بازگشت

ماذا يعني عاشوراء


قال الله تعالي: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالاَْرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) [1] .

«عاشُوراءُ» اسمٌ لليوم العاشر من شهر محرّم الحرام، أوّل الشهور القَمريّة، وهي حسب التقويم الإسلامي الهجريّ: محرّم الحرام، صفر المظفّر، ربيع الأوّل، ربيع الآخر، جُمادي الاُولي، جُمادي الآخرة، رجب المرجّب، شعبان المعظّم، رمضان المبارك، شوّال المكرّم، ذو القِعدة الحرام، ذو الحجّة الحرام.

و قد سمّي العَرَبُ ـ قبل الإسلام ـ هذه الشهور بأسماءها المذكورة، لمناسبات خاصّة عند وضعها، ثمّ بقيت الأسماء أعلاماً لها.

كما التزموا لأربعة منها حُرْمةً خاصّةً، لتحريمهم فيها الحربَ، والقتال، والغارة، والغزو، وسفك الدم الحرام، ليقوموا فيها باُمور معاشهم من الزراعة والتجارة، وتلبية حاجاتهم الحياتيّة و منها القيام بالاُمور الاجتماعية و إقامة النوادي الأدبيّة، و عقود الصلح، و مجالس الفرح، و ما إلي ذلك.

و قد سرت إليهم تلك الحُرْمة من الأديان السماويّة التي عاشروها.

و لعلّ ذلك من بقايا الحنيفيّة الإبراهيميّة التي خلّفها النبي إبراهيم (عليه السلام) في أرض العرب، وفي مكّة.

والأربعة الأشهر الحُرمُ هي ثلاثةٌ متوالية تسمّي «السَرْدُ» وهي ذو القعدة وذو الحجّة والمحرّم، وواحد منفصلٌ عنها ويُسمّي «الَفرْدُ» وهو شهر رجب.

ولقد أقرّ الإسلام ذلك العُرْف، لما فيه من الكفّ عن الاعتداءات الجاهليّة، وكما جاء في الآية المذكورة في مطلع هذه السطور، فاعتبرها الله (ذلك الدين القيّم) ونهاهم فيها عن «الظلم».

ولكنّ غالبية العرب ارتدّوا عن دين إبراهيم (عليه السلام) وانحرفوا عن تقاليده القيّمة، اتّباعاً للشهوات، وابتداعاً في الدين، ومن ذلك أنّهم اعتدوا علي حُرْمة هذه الأشهر، فكانوا يستبدلون بها غيرها، عندما يجدون الفرصة مهيّأة للغزو والغارة في بعض الأشهر الحُرُم، فيغزون ويُغيرون ويستمرّون في الظلم والتجاوز، ويحرّمون بدلها غيرها من الأشهر، ويُسمّون ذلك «النَسِيء».

وقد حرّم الله تعالي هذا الاستبدال بقوله تعالي: (إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ) [2] .

هذه قضيّة الأشهر الحُرُم، والمحرّم آخر الأشهر السَرْد، كما سبق.

ويمتاز المحرّم من بينها بأنّه اعتُبر في التقويم الإسلاميّ أوّل السنة الهجريّة، كما أنّ اليوم العاشر منه سُمّي باسم خاص هو «عاشوراء».


پاورقي

[1] سورة التوبة (9): الآية (36).

[2] سورة التوبة (9): الآية (37).