بازگشت

حكم التبرك


ويُحاول بعض أهل الباطل: أنْ يشكّك في حلّية التبرّك والاستشفاء بغير الله، ويجعلون التبرّك بالتربة الحسينية ـ مثلا ـ شركاً بالله؟

وهذا زعم فاسد وقول باطل، وذلك:

1 ـ إنّ التبرّك بما يرتبط بالنبي (صلي الله عليه وآله) والأئمّة المعصومين (عليهم السلام)، وكذلك الأولياء والشهداء والعلماء، إنّما هو في الحقيقة تبرّك بالله وقدرته وكرامته التي وضعها في هؤلاء وعندهم، لكونهم في سبيله وعلي هديه، ولم يكن التبرّك بهم بكونهم أنداداً لله، والعياذ بالله، بل هم عبادٌ مكرمون من قبل الله، وكرامتهم لأجل عبوديتهم المخلصة لله تعالي، فلا يخرج ما عندهم عن إطار ما عنده تعالي.

فالتبرّك بهم بهذه النيّة نوع من عبادة الله والشكر لنعمائه عليهم وعلينا بأن جعلهم في الأرض قدوة ولنا اُسوة صالحة، تتمّ بهم الحجّة علي الخلق.

2 ـ لقد قام بالتبرّك الأنبياء والأئمّة بما يدلّ علي مشروعيته وصلاحه وحلّيته، فقد جاء في القرآن الكريم قوله تعالي عن لسان يوسف: (اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَي وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً) [1] .

وقال تعالي: (فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَي وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً) [2] .

فالتبرّك بقميص يوسف، وجعله وسيلة لشفاء النبي يعقوب (عليه السلام) أمر قد تحقّق وأخبرت الآية الصادقة عنه، فهو حقّ وصدق، وليس ذلك إلاّ لما جعله الله في قميص يوسف من الشفاء، وكذلك قد جعل في تربة الحسين (عليه السلام) شفاء، لما قدّمه لله تعالي من تضحية وفداء.

3 ـ إنّ سيرة المسلمين قائمة علي التبرّك بالنبي (صلي الله عليه وآله) وما يتعلّق به وبالأئمّة (عليهم السلام)والأولياء والسادة والصلحاء والشهداء ومقاماتهم، منذ عصر الصحابة وحتّي اليوم، وهذه السيرة العامّة المتّصلة حجّة شرعية بلا ريب، وإلاّ لكان جميع ملّة الإسلام علي خطأ، وهذا أمر مستحيل.

وقد قام بالتبرّك كبار صحابة النبي (صلي الله عليه وآله) وغيرهم ممّن عاشره ورآه، مثل أهل مكّة عام الفتح، فلمّا افتتحها الرسول (صلي الله عليه وآله) جعل أهل مكّة يأتون إلي النبي بصبيانهم ليمسح علي رؤوسهم ويدعو لهم بالبركة [3] .

وروي البخاري: خرج علينا رسول الله (صلي الله عليه وآله) بالهاجرة فاُتي بوَضوء فتوضّأ فجعل الناس يأخذون من فضل وضوئه ويتمسّحون به [4] .

وكذلك تبرّك الصحابة بشعر الرسول (صلي الله عليه وآله) وبدمه، وبثيابه، وبمسّ جسده الشريف، وكذلك يتبرّكون بالإناء الذي يشرب فيه، وقال أبو بردة: قال لي عبدالله ابن سلام: ألا أسقيك في قدح شرب النبيّ فيه؟ [5] .

فكان عبدالله يحتفظ بذلك القدح المنسوب إليه (صلي الله عليه وآله) تبرّكاً به، ودعا أبا بردة للتبرّك به، ولو لم يكن بهذا الغرض، فلم يكن للسؤال محلٌّ ولا معني.


پاورقي

[1] سورة يوسف (12)، الآية (92).

[2] سورة يوسف (12)، الآية (93).

[3] الإصابة لابن حجر (3/631).

[4] صحيح البخاري (10/59).

[5] صحيح البخاري (7/147).