بازگشت

السر في استمرار البكاء علي الحسين


وأمّا استمرار البكاء علي الحسين (عليه السلام)، وعدم انقطاع ذلك طوال القرون والأعوام، بينما كلّ عظيم فذكره ينقطع ويخمد مع الزمن؟!

فالجواب عن ذلك:

أوّلا: إنّ الحسين (عليه السلام) لا يُقاس به أيّ عظيم آخر ـ بعد جدّه المصطفي وأبيه المرتضي واُمّه فاطمة الزهراء ـ فقد جمع بين الانتساب العضوي إلي هؤلاء الكرام، وبين الانتساب المعنوي إلي هؤلاء العظماء، ما قد سلف بيانه، مضافاً إلي مكوّناته الخاصّة، وبذلك تميّز بوجوده الشريف.

وثانياً: إنّ الكيفية التي قتل بها الحسين (عليه السلام) لهي فريدة في التاريخ لم يعهد لها مثيل كذلك، فلا يقاس به أحد قبله ولا بعده، حتّي من أهل البيت (عليهم السلام) علي رغم قساوة أعدائهم معهم وتعذيبهم بأشدّ أشكال النكال والعذاب ممّا تقشعّر منه الجلود، وقد ملأت كتب المقاتل بذلك.

وأهمّ نكتة: أنّ الذين قاموا بتلك الجرائم في حقّهم هم من اُمّة جدّه المصطفي وممّن يتّبعون دينه وعقيدته!

فلهذا، كان مصاب الحسين (عليه السلام) وفقده مما لا ينمحي مع استمرار الأيّام:



وفجائع الأيّام تبقي مُدّةً

وتزول، وهي إلي القيامة باقية



الوجه الثالث: إنّ البكاء علي الحسين (عليه السلام) يدلّ علي تأييد الباكي للحسين (عليه السلام) في مواقفه وتصرّفاته في حركته المباركة، وثورته الحقّة ضدّ الحكّام الظلمة، والطواغيت الجبابرة.

وفي ذلك إعلان عن الاستعداد للتضحية في سبيل الأهداف التي ضحّي فيها الحسين وأصحابه، وهو أقوي تصديق للتمنّي الوارد في بعض الزيارات: «ياليتنا كنّا معكم فنفوز فوزاً عظيماً» وتوقيع بالدموع علي قول الزائر: «لبّيك داعيَ الله، إن كان لم يجبك بدني عند استغاثتك، ولساني عند استنصارك، فقد أجابك سمعي وبصري» فهذه العين تدلّ بدموعها علي صدق هذه الدعاوي.

وهل يتصوّر: أنّ إنساناً يسمع بتلك المآسي الجسام العظام التي جرت علي الحسين (عليه السلام) وأصحابه، وهو يدّعي التشيّع له، فلا يتحرّك وجدانه وضميره، ولا يثور علي الظالمين الذين أحدثوا تلك الفجائع؟!

إنّ جفاف العين ـ مع الاطّلاع علي تلك المصائب، لممّا قال رسول الله (صلي الله عليه وآله)في الحديث: «جفاف العيون من قساوة القلوب وما قرب ابن آدم لعقوبة، أشدّ عليه من قساوة القلب».