بازگشت

حرية الحركة و الاقامة في اي مكان


تناولت المادة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان مسألة المحل الذي يتخذه الإنسان للإقامة فيه، وحرية التنقل له أين، ومتي شاء من خلال النص التالي:

"1ـ لكل شخص الحق في حرية الحركة والإقامة في حدود كل دولة.

2ـ لكل شخص الحق في مغادرة أية دولة بما فيها دولته، وأن يعود إلي دولته".

المشكلة التي يعاني منها الآن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هو أنه فاقد لعنصر الإلزام اللازم لكل قاعدة قانونية لكي يضفي عليها الصفة القانونية، كي يمكن التعامل معها علي أنها قانون يترتب عليه جزاء، أو تعويض عند الاختراق والمخالفة. وفقدان عنصر الإلزام هو الذي أفقد الإعلان العالمي تلك الهيبة التي تلزم من يخضع لقواعده ضرورة الانصياع لأحكامه وتطبيقها. خلاصة القول هي أن الإعلان العالمي لم تكن قواعده لتعدو حدود الورق في أغلب الأحيان، وقلما يخلو بلد من بلدان العالم لانتهاكات قواعده، إن لم يكن ذلك تجاه مواطنيه، فإزاء الأجانب، أو الأقليات علي أقل التقديرات.

في قبال ذلك تجد في الإسلام اقتران التشريع بالعمل، والإلزام فيما يتعلق بحقوق الناس، والنظام العام وهو ما أضفي علي مبادئ حقوق الإنسان الهيبة اللازمة. علي أنه إذا كانت هناك انتهاكات قد سجلت في بعض مراحل التاريخ فإن ذلك لا يمكن حسابه علي الإسلام في شيء، وذلك للانحراف الكبير الذي حصل بعد دولة الرسول (صلي الله عليه وآله)، ودولة الإمام علي (عليه السلام).

ثم إن ما أكسب مبادئ حقوق الإنسان في الإسلام تلك الدروس العملية التي قام بها البعض، والتي ضحوا بأنفسهم من أجل إقامتها، كتلك الدروس العملية التي قدمها لنا الإمام الحسين (عليه السلام)، فكان لها ـ علي مر العصور ـ أبلغ الأثر في النفوس، لا في نفوس المسلمين حسب، بل في نفوس غير المسلمين الذين لم يعودوا قادرين علي إخفاء إعجابهم بتلك الدروس العملية، كما أثر عن محرر الهند المهاتما غاندي قوله: "تعلمت من الحسين بن علي كيف أكون مظلوما فأنتصر".

ففي مجال حق الإنسان في اختيار المحل الذي يناسبه من أرض الله الواسعة، وحرية التنقل فيها، كان للإمام الحسين (عليه السلام) دوره في الدعوة العملية إليها.

فعلي الرغم مما أشار به البعض من أصحاب الإمام عليه بأن يتوجه إلي جبال اليمن فإنه أبي ذلك ليس حبا في القتال، ولا إلقاء لنفسه في التهلكة كما يحلو للبعض تسميته، بل من منطلق وعيه السياسي الذي أدرك من خلاله بأن يزيدا ليس بتاركه ما لم ينزل علي حكمه، ويمد يده له بالبيعة.

وفعلا تحقق ذلك حيث أمر يزيد بن معاوية أزلامه بأن يقتلوا الإمام الحسين (عليه السلام) وإن كان متعلقا بأستار الكعبة، فهل سترد جبال اليمن بأس أولئك الطغاة عنه يا تري؟