بازگشت

حق العمل


لكل إنسان حسب الإعلان الحق في العمل بغية تحقيق أغراض تضمنتها المواد من 23- 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

فقد نصت المادة (23) منه علي:

"1ـ لكل شخص الحق في العمل والاختيار الحر لعمله، وظروف عادلة ومواتية للعمل، والحماية ضد البطالة.

2ـ لكل شخص الحق في أجر مساو عن العمل المتساوي بدون أي تفرقة.

3ـ لكل شخص يعمل الحق في مكافأة عادلة ومرضية تكفل لنفسه ولأسرته وجودا جديرا بالكرامة الإنسانية، ويكمل إذا دعت الضرورة بوسائل أخري من الحماية الاجتماعية.

4ـ لكل شخص الحق في تشكيل والانضمام إلي نقابات عمالية من أجل حماية مصالحه".

ونصت المادة (24) علي أنه: "لكل شخص الحق في الراحة ووقت فراغ، ويشمل ذلك تحديدا معقولا لساعات العمل وعطلات دورية مدفوعة الأجر".

أما المادة (25) فقد نصت علي:

"1ـ لكل شخص الحق في مستوي معيشة مناسب لصحته ورفاهيته هو وأسرته، ويشمل ذلك الغذاء والكساء، والرعاية الطبية، والخدمات الاجتماعية الضرورية، والحق في الأمن في حالة البطالة والمرض، والعجز، والترمل، والشيخوخة، أو أي نقص آخر في القوت في ظروف تخرج عن سيطرته.

2ـ للأمومة والطفولة الحق في رعاية خاصة ومساعدة. ولكل الأطفال سواء ولدوا من زواج أو خارج الزواج حق التمتع بنفس الحماية الاجتماعية".

قيمة كل إنسان بعمله، وعطاءه وإن شرف الإنسان فيما يقدم من عمل يخدم به غيره من جهة، ويفيد به نفسه وأسرته من جهة أخري. فالإنسان العامل له قيمة خاصة في الدين الإسلامي، وقد عهد عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) أنه أمسك يد عامل وقبلها، وحين رأي علامات التعجب من أصحابه قال لهم: تلك يد يحبها الله ورسوله. أما الإنسان العاطل الذي يعيش علي فتات الآخرين، وصدقاتهم فإن الإسلام لا يقيم وزنا يذكر لمثل هذا الإنسان، فقد ورد في الأثر: (ملعون من ألقي كله علي الناس)، ما دام الإنسان قادرا علي العمل، ولا يعاني فاقة سببت له العطل عن القيام بأي عمل من شأنه أن يدر عليه ما يسد به حاجاته، وعائلته.

لقد ورد عن الإمام الحسين (عليه السلام) في العمل، وقيمته قوله: ".. ولا تتكل علي القدر اتكال مستسلم، فإن ابتغاء الرزق من السنة" [1] علي أن يبتغي الإنسان الاعتدال في العمل لا أن يعده الغاية القصوي التي يسعي إليها فيهلك نفسه دونها علي حساب الجوانب الإنسانية الأخري، وآثر عن الإمام الحسين (عليه السلام) في ذلك قوله: "لا تتكلف ما لا تطيق، ولا تتعرض لما لا تدرك، ولا تعتد بما لا تقدر عليه.." [2] .

وقد ورد في الدين الإسلامي في مورد الحفاظ علي حق العامل: "إعط الأجير أجره قبل أن يجف عرقه". ذلك الذي ورد ذكره في القرآن الكريم في قوله تعالي: (ولا تبخسوا الناس أشياءهم) [3] .

ثم أن الإمام (عليه السلام) كان قد أكد علي حق الناس علي الدولة في عطاء يضمن لهم الكرامة الإنسانية، لهم ولأسرهم، وإن علي الإنسان ألا يتنازل عن حقه هذا، وأن يطالب به دوما كي لا يعطي الذريعة لمصادرته، واستلابه منه، حيث يقول في ذلك: "وذلك أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دعاء إلي الإسلام مع رد المظالم ومخالفة الظالم، وقسمة الفيء والغنائم، وأخذ الصدقات من مواضعها، ووضعها في حقها" [4] علي أنه (عليه السلام) لم يكن ـ كعادته ـ قد اكتفي بحدود الدعوة إلي ذلك الحق من أجل تحصيله عند عدم مراعاته، وإنما مارس ذلك عمليا. فقد روي أنه (عليه السلام) كتب إلي معاوية ابن أبي سفيان ـ الذي أسرف في مصادرة حقوق الناس المشروعة ـ قائلا: "من الحسين بن علي إلي معاوية ابن أبي سفيان، أما بعد: فإن عيرا مرت بنا من اليمن تحمل مالا وحللا، وعنبرا، وطيبا إليك، لتودعها خزائن دمشق، وتعل بها بعد النهل ببني أبيك، وإني احتجت إليها فأخذتها والسلام" [5] أما بالنسبة للّجان، والنقابات العمالية فلم تكن الحياة آنذاك بذلك المقدار من التعقيد، والتشابك بحيث يلزم إنشاء النقابات العمالية التي يحق للإنسان العامل، أو غيره الانضمام إليها للدفاع عنه، وحماية حقوقه لذا لم يكن الإمام الحسين (عليه السلام) قد أشار إلي هذا النوع من الحقوق، وكذلك الحال بالنسبة لمسائل، وقضايا أخري لم يكن الإمام قد تعرض لها لعدم الحاجة إليها آنذاك.

وأما الراحة ووقت الفراغ، والعطلات الدورية التي أشارت إليها المادة (24) من الإعلان فأقول إذا كان الإمام الحسين (عليه السلام) يحفظ حق الحيوان في الراحة، والمطعم، والمشرب، ويقدمه علي نفسه كما حدث في كربلاء، فإن دعوته إلي حق الإنسان في ذلك يكون أولي، كيف لا وهو الكائن الذي كرمه الله تعالي علي بقية خلقه حيث يقول: (ولقد كرمنا بني آدم) [6] .

أما بالنسبة لحق الإنسان في كفالة عيشه، والضمان الاجتماعي فعلي الرغم من تقدم الحديث عن ذلك لا بأس بالإشارة إلي أن الإسلام كان قد كفل لكل من يعيش في كنف الدولة الإسلامية ذلك الحق، والقصة المعروفة عن أمير المؤمنين الإمام علي ابن أبي طالب (عليه السلام) مع النصراني معروفة.

فقد روي أنه (عليه السلام) قد مر بالسوق فإذا به يري رجلا نصرانيا يستجدي الناس فانزعج أمير المؤمنين من ذلك، والتفت إلي أصحابه قائلا: استعملتموه حتي إذا أتعبتموه تركتموه يستكفف الناس؟ ثم أمر أمين بيت المال بعطاء مرتب له.


پاورقي

[1] مستدرک الوسائل، مرجع سابق، ج13، ص 35.

[2] أعيان الشيعة، مرجع سابق، ج1، ص621.

[3] أعيان الشيعة، مرجع سابق، ج1، ص621.

[4] تحف العقول، مرجع سابق، ص 168.

[5] باقر شريف القرشي، حياة الإمام الحسين (عليه السلام)، مکتبة الداوري، قم، ج2، ص 232.

[6] باقر شريف القرشي، حياة الإمام الحسين (عليه السلام)، مکتبة الداوري، قم، ج2، ص 232.