بازگشت

التوجه بالحسين والتوسل به الي الله


الزيارة:[ اَللّـهُمَّ اجْعَلْني عِنْدَكَ وَجيهاً بِالْحُسَيْنِ (عليه السلام) فِي الدُّنْيا وَالاْخِرَةِ ].

الشرح: التوجيه والتوجُّه هو طلب الوجاهة والجاه والتشريف بسبب شخص شريف وجيه.

والتوسّل هو جعل الشخص وسيلة و طريقاً للوصول إلي المطلوب.

فالضعيف ذو الحاجة، إذا طلب حاجةً من القوي والغني وكان عاجزاً عن الوصول إليه أو مستحِيا من مواجهته، أو خائفاً من العقاب أو العتاب، فإنّه لابدّ له من وسيلة يصل بها إلي حاجته من الغنيّ.

والعبد المؤمن هو أحوج ما يكون إلي الله في كلّ شؤونه الخاصّة والعامّة، ولابدّ أنّه يعترف بتقصيره أمام عظمة الله وجلاله، كما أنّ لله أولياء كراماً عليه، وجهاء عنده وقد أمرنا الله تعالي بابتغاء الوسيلة إليه، في قوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [1] .

وكذلك وردت أحاديث شريفة ترشدنا إلي التوجّه والتوسّل بالنبي (صلي الله عليه وآله)في حياته وبعد مماته.

فعن عثمان بن حنيف قال: إنّ رجلا ضريراً، أتي النبي (صلي الله عليه وآله) فقال: ادع الله أن يُعافيني، فقال (صلي الله عليه وآله): «إن شئتَ دعوتُ، وإن شئتَ صبرت، وهو خير؟» قال: فادعه، فأمره (صلي الله عليه وآله) أنْ يتوضّأ فيحسن وضوءه ويصلّي ركعتين ويدعو بهذا الدعاء: «اللهمّ إنّي أسألك وأتوجّه إليك بنبيّك نبيّ الرحمة، يامحمّد إنّي أتوجّه بك إلي ربّي في حاجتي لتقضي، اللهمّ شفّعهُ فيَّ».

قال ابن حنيف: فوالله ما تفرّقنا وطال بنا الحديث حتّي دخل علينا كأن لم يكن به ضُرٌّ» [2] .

وقد صرّح أعلام الحديث بصحّة إسناده، فهو حجّة علي كلّ مسلم، وكما كان ذلك في حياة الرسول (صلي الله عليه وآله) فقد استعمل نفس الشيء الصحابة بعد موت النبي (صلي الله عليه وآله) وفي زمان عثمان [3] .

وفي الحديث الشريف إرشاد وتعليم من الرسول نفسه لاُمّته، كيف يتوسّلون بالنبيّ إلي الله تعالي ويطلبون الوجاهة عند الله بجاه النبي الكريم، فكان سنّة قرّرها وأثبتها.

ولذلك سار المسلمون من بعده علي سيرته، واستّنوا بسنّته، فهم يتوسّلون به إلي الله ويتوجّهون بجاهه عنده.

فهذا عمر بن الخطّاب استسقي بالعبّاس عمّ الرسول (صلي الله عليه وآله) في عام الرمادة، لمّا اشتدّ القحط، فسقاهم الله به، فأخصبت الأرض، فقال عمر: «هذا، والله، الوسيلة إلي الله والمكان منه» [4] .

وقال الإمام الشافعيّ ـ رئيس المذهب ـ:



آل النبي ذريعتي

وهم إليه وسيلتي



أرجو بهم اُعطي غداً

بيدي اليمين صحيفتي



وبهذا ثبت أنّ التوسّل بالأنبياء والأولياء، وخصوصاً نبيّنا خاتم الرسل محمّد، وبآله الأطهار الأئمّة الأبرار صلوات الله عليهم، عمل إسلامي جاء به الكتاب، وجاءت به السنّة، وقامت عليه سيرة المسلمين.

فما يظهره بعض المدّعين للعلم من كون التوسّل بغير الله، شركاً أو بدعة، إنّما هو مخالف للحقّ، مع أنّه مخالف لإجماع المسلمين علي العمل بما أمر الله به ورسوله، علي مدي القرون، وفي كلّ البقاع، فليس ظاهرة جديدة أو غريبة، بل هو متعارف عليه منذ فجر الإسلام وحتّي اليوم.


پاورقي

[1] سورة المائدة (5): الآية (35).

[2] رواه الترمذي في الجامع الصحيح (السنن) کتاب الدعوات (ح3578)، وسنن ابن ماجه (1/441) رقم 1385، والمعجم الکبير للطبراني (9/19) و مستدرک الحاکم (1/313 و519) وصحّحه ووافقه الذهبي، وفي اُسد الغابة (3/557)، و دلائل النبوّة للبيهقي (6/166)، فراجع شفاء السقام للسبکي (ص30) ورفع المنارة لمحمود الممدوح (ص122 ـ 146).

[3] لاحظ المعجم الکبير للطبراني (9/17) رقم 8311 والمعجم الصغير (1/183) وصحّحه المعلّق والحاکم في المستدرک (1/526) والبيهقي في دلائل النبوّة (6/167) وصحّحوه، وانظر شفاء السقام للسبکي (ص303 ـ 305).

[4] نقله ابن الأثير الجزري عن صحيح البخاري.