بازگشت

المصيبة عند سكان السماء


الزيارة:[ وَجَلَّتْ وَعَظُمَتْ مُصيبَتُكَ فِي السَّمواتِ عَلي جَميعِ اَهْلِ السَّمواتِ ].

الشرح: من عظمة المصيبة في يوم الحسين (عليه السلام) هو: أنّ جميع الموجودات قد تأثّرت لها، وأعلن عن حزنها بشكل وآخر.

لقد دلّت النصوص علي أنّ مصيبة الحسين (عليه السلام) لم تكن علي أهل الأرض فقط، بل أهل السموات كذلك، وذلك لأنّ الإمام هو الإنسان الكامل علي وجه الأرض، وإمامته علي جميع الموجودات في الأرض وفي السماء، فتشمل الملائكة والجنّ.

وكذلك عمّ الحزن علي مصابه جميع اُولئك.

قال الصادق (عليه السلام) «ما لكم لا تأتونه ـ أي قبر الحسين (عليه السلام) ـ فإنّ أربعة آلاف مَلَك يبكون عند قبره إلي يوم القيامة» [1] .

وقال (عليه السلام): «إنّ أربعة آلاف مَلَك هبطوا يريدون القتال مع الحسين بن علي (عليه السلام) لم يؤذن لهم في القتال، فرجعوا في الاستئذان فهبطوا وقد قتل الحسين (عليه السلام)، فهم عند قبره شُعْثٌ، غُبْرٌ، يبكونه إلي يوم القيامة» [2] .

وهؤلاء هبطوا عند سماعهم لنداء الحسين (عليه السلام): «هل من ناصر ينصرني هل من معين يعينني، هل من ذابٍّ يَذُبُّ عن حرم رسول الله» [3] .

ولكن الإمام (عليه السلام) رفض مساعدتهم رحمة لقومه من الهلاك.

ولا يرتاب المسلم في نصرة الملائكة للمجاهدين، لورود ذلك في القرآن في قوله تعالي: (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْف مِنْ الْمَلاَئِكَةِ مُرْدِفِينَ) [4] .

وليس فقط أهل السماء وأهل الأرض، بكوا علي الحسين (عليه السلام) بل نفس السماء والأرض بكتا عليه.

قال أمير المؤمنين (عليه السلام) ـ وقد رأي الحسين (عليه السلام) يخرج من باب المسجد ـ: «أما إنّ هذا سيقتل وتبكي عليه السماء والأرض».

وقال الصادق (عليه السلام): «بكت السماء علي الحسين بن علي، وعلي يحيي ابن زكريا، وحمرتها بكاؤها».

وقد ثبت من خلال الوحي أنّ الموجودات كلّها تملك الادراك والشعور بعد قابلياتها المعدّدة فيها، وجاء في القرآن قوله تعالي: (وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ) [5] .

وقال تعالي: (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالاَْرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْء إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لاَ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً) [6] .

وقال تعالي: (وَللهِِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الاَْرْضِ مِنْ دَابَّة وَالْمَلاَئِكَةُ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ) [7] .

وقال تعالي: (وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ) [8] .

وعن الصادق (عليه السلام): «إذا مات المؤمن بكت عليه بقاع الأرض التي كان يعبد الله عزّوجلّ، والباب الذي كان يصعد منه عمله، وموضع سجوده» [9] .

وسأل أبو كهمس أبا عبدالله (عليه السلام) فقال: يصلّي الرجل في موضع أو يفرّقها؟

قال (عليه السلام): بل هاهنا وهاهنا، فإنّها تشهد له يوم القيامة.

و عن الصادق (عليه السلام): يازرارة، إنّ السماء بكت علي الحسين أربعين صباحاً بالدم، وإنّ الأرض بكت أربعين صباحاً بالسواد، وإنّ الشمس بكت أربعين صباحاً بالكسوف والحمرة وإنّ الجبال تقطّعت وانتثرت وانّ البحار تفجّرت، وانّ الملائكة بكت أربعين صباحاً علي الحسين (عليه السلام)» [10] .

و قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): «و يستشهد البقاع والشهور علي أعمال العباد، فمن عمل صالحاً شهدت له جوارحه وبقاعه و شهوره وأعوامه وساعاته وأيّامه ولياليه وليالي الجمع وساعاتها وأيّامها، فيسعد بذلك سعادة الأبد» [11] .

إذن فكلّ موجود حسب درجته الوجودية، يمتلك درجة من العلم والإدراك، ومن ذلك الأرض والسماء، حتّي ورد أنّ الأرض تشعر بمن يسير عليها، فتفرح من خطوات المؤمن عليها، وتتألّم من خطوات الكافر والمذنب عليها.

فالبكاء في اللغة معناه: إظهار الحزن والغمّ. ويكون إظهار الحزن والغمّ عند كلّ موجود بما يناسب طبيعته الوجوديّة.

فبكاء الإنسان بالدموع، وبكاء السماء بالاحمرار والأرض بالكمود والاسوداد، وبكاء السمك بخروجه من الماء، وبكاء الشمس كسوفها وبكاء القمر خسوفه، ورد كلّ ذلك في الروايات، كما ورد فيها بكاء الحيوانات ونوحها، وأنّ البومة كانت تألف الناس، فلمّا قتل الحسين (عليه السلام) خرجت من العمران إلي الخراب وقالت: «فبئس الاُمّة أنتم، قتلتم ابن بنت نبيّكم ولا آمنكم علي نفسي» [12] .


پاورقي

[1] بحار الأنوار (ج45 ص222).

[2] بحار الأنوار (ج45 ص222).

[3] بحار الأنوار (ج45 ص222).

[4] سورة الأنفال (8)، الآية (9).

[5] سورة الأنبياء (21)، الآية (79).

[6] سورة الإسراء (17)، الآية (44).

[7] سورة النحل (16)، الآية (49).

[8] سورة الرحمن (55)، الآية (6).

[9] من لا يحضره الفقيه (1/139).

[10] بحار الأنوار (45/206).

[11] بحار الأنوار (7/315).

[12] بحار الأنوار (45/214).