بازگشت

ثمرة ممارسة الشعائر الحسينية


إن العلةالرئيسية التي لأجلها كانت الشعائر الحسينية هي الممارسة الإعلامية الواضحة والمشيرة إلي الحق المسلوب، وإن جميع الغايات والأهداف الأخري تتفرع منها.

ويمكن اجمال تلك الأهداف بالنقاط التالية:

1- نشر تاريخ وعلوم أهل البيت (عليهم السلام) وبيان فضلهم، ولا يخفي عظيم الحاجة إلي ذلك لما تعرض له هـذا التاريخ من تشويه ودس لاسيما في العصرين الأموي والعباسي، وما عملته وتعمله الأقلام المأجورة والضالة إلي يومنا.

2- خلق الترابط العاطفي مع أهل بيت العصمة (عليهم السلام) والذي هو نص صريح في القرآن الحكيم (قل لا أسئلكم عليه أجراً إلا المودّة في القربي) [1] .

3- تربية وتوعية الجيل الجديد، وبناء أساس فطري عقائدي متين يستند إليه.

ونستطيع تلمس الحاجة إلي ذلك من خلال مناهج الدراسة في المدارس الأكاديمية و وسائل الإعلام المرئية علي وجه التحديد التي تفتقر إلي ذكر أهل البيت (عليهم السلام) وما تخلفه من تأثيرات أساسية في التشكيل العقائدي للجيل الصاعد، ومن هذه النقطة ندرك مدي الحاجة للتمسك الشديد بهذه الشعائر وتوجيه أجيال المستقبل نحوها.

4- تربية النفوس وإعدادها لنصرة إمام العصر والزمان (عجل الله تعالي فرجه وسهل مخرجه) من خلال ترسيخ القيم والمباديء السامية مثل التضحية والمواساة ونصرة الحق وغيرها، والتحقير والتنفير للصفات المذمومة مثل الطمع والظلم وقسوة القلب وغيرها [2] .

5- مخاطبة البشر كافة،وبغض النظرعن الاختلاف والتباين الثقافي بينهم.

ومن المعلوم أن الأمة الإسلامية علي سبيل المثال تضم العديد من القوميات والأعراق والجنسيات التي هي بدورها تختلف من حيث الموروث الحضاري والثقافي، ومخاطبتهم بالإعلام المكتوب لا تتيسر للجميع حتي في عصر العولمة، أما الشعائر فإنها أشبه ما تكون في خطابها إلي اللوحة الفنية التي يستطيع الجميع أن يدرك مدي روعتها و جمال تعبيراتها وإن كان هذا الإدراك يختلف بالدرجة وفقاً للوعي الثقافي.

6- خلق عامل وحدوي من خلال المشاركة الجماهيرية في المواساة لأهل البيت (عليهم السلام).

ولعل هذا العامل من أهم العوامل المستبطنة في أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) التي تحث علي المواساة والحزن في مصابهم، فمن المعلوم في علم النفس أن الإنسان عندما يكون في حالة الحزن، يصبح تأثره العاطفي سريعاً فيكون علي سبيل المثال سريع الرضا والحب والانفعال، وكذلك إن وجود شخص آخر يشاركه المصاب معه يؤدي مع ما ذكرناه إلي زيادة الألفة والمحبة والتودد بين المشاركين في الشعائر الحسينية وتقوية أنفسهم علي تحمل أعباء الحياة، وهذا ما يخلق جو الوحدة بين المشاركين، الوحدة في المصاب والوحدة في الهدف والوحدة في التسابق لتحصيل الأجر والثواب في المواساة [3] .

ومن هنا كانت هذه الشعائر تمثل أحد الأعمدة التي يقوم عليها المذهب جنباً إلي جنب مع المرجعية التي تمثل الإدارة والعقل الموجه في حين أن الشعائر تمثل العنصر الجامع والموحد بين أبناء المذهب علي اختلاف جنسياتهم وقومياتهم.

وعليه ندرك أن المحارب لهذه الشعائر لا يخلو من أحد أمرين:

إما جاهل مغرور أو طامع معادي يهدف إلي تمزيق وحدة أبناء المذهب، قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): قصم ظهري رجلان جاهل متنسك وعالم متهتك [4] .


پاورقي

[1] الشوري: 23.

[2] عن الامام الباقر (عليه السلام) قال: يا علقمة واندبوا الحسين (عليه السلام) وابکوه وليأمر أحدکم من في داره بالبکاء عليه وليقم عليه في داره المصيبة بإظهار الجزع والبکاء وتلاقوا يومئذ بالبکاء بعضکم إلي بعض في البيوت وحيث تلاقيتم وليعزِّ بعضکم بعضاً بمصاب الحسين (عليه السلام) قلت: اصلحک الله کيف يعزَّي بعضنا بعضاً قال تقولون أحسن الله أجورنا بمصابنا بأبي عبد الله الحسين (عليه السلام) وجعلنا من الطالبين بثأره مع الإمام المهدي إلي الحق من آل محمد صلي الله عليه وآله وعليهم أجمعين وإن استطاع أحدکم أن لا يمضي يومه في حاجة فافعلوا فإنه يوم نحس لا تقضي فيه حاجة مؤمن وإن قضيت لم يبارک فيها ولم يرشد ولا يدّخرن أحدکم لمنزله في ذلک اليوم شيئاً فإنه من فعل ذلک لم يبارک فيه، قال الباقر (عليه السلام): أنا ضامن لمن فعل ذلک له عند الله عز وجل ما تقدم به الذکر من عظيم الثواب وحشره الله في جملة المستشهدين مع الحسين (عليه السلام). مستدرک الوسائل 10/316-317.

[3] عن ابن خارجة عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: کنا عنده فذکرنا الحسين بن علي (عليه السلام) وعلي قاتله لعنة الله فبکي أبو عبد الله (عليه السلام) وبکينا قال: ثم رفع رأسه فقال: قال الحسين بن علي (عليه السلام): أنا قتيل العبرة لا يذکرني مؤمن إلا بکي. مستدرک الوسائل 10/311.

[4] شرح نهج البلاغة 20/284.