بازگشت

ماذا يعني سلامنا علي الامام


وإذا كان معني السلام هو الإعلان عن سلامة المخاطب من الآفات والشرور، وبما أنّ الأئمّة (عليهم السلام) في منأي عن الآفات والشرور، ولا يتصوّر أن يتوجّه إليهم شيء يضرّهم، لأنّهم عبادُ الله المكرمون، وأولياؤه المقرّبون، ومظاهر لجمال الله وكماله، فلا يتصوّر إضرار المسلم لهم بشيء؟!

فما معني إعلانه بسلامه عن عدم إضراره؟

والجواب: أنّ معني «السلام» علي الأئمّة (عليهم السلام) هو بمعني التزام المؤمن وتعهّده للأئمّة (عليهم السلام) بأن يبتعد عن جميع ما هو آفة وشرّ وضرر، وأعظم مظهر لذلك هي الذنوب والمعاصي، فهي تؤذي الأئمّة (عليهم السلام) وتزعجهم، لأنّهم إنّما تحمّلوا الضيم والظلم من سلاطين عصورهم، حتّي تعلو كلمة الله في الأرض وتستمرّ أحكامه وتطبّق، ويطاع الله تبارك وتعالي ولا يُعصي..

ومن الطبيعي أنّ ما يصدر من الاُمّة من معاصي الله وأنواع التجرّؤ عليه بترك طاعته، والاتّصاف برذائل الأعمال والأخلاق كالكبر والرياء والعُجب واتّباع الشهوات في المأكل والمشرب والملبس والمسكن، فهي أسباب مباشرة ومؤثّرة لأذيّة الأئمّة (عليهم السلام) وبالسلام عليهم يُعلن المسلم عن التزامه بالابتعاد عن كلّ ما يضرّه ويؤذيه، ولو صدق المسلم في سلامه علي الإمام الحسين (عليه السلام)وجب عليه أن يكون بصدق وإخلاص ملتزماً بالتوبة، ويغسل ذنوبه وآثامِه بدموع الندم والإنابة قبل التوجّه إلي الزيارة، حتّي يكون أهلا للزيارة، والإذن له فيها.

وإذا قال الله تعالي: (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّة فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا) [1] .

فالواجب علي المؤمن أن يردّ مثل ما سمع من التحيّة، أو يجيب عليها بأفضل منها إكراماً للمسلم.

ومن كان أهلا للزيارة، وسلّم علي الأئمّة (عليهم السلام) فلابدّ أنّهم سوف يجيبونه ولا يكتفون بمجرّد ردّها، بل بالأفضل منها والأحسن، لأنّهم أهل الجود والكرم والفضل..

وهنيئاً لمن تلقّي سلام الإمام عليه بالسلامة من الآفات والأضرار والشرور، التي تعمّ الدنيوية منها والاُخروية.

والإمام (عليه السلام) لابُدّ أنْ يردّ الجواب علي سلام المؤمن، وقد ورد في بعض الزيارات قوله: «أشهد أنّك تسمع كلامي وتردّ جوابي».

ولأنّ الجواب من الواجبات الدينية، كما سبق، والإمام هو أحقّ وأولي من يُحافظ عليها ويلتزم بها، لأنّه المكلّف بإحيائها، فهو لابدّ أن يجيب الزائر المسلم عليه بتحيّة الإسلام.

إلاّ أنّ الزائر بحاجة إلي أدوات خاصّة كي يسمع الجواب من الإمام، كما أنّ رؤية النجوم البعيدة، والأجسام الميكروسكوبية بحاجة إلي أدواتها الخاصّة.

فسماع جواب الإمام بحاجة إلي حاسّة السمع الخاصّة وهي الباطنية الروحانية، كما أنّ رؤية النبي موسي (عليه السلام) للنور المتلاليء من جانب الطور كانت بحاسّة البصر الباطنية الروحانية، ولذا لم يره غيره ممّن كان معه، كزوجته، وكذلك أحسّ النبي يعقوب (عليه السلام) ريح يوسف من بُعد شاسع بين مصر وكنعان، بحاسّة الشمّ الباطنية الروحانية، بينما لم يحسّ بها أبناؤه فلذلك كانوا يفنّدونه.

فإنّ بعض الزوّار من أهل المعرفة يسمعون جواب الإمام بحواسّهم الباطنية الروحانية، ويستلذّون به.

أمّا جواب الإمام ـ سمعه الزائر أم لا ـ فهو مؤثّر للسلامة في الدنيا: بالفيض علي الزائر بالعناية الإلهية التي عبّر عنها بالضمان، من قضاء الحوائج والسلامة من الآفات والشرور.

وفي الآخرة: بالشفاعة له يوم الفزع الأكبر، عندما هو أحوج ما يكون إلي شفيع مثل الحسين (عليه السلام).

وهذا ما جاء في زيارة عاشوراء بالذات، كما سيأتي.


پاورقي

[1] سورة النساء (4): الآية (86).