بازگشت

الامر بالمعروف والنهي عن المنكر


ولعظمة هذه الفريضة، فإنّ الإسلام أعطي مقاماً رفيعاً للآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر.

فقال رسول الله (صلي الله عليه وآله): «مَنْ أمر بالمعروف ونهي عن المنكر، فهو خليفة الله في أرضه وخليفة رسول الله وخليفة كتابه» [1] .

وقال رسول الله (صلي الله عليه وآله): «ألا اُخبركم عن أقوام ليسوا بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم يوم القيامة الأنبياء والشهداء بمنازلهم من الله علي منابر من نور يُعرفون؟ قالوا: ومن هم يارسول الله؟ قال (صلي الله عليه وآله): الذين يُحبِّبُون عباد الله إلي الله، ويحبّبون الله إلي عباده».

قلنا: هذا حبّبوا الله إلي عباده، فكيف يحبّبون عباد الله إلي الله؟

قال (صلي الله عليه وآله): «يأمرونهم بما يحبّ الله، وينهونهم عمّا يكره الله، فإذا أطاعوهم أحبّهم الله عزّوجلّ» [2] .

وقال الباقر (عليه السلام): «يأتي في آخر الزمان اُناس حمقي لا يوجبون أمراً بمعروف ولا نهياً عن منكر، إلاّ إذا أمِنُوا الضرر، يقبلون علي الصلاة والصيام ممّا لا يكلّفهم شيئاً من أموالهم وأبدانهم، ولو كلّفتهم الصلاة شيئاً في أموالهم وأبدانهم لتركوا الصلاة والصيام، كما تركوا أشرف الأعمال».

وقد أمر الله بالتواصي بالحقّ في قوله: (وَالْعَصْرِ إِنَّ الاِْنسَانَ لَفِي خُسْر إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) [3] .

والأمر بالمعروف هو عين التواصي بالحقّ.

وكذلك جعل سبحانه ترك النهي عن المنكر من أسباب شقاء بعض الاُمم السالفة، فقال: (لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَر فَعَلُوهُ) [4] .

والسرّ في هذا التعظيم والتأكيد: أنّ هذه الفريضة عليها تتوقّف الشريعة، وتقوم بدور المحافظ علي النظام، وبها يضمن تطبيقها ولذا فهي موضوعة علي كلّ مسلم ومسلمة، مهما كانا عليه من المستوي الاجتماعي، فالساكت عن الحقّ شيطان أخرس.

ومن المعلوم الذي لا ريب فيه: أنّ الأنبياء كافّة، والأوصياء جميعاً، والصحابة والعلماء يقومون بهذه الفريضة، كلّ حسب طريقته وطبقاً لإمكاناته، وحسب ظروفهم وأحوالهم، غير أنّ الحسين (عليه السلام) قام بأداء هذا الواجب في عصره، بشكل فريد لم يسبقه إليه سابقٌ ولا يلحقه لاحقٌ، فإنّ كلا من الأنبياء والأوصياء قام بتضحية هي كبيرة في حقّه، ولكن الحسين (عليه السلام) جمع في ما قدّمه جميع أنواع التضحيات، وكانت تضحيته من كلّ نوع الأكبر والأفجع والأصعب.


پاورقي

[1] مجمع البيان في تفسير القرآن (2/807).

[2] مستدرک الوسائل (12/182).

[3] سورة العصر (103): الآيات (1 ـ 3).

[4] سورة المائدة (5): الآية (79).