثورة أو الجهاد وبذل الجهود من أجل تخليد الحسين (عليه السلام) وأهدافه الإلهية العظيمة.

إنّ من يعيش بنفسه هذا المقام الجغرافي، التاريخي، الجهادي، بثبات قدم وصدق نيّة إنّه يستحقّ ـ بلا ريب ـ أن تناله من الله صلوات ورحمة ومغفرة.

إنّ للمكان، والزمان، والحالة أثراً عميقاً في معنوية الإنسان، ولذا جعل الله بيوتاً «يذكر فيها اسم الله» هي: المساجد، والمشاهد، والحرم، وجعل أزمنة وعدّها من «أيّام الله» هي: الأسحار، والأعياد، وأيّام الجمعة، وليالي القدر، وجعل حالات للناس «يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلي جنوبهم» و «المنكسرة قلوبهم» وعند نزول الدمعة، جعل كلّ ذلك تحديداً وتأكيداً علي استجابة الدعاء وأداء حقّ العبادة، ولا ريب أنّ الحائر في كربلاء الحسين (عليه السلام)وعاشوراء يوم الحسين (عليه السلام)، والجهاد حقّ الجهاد كما فعل الحسين، من أفضل الأمكنة والأزمنة والحالات التي يستجيب الله فيها للمؤمن، لأنّ الزائر إذا اجتمعت له هذه الاُمور ـ وهي مجتمعة في زيارة عاشوراء ـ يكون في أسمي مواقع الدعاء، إذ هو أقرب شيء إلي مقام قدس الربّ ببركة الحسين (عليه السلام)وبواسطته ووسيلته التي هي أنجح وأنجع وأوصل وأقرب الوسائل إلي الله تعالي.

فحقّ له أن يكون ممّن تناله الصلوات والرحمة والمغفرة، وهي الخصال التي وضعها الله للزائرين والداعين لحضرته:

فجعل لمن صبر علي المصيبة في قوله تعالي: (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا للهِِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ) [1] .

والزائر السائل لهذه الاُمور والواقف هذا المقام، لابدّ أن يُهيّأ نفسه لتحمّل هذه الاُمور، ويُهيّأ أدواته لحمل هذه الطلبات التي يسألها.

وقد هيّأ نفسه لما تحمّل أعباء زيارة الحسين (عليه السلام) وواساه بالحزن العميق الذي يتفجّر من زيارة عاشوراء، ومن لسان الزائر كألفاظ، ومن عينه كدموع، ولابدّ أن يخلط عظمه ومخّه، وقلبه، فيخضع له كلّ جوارحه.

ولابدّ أن يُهَيِّأ نفسه للرحمة، وأسبابها:

1 ـ طاعة الله والرسول والأئمّة (عليهم السلام)، قال الله تعالي: (أَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [2] .

2 ـ العمل بالقرآن واتّباعه: قال الله تعالي: (َهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [3] .

3 ـ الالتزام بالرابطة الأخوية بين المسلمين: قال الله تعالي: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [4] .


پاورقي

[1] سورة البقرة (2): الآية (156).

[2] سورة آل عمران (3): الآية (132).

[3] سورة الأنعام (6): الآية (155).

[4] سورة الحجرات (49): الآية (10).