بازگشت

حرية الرأي والاعتقاد


اختصت المادتان (18)، (19) من الإعلان مجموعة من الحريات فيما يتعلق بالفكر، والاعتقاد، وممارسة الإنسان لشعائره وطقوسه الدينية، وغير ذلك من الحقوق كالتالي:

المادة (18): "لكل شخص الحق في حرية الفكر، والضمير، والدين، ويشمل هذا الحق حرية تغيير دينه، أو عقيدته. والحرية إما بمفرده، أو باشتراك مع آخرين، وعلنا أو بمعزل، وأن يظهر دينه أو عقيدته بالتدريس، والممارسة، والعبادة، وأداء الشعائر.

المادة(19): "لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق الحرية في اعتناق الآراء بدون تدخل، وأن يطلب ويتلقي معلومات، وأفكار عن طريق أية وسائط بغض النظر عن الحدود".

يري البعض بأن الإسلام هو دين بعيد عن الديمقراطية، والفرد فيه محيد تماما، فليس عليه غير التلقي، لذا ينعتون الإسلام بالديكتاتورية. ثم إنهم يزعمون بأنه علي فرض التسليم بدعوة الدين الإسلامي لنظام الشوري، إلا أن تلك الشوري إنما هي في حقيقتها شوري صورية، شكليه فقط لا حقيقية، مستدلين علي ذلك بذيل آية الشوري نفسها الذي يقول: (فإذا عزمت فتوكل علي الله إن الله يحب المتوكلين) [1] .

ولكن الذي يستظهره أغلب العلماء من الآية الكريمة هو أنه "إذا عزمت بعد المشاورة في الأمر علي إمضاء ما ترجحه الشوري، وأعددت له عدته، فتوكل علي الله في إمضاءه، وكن واثقا بمعونته، وتأييده لك فيه، وهو الرأي الأظهر يدعمه في ذلك سيرة الرسول (صلي الله عليه وآله) في بدر وأحد" [2] .

فالإسلام يرتفع بالرأي الآخر إلي حد الواجب فيما لو توفرت شروطه التي لا تقود الإنسان إلي التهلكة دون أن يثمر عمله شيئا يذكر. كما إنه يعتبر الرأي الآخر حق من حقوق الإنسان، لذا تجد الإمام الحسين (عليه السلام) يقول في ذلك: "من رأي سلطانا...".

كما يقول: "كان لا يحل لعين مؤمنة تري الله يعصي، فتطرق حتي تغيره" [3] .

ويقول (عليه السلام) في النتائج التي يؤدي إليها التهاون في أداء هذا الواجب، وممارسة حرية الرأي: ".. وما سلبتم ذلك إلا بتفرقكم عن الحق، واختلافكم في السنة بعد البينة الواضحة، ولو صبرتم علي الأذي وتحملتم المؤونة في ذات الله كانت أمور الله عليكم ترد، وعنكم تصدر، وإليكم ترجع، ولكنكم مكنتم الظلمة من منزلتكم، وأسلمتم أمور الله في أيديهم يعملون بالشبهات.. سلطهم علي ذلك فراركم من الموت، وإعجابكم بالحياة التي هي مفارقتكم، فأسلمتم الضعفاء في أيديهم، فمن بين مستعبد مقهور، وبين مستضعف علي معيشته مغلوب، يتقلبون في الملك يآرائهم، ويستشعرون الخزي بأهوائهم.." [4] .


پاورقي

[1] آل عمران/ 159.

[2] محمد الحسيني الشيرازي، الشوري في الإسلام، مؤسسة الوعي الإسلامي للتحقيق والترجمة والطباعة والنشر، بيروت، ط 10، 1999، ص 19.

[3] أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي، الأمالي، مکتبة الداوري، قم، ج1، ص 54.

[4] تحف العقول، مرجع سابق، ص 168.