بازگشت

العلم يفرض التوسل


فإنّ الإنسان مركّب من قسمين: الطبيعة والفطرة، والطبيعة فيه تدعوه إلي الأرض والمادّة، والغرائز، والفطرة تدفعه إلي العروج الروحي والتنزّه عن المادّيات.

ومن ناحية اُخري فإنّ رشد الإنسان وتكامله الروحي لا يمكن إلاّ بالانفلات من قيود المادّة، والتخلّص من جاذبيّاتها، لكي يسهل له العروج الروحي والصعود إلي الملأ الأعلي، ولكن هذا يحتاج إلي وسيلة، فلا يمكن الحركة نحو الأعلي والارتفاع من حضيض المادّة إلي مجد الروح إلاّ بالصعود علي صهوة المعرفة ومنطاد العرفان ومركب العشق الإلهي، وأن يحدّد ما يقوم به من عملية «العروج» كمّاً وكيفاً ليكون علي بصيرة من أمره، أمّا من حيث الكمّ: فلا حدّ للعروج الروحاني إطلاقاً، فإنّ الله قد فضّله وجعل فيه الاستعداد كذلك.

وأمّا من حيث الكيف، فقد جعل الله الوسائط التي بها يقف علي ذلك ويتعرّف بها علي المراد، وهي الوسيلة المذكورة في القرآن.

قال تعالي: (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَي رَبِّهِمْ الْوَسِيلَةَ) [1] .

وقال تعالي: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [2] .

وفي الآية الأخيرة، جعل الله التقوي شرطاً أساسيّاً للحصول علي الوسيلة، فلا يمكن الظفر بالوسيلة من دون تقوي الله، وهي تجعل من الإنسان الفرد اللائق لأنْ يحصل علي مقام التوسّل والوصول إلي الوسائل الكريمة وهم النبي الأكرم وأهل بيته الأكارم كما قال الله تعالي: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ) [3] .


پاورقي

[1] سورة الإسراء (17): الآية (57).

[2] سورة المائدة (5): الآية (35).

[3] سورة الحجرات (49): الآية (13).