بازگشت

تقديم


الحبّ يلعب دوراً هامّاً في حياة الإنسان، وكلّما تزداد المعرفة، يزداد الحبّ والولاء، يقول سيّد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام) في دعاء عرفة: «إلهي علمتُ باختلاف الآثار وتنقّلات الأطوار، أنّ مرادك منّي أن تتعرّف إليّ في كلّ شيء حتّي لا أجهلك في شيء» [1] .

فالإمام الحسين (عليه السلام)، يعلّمنا كيف نحبّ؟ ومن الذي يستحقّ الحبّ؟

الحبّ في الله والبغض في الله يعني إرجاع الحبّ كلّه إلي الله سبحانه، فهو المحبوب الحقيقي ولا محبوب سواه. وهذا النوع من الحبّ يكون مصيره إلي لقاء المحبوب كما هو المعروف في الأخبار: «المرءُ مع من أحبّ» وكذلك قيل: «من أحبّ حجراً حشره الله معه يوم القيامة».

فحبّ الله سبحانه وحبّ أوليائه يعمل المعجزات في حياة الإنسان، وقد يغيّر الإنسان من حال إلي أحسن الحال، ويتلقّي الحبيب آثاره الروحية والمعنوية في هذه الدنيا قبل الآخرة. يقول في ذلك محمّد بن إدريس الشافعي معبّراً عن حبّه وولائه لآل البيت (عليهم السلام):



ياآل بيت رسول الله حبّكم

فرضٌ من الله في القرآن أنزلهُ



كفاكُمُ من عظيم الشّأن أنّكم

من لم يصلِّ عليكم لا صلاة لهُ



وحيث كان اليوم العاشر من المحرّم مسرحاً للبطولات، يتجلّي فيه التضحية والفداء ونسيان الذات في سبيل المحبوب الحقيقي، جائت «زيارة عاشوراء» لتعبّر عن تلك الحوادث المروّعة، وتكشف للقاريء الأبعاد الحقيقية المأساويّة في ذلك اليوم.

وبنتنا العالمة الفاضلة السيّدة اُمّ مهدي التي كرّست نفسها لخدمة الإسلام ونشر معارف أهل البيت (عليهم السلام) وذابت في حبّ الله ومحبّتهم، لمست آثار هذا الحبّ وبركاته في هذه الدنيا.

كانت تلقي كلماتها في جماهير غفيرة من النساء، ومحتوي بحثها: حول «زيارة عاشوراء وبيان مفاهيمها ومعطياتها وآثار قرائتها» في «العشرة الاُولي من المحرّم الحرام عام 1421هـ».

وكان في نيّتها: إهْداء ثواب ذلك الجهد المتواضع من البحث و المحاضرات إلي روح الطاهرة الزكيّة العطرة سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء سلام الله عليها تعبيراً عن ولائها وحبّها العميق لحبيبة رسول الله (صلي الله عليه وآله). وقد تجاوبت الزهراء (عليها السلام)لهذا الولاء والحبّ وعطّرت المجالس بحضورها المعنوي. هذا ما رآه أحد المؤمنين الذين أشهد بتقواه و عرفانه في عالم الرؤيا انّ السيّدة تقول: «إنّني أشكر السيّدة اُمّ مهدي علي إختيارها البحث حول زيارة عاشوراء حيث أنّ البحث حول هذه الزيارة كان متروكاً عند الخطباء وقد أَحْيتْهُ هذه السيّدة، وكنت اُواصل حضور مجالسها يومياً، وأمّا أبي رسول الله (صلي الله عليه وآله) فقد نال رضاه هذا البحث.

إن دلّت هذه الرؤيا علي شيء، إنّما تدلّ علي أهميّة زيارة عاشوراء والبحث حولها، وعلي حبّ خطيبتنا الفاضلة اُمّ مهدي لأجدادها الطاهرين وتجاوبهم (عليهم السلام) معها في تبادل الحبّ وأداء الشكر والتقدير.

والكتاب الذي بين أيديكم هو مجموع تلك البحوث والمحاضرات التي اُلقيت في تلك المجالس، جاءت لتكشف النقاب عن بعض مفاهيم زيارة عاشوراء، وبيان أهدافها.. ومعطياتها.. وبعض آثارها، للقاريء في هذه الدنيا وفي عالم الآخرة.. فكان: «ملاحم الولاء في زيارة العاشوراء».

شكر الله سعيها.. ووفّقها للمزيد من العطاء.. و نشر معارف الأولياء.. صلوات الله عليهم أجمعين. إنّه خير ناصر و معين.

السيّد علي الموسوي


پاورقي

[1] دعاء الإمام الحسين (عليه السلام) يوم عرفة، مفاتيح الجنان (ص495).