بازگشت

حقوق الاسرة


تختلف الفقرة الثانية من المادة (25) من الإعلان عما سبقها من الفقرات في المواد الثلاث مورد البحث ـ والتي تناولت ما وضيع العمل والضمان الاجتماعي ـ تختلف في كونها تناولت موضوع حقوق الأسرة، والأولاد باعتبار كل منهم إنسانا بغض النظر عن شرعية ولادته من عدمها.

علي خلاف ما يشاع عنه، أكاد أقول بأنه ليس هناك ما أعطي الأسرة ـ من الأنظمة الأخري ـ قدرها كالدين الإسلامي. فهذا القدر يمكن استخلاصه من الحماية اللازمة التي أحاط بها الإسلام هذه المؤسسة الاجتماعية، حيث فرض أقصي العقوبات علي من يحاول تدنيسها أو النيل منها لمكان أهمية دورها في إمداد الأمم باللبنات الصالحة التي تسهم في بناء المجتمعات التي تنتمي إليها.

قد يقول قائل بأن هناك من الأنظمة ما وضع عقوبات علي من يحول النيل من الأسرة كذلك فما هو الفارق بينه وبين الإسلام كي يتم الحديث عن التميز بالنسبة للإسلام في هذا الميدان؟

إن التميز يكمن في كون الدين الإسلامي لم يكن قد اقتصر علي حماية الأسرة من حيث هي كيان قائم حسب، وإنما وضع التدابير الاحترازية ـ حسب الاصطلاح القانوني ـ التي من شأنها حماية الأسرة حيث هي مشروع، ومجرد فكرة في ذهن صاحبها. فقد وضع الإسلام الضوابط اللازمة التي يفترض في الإنسان إتباعها فيما لو رام تكوين أسرة صالحة قادرة علي أن تمثل مهدا هادئا، وفراشا وثيرا يتقلب عليه ثمراتها ـ الأولاد ـ كيما ينشؤون مستقرين نفسيا بما يعود بالنفع علي الأسرة، والمجتمع.

فالمرأة باعتبارها العنصر الأهم في الأسرة لمكان التصاقها بالأولاد، وتأثيرها المباشر بهم أعطاها الإسلام المكانة العالية، والمنزلة الرفيعة التي من شانها أن تبعث الثقة في نفسها فتكون أقدر علي العطاء.

فالإمام الحسين (عليه السلام) بالإضافة إلي خلقه العالي في تعامله مع أهله، كان يثق بمكانة المرأة، وكفاءتها عليه كان تعامله مع المرأة بالمستوي الذي أوكل إليها القيادة في مرحلة ما بعد ثورته علي النظام المنحرف.

لقد كان يتعامل مع ولده بما يبعث الثقة في نفوسهم، وينمي شخصياتهم، كان يتحاور مع ابنه كما يتحاور مع أي إنسان آخر وفي أهم الموضوعات كالحوار الذي دار بينه وبين ولده علي الأكبر حين كانوا يسيرون إلي كربلاء وسمع علي الأكبر أباه يقول "القوم يسيرون والمنايا تسير معهم". وكذلك كان حواره مع ابن أخيه القاسم حينما برز إلي القتال، وكذلك مع ابنته سكينة.

إن هذه التنشئة الصالحة أثمرت أن يبرز الشاب في كربلاء ويقدم نفسه رخيصة دون دينه، لا دون شيء آخر.