بازگشت

ثارالله


الزيارة:[ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا ثارَ اللهِ وَابْنَ ثارِهِ وَالْوِتْرَ الْمَوْتُورَ ].

الشرح: الثأر هو: الدمُ، والطلب به [1] .

و «ثار الله» أي الدم المنسوب إلي الله، إكراماً له وتعظيماً، كما يقال «بيت الله».

فالحسين (عليه السلام) بمنزلة الدم المنسوب إلي الله تعالي، وابن ثأره، يعني: إنّ وجود الحسين ووجود أبيه عليّ من قبله، يمثّلان الدم الذي هو عنصر حيويّ في وجود الكائن الحيّ، فما دام يجري في العروق، فالحياة موجودة سارية، وإراقته وانقطاع سيره علامة توقّف الحياة وحلول الموت، فهذه منزلة وجود عليّ والحسين (عليهما السلام)عند الله بالنسبة إلي دينه العظيم وحكمته البالغة.

فإراقة هذا الدم يعني القضاء علي ما أراد الله من الدين، وإبادة الدين والشريعة فلا إسلام ولا تشيّع، وبهذا تكبر الجريمة التي ارتكبها بنو اُميّة بِقتل علي (عليه السلام) في شهر رمضان وبِقتل الحسين (عليه السلام) في عاشوراء.

وإذا كان الدم مضافاً إلي الله ومنسوباً إليه، فهو صاحبه والمطالب به والثائر له، وقد حقّق ذلك بالانتصار لتلك الدماء الطاهرة، وجعل فناء الظالمين من أجلها، وعليها نما غرس الإسلام، وبُني كيانه واستقام عموده، وصلب عوده.

ولقد قدّم علي والحسين (عليهما السلام) أنفسهما فداءً لهذا الدين:

فعليّ (عليه السلام) كانت له المواقف الخالدة في الإسلام، ما لا ينكره أحد.

ومن مواقفه في معركة اُحد، حين سمع النداء من السماء بصوت جبرئيل: «لا سيف إلاّ ذو الفقار ولا فتي إلاّ علي» [2] .

فنصر الإسلام بسيفه هناك، وفي حنين، ويوم الخندق حين بارز عمرو بن وُدّ فقال رسول الله (صلي الله عليه وآله): «برز الإيمان كلّه إلي الشرك كلّه» [3] .

فقد دافع عن دين الله ورسالة الرسول ورفع الكرب عن وجهه (صلي الله عليه وآله).

وكان هو (عليه السلام) يقول: «ولا نزلت برسول الله شدّةٌ، قطّ ولا كربهُ أمرٌ ولا ضيق ولا مستصعبٌ من الأمر، إلاّ قال: أين أخي عليّ؟ أين سيفي؟ أين رمحي؟ أين المفرّج غمّي عن وجهي؟ فيقدّمني فأتقدّم فأفديه بنفسي ويكشف الله بيدي الكرب عن وجهه [4] .

وهكذا الحسين (عليه السلام) جسّد في عاشوراء أروع صور العطاء والجهاد والإخلاص لله تعالي: وهو يقول:



تركتُ الخلق طُرّاً في هواكا

وأيتمتُ العيال لكي أراكا



فلو قطّعتني في الحبّ إِرْباً

لما حَنَّ الفؤاد إلي سواكا



وإذا كان ما تحمّله من أجل الله وفي سبيله، فدمُه المراق محسوب علي الله ومنسوب إليه، والله هو الذي يعاقب عليه ويحاسب وهو الذي يُطالب به ويثأر له.

فمعني الجملة: السلام عليك ياحسين، يادم الله المراق في سبيل إعلاء كلمته فهو لقدسه وحرمته وكرامته، لا يُساوي سائر الدماء المراقة التي يقتصّ لمن يُريقها بغير حقّ.

وإنّما المطالب بدمك هو الله تعالي، أو من ادّخره لذلك، وهو المهدي (عليه السلام)، وقد ورد في دعاء الندبة ـ خطاباً للمهدي (عليه السلام) ـ: «أين الطالب بذحول الأنبياء وأبناء الأنبياء، أين الطالب بدم المقتول بكربلاء» [5] .

وذلك لأنّ الثأر المراق في عاشوراء بكربلاء، ليس دماً شخصيّاً فردياً، حتّي يكتفي بالقصاص من قتلته، يزيد أو شمر، أو عبيدالله.

بل، قد اُريقت به كرامة الدين، وذبحت المكرمات، وعلي حدّ الوزير العبّاسي عبيدالله بن سليمان: إنّ قتل الحسين (عليه السلام) أشدّ ما كان في الإسلام علي المسلمين، لأنّ المسلمين يئسوا بعد قتله من كلّ فَرَج يرتجونه وعدل ينتظرونه [6] .

فليس صاحب هذا الثأر هو المدّعي الخاص، بل هو الحقّ العامّ وصاحبه المدّعي العام، وهو الله، وليّ المؤمنين.

وهكذا يكون الثأر علي أساس الولاية الإلهية المتمثّلة باتّباع الحقّ ونشدان العدالة، وهذا لا يُحدّ بإطار معيّن، أو مكان معيّن، أو زمان معيّن.

وإذا ذكر الزائر هذا الثأر وبهذا الإطار الكبير العامّ، فإنّه يؤكّد علي دخوله في هذا الإطار واستعداده لتحقيق الحقّ المهان والكرامة المهدورة، ويدعو أن يكون «من الطالبين بثأره مع ولده».

كما يدلّ هذا الإعلان، وعند تلاوة الزيارة بشكل منسّق ومستمرّ، علي التزام الزائر بالولاء للإمام (عليه السلام) والاتّباع له والسير علي آثاره وخطاه، في دعم الحقّ وتثبيت دعائمه وأركان الدين وأعمدته.

وكذلك البراءة من الأعداء والابتعاد عنهم، ورفض مناهجهم وأساليب حياتهم وتصرّفاتهم المنافية للعدل والحقّ، والتي هي الباطل الزاهق.


پاورقي

[1] القاموس المحيط (ثأر) ولاحظ شرح زيارة العاشور للکاشاني ص12.

[2] تاريخ الطبري (2/514).

[3] بحار الأنوار (ج20 ص215).

[4] کتاب سليم بن قيس (ص113).

[5] مفاتيح الجنان.

[6] تاريخ أهل البيت (عليهم السلام) ص69هـ.