ومع هذا، فإنّ للحسين (عليه السلام) وأصحابه الذين جاهدوا معه حتّي الشهادة، علي الاُمّة الإسلاميّة حقوقاً لابدّ لأدائها من ذكر الحسين (عليه السلام) في كلّ مناسبة عاشوراء، وهي:

1 ـ حقّ المعاناة والمواساة:

وهو حقّ لكلّ مسلم علي أخيه المسلم، للمشاركة في الإسلام، الذي فرض الله عليه فيه الاُخوّة بقوله تعالي: (إنّما المؤمنون إخوة) وإذا اُصيب الأخ ببعض ما اُصيب به الحسين (عليه السلام) فلابدّ أن يتأثّر الأخ له ويذكر مأساته ويواسيه فيها، فكيف إذا كان المصاب هو الحسين (عليه السلام) نفسه، وهو سبط رسول الله (صلي الله عليه وآله)، وبشدّة ما اُصيب به وعظمه.

2 ـ حقّ الرابطة الإيمانية:

إنّ المؤمن لابدّ أن يحافظ علي دينه، ويفتخر به، ويعتزّ بمن أوصله إليه وهداه إليه، وعلّمه إيّاه، فلذلك كان للرسول الأعظم (صلي الله عليه وآله) حقّ الاُبوّة علي المسلمين، وكذلك لأمير المؤمنين (عليه السلام)، وقد روي في الحديث: «أنا وعلي أبوا هذه الاُمّة» [1] .

والحسين (عليه السلام) بحركته الجهادية ضدّ الاُمويين الذين استهدفوا هذا الدين وأرادوا إبادته، فوقف في وجههم وتحمّل كلّ المصائب العظيمة في نفسه وأهله والصفوة من أصحابه، فصار سدّاً منيعاً دون وصولهم إلي مآربهم، فهو إذن منجي الإسلام من الانهدام، وهو الذي له الفضل في بقائه إلي هذه الأيّام، فتكون له المنّة في كوننا مسلمين نحمل تعاليمه القيّمة، ولولاه لما بقي منه اسم ولا رسم، ولا صلّينا ولا صمنا، كما لولا جدّه وأبيه.

وحقّاً ما قيل: «إنّ الإسلام محمّديّ الوجود، حسينيّ البقاء».

فحقّ علي المسلم أنْ لا ينسي للحسين (عليه السلام) هذا الفضل مهما مرّت عليه الدهور والقرون، ولابدّ أن يذكره ويذكر جهوده ومصيبته كي يكون شاكراً بذكره كما قال تعالي: (وأمّا بنعمة ربّك فحدّث) و «من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق» مع أنّ تعظيم الحسين (عليه السلام) وذكراه، الذي قام لله، إنّما هو شكر لله علي أن تفضّل علي الاُمّة بوجود الحسين (عليه السلام) وأبيه وسائر العترة كما مَنّ علي المسلمين بالقرآن، وجعلهما خليفتين للرسول جدّه، الذي هو أيضاً من أكبر نعم الله علينا.

فتعظيم هؤلاء بإحياء ذكرياتهم في الولادات والوفيات والشهادات وسائر مراسم التكريم، إنّما هو كلّه من تعظيم شعائر الله، ويُعدّ عبادة لله لأنّه من شكر الله الذي هو من أفضل العبادات التي أمرنا الله بها.