بازگشت

الامامة و شؤونها


الإمامة رئاسة إلهيّة عامّة في اُمور الدين والدنيا، وهي من اُصول الدين عند الشيعة بعد التوحيد والعدل والنبوّة وخامسها المعاد، وهي استمرار لوظائف النبي، سوي النبوّة التي تعني تحمّل الوحي من الله تعالي، فكلّ ما في النبوّة من شروط وما عليها من واجبات فهي مفروضة في الإمامة، سوي تلقّي الوحي المباشر.

وهذا هو مدلول قول الرسول (صلي الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): «أنت منّي بمنزلة هارون من موسي، إلاّ أنّه لا نبيَّ بعدي» [1] .

فكما أنّ النبي (صلي الله عليه وآله) كان ـ بعد تلقّيه الوحي ـ يقوم:

1 ـ بتفسير آيات القرآن الكريم، ويبيّنها.

2 ـ ويبيّن الأحكام الشرعية في كافّة الموضوعات.

3 ـ ويدافع عن الحقّ وهو الإسلام بالبراهين، ويردّ علي التساؤلات والتشكيكات التي يُثيرها الأعداء.

4 ـ ويُحافظ علي كيان الاُمّة الفكري والاجتماعي والاقتصادي، بالصيانة عن التحريف والانحراف والتزوير والدسّ، باتّخاذ المواقف الصائبة المدعومة بالمنطق والدليل، ويشمل هذا حال الاُمّة مستقبلا أيضاً، باذلا كلّ جهده في سبيل هذه الاُمور.

فكذلك كان الأئمّة (عليهم السلام) يقومون بهذه الأعمال ويحقّقون أهدافها ببذل ما أمكنهم من الجهود إلي حدّ التضحيات الكبري بالنفس والنفيس فالإمامة ملأت نفس الفراغ الذي ملأته النبوّة، واحتلّت مكانها المقدّس، وأدّت دورها العظيم.

وقد اشترط الشيعة الإمامية في الإمام شروطاً:

منها النصّ، لعدم معرفة الصالح لها إلاّ من قبل الله ورسوله، وهذا كالنبي الذي لا يتعيّن إلاّ من قبل الله وبالإعجاز الذي معه ولو كان بالنصّ علي نبوّته من قبل أنبياء سابقين، فكذلك الإمام لا يتحدّد إلاّ بذلك.

2 ـ العلم، لأنّه يكون مرشداً للاُمّة ولا يمكن أن يرشد الجاهلُ غيره، فضلا عن أن يرشد الأعلمَ منه، فيجب أن يكون الإمام أعلم من غيره.

3 ـ العصمة، لأنّه يريد أن يقود الاُمّة، ولو كان مذنباً أو عامّياً لا يؤمَن علي هذا المنصب المقدّس، فيخشي أن يُضلّ أو يطغي ويفسد في الأرض، وحاش لله أن يوجب طاعة عاص ضالّ مضلّ، فلا يكون قدوة للاُمّة يتّبعونه. وينقادون لأوامره إلاّ إذا كان معصوماً عن الذنب والخطأ.

4 ـ الأفضلية علي غيره، في جميع صفات الكمال والجمال والأخلاق الفاضلة، حتّي يكون محلا للتأسّي والاقتداء، وحتّي ترغب الاُمّة فيه ولا تنفر منه، ومن ذلك تدبير الاُمور بالعقل والحكمة، واتّباع السياسة التي يقتضيها عصره.

انّ الزائر بعد معرفته بالإمام بهذه الصورة، يستحقّ أن يكون مع هذا الإمام ويعيش في ظلّ حكومته وقيادته، فلابدّ أن يهيّيء نفسه لمثل هذه المعيّة الشريفة المقدّسة، وهي علي مراتب:


پاورقي

[1] حديث متواتر متّفق عليه بين المسلمين.