بازگشت

حق الحياة والامن الشخصي


تناولت المادة الثالثة من الإعلان حق الحياة، والأمن الشخصي قائلة "لكل شخص الحق في الحياة، والحرية، وأمنه الشخصي".

ليس هناك شيء وهبه الله تعالي للإنسان أقدس ولا أثمن من الحياة، ولذا كان حق الحياة أمرا مقدسا في الشريعة الإسلامية. ولكن لا قيمة للحياة ما لم تتكلل بالأمن اللازم لأن يعيش الإنسان أسبابها بالقدر الذي يهبه الاستقرار المطلوب للإنسان كيما يقوم بأداء وظيفته في الأرض، وظيفة الاستخلاف.

"فالحفاظ علي الحياة، وعلي العقل... وعلي الحرية، وعلي المشاركة في الشؤون العامة ـ بالشوري والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ـ الخ.. الخ ليست مجرد حقوق للإنسان يباح له أن يتنازل عن أي منها إذا هو أراد، وإنما هي ـ جميعها ـ فرائض إلهية، وتكاليف شرعية، وضرورات واجبة، وحتي ما تفرع عنها، وما استلزمت إقامته من الضرورات المدنية، فإنها تكتسب وجوبها الشرعي من لزومها لإقامة العمران الدنيوي الذي بدونه لا قيام لنظام الدين" [1] .

من هذا المنطلق تجد الإمام الحسين (عليه السلام) كان قد دافع عن حقه في الحياة في قبال الموت الذي أراده له النظام الحاكم آنذاك، فلو أن الإمام الحسين (عليه السلام) كان قد وضع يده بيد الظالم حينها لكان في ذلك موته، فيزيد كان يريد له العبودية، والرق، كما يريد ذلك للناس، ولكنه يعلم أن العبودية إنما هي موت لذا تجده يصف تلك الحالة بالقول: "ألا وإن الدعي ابن الدعي قد تركني بين السلة والذلة، وهيهات له ذلك مني، هيهات منا الذلة، أبي الله ذلك لنا، ورسوله، والمؤمنون، وحجور طهرت، وجدود طابت، أن يؤثر طاعة اللئام علي مصارع الكرام" [2] .

وقال أيضا: ولا أقر إقرار العبيد.

لقد رفض الإمام وضع يده بيد يزيد، والتنازل عن حريته لأن الدين الإسلامي قد اعتبر "الرق بمثابة الموت، واعتبر الحرية إحياء، وحياة، فعتق الرقبة، أي تحرير الرقيق هو إخراج له من الموت الحكمي إلي حكم الحياة، وهذا هو الذي جعل عتق الرقبة ـ إحياءها ـ كفارة للقتل الخطأ، الذي أخرج به القاتل نفسا من إطار الأحياء إلي عدادا الأموات، فكان عليه، كفارة عن ذلك، أن يعيد الحياة إلي رقيق بالعتق، والتحرير" [3] .

فإذا كان رضوخ الإنسان للرق بمثابة موت وتنازل عن حق الحياة، فكيف يمكن أن يقبل للإنسان في الإسلام التنازل عن حياته الحقيقية؟

عليه نجد أن الإمام الحسين (عليه السلام) جسد تقديسه للحياة عمليا في كربلاء حيث لم يرض من نفسه أن يموت ميتة ذليلة. فكان دفاعه ذلك عن حق الحياة، وعن الحق في الأمن الشخصي، والاجتماعي، فقد جنيت ثمار حركته الإصلاحية ببث روح الوعي بين المسلمين بحيث لم يعودوا قادرين علي السكوت علي تلك الانتهاكات الفظيعة، فتوالت الثورات التي اقتدت بثورته (عليه السلام).

يجدر بالذكر إن المادة الرابعة قد تناولت مسألة الرق بنوع من التفصيل، وتجارة الرقيق التي حاربها الدين الإسلامي بصورة تدريجية، وقد تمت مناقشة هذه المسألة قبل قليل وكيف اعتبر الإسلام الرق، والإقرار به بمثابة الموت.


پاورقي

[1] الإسلام والأمن الاجتماعي، مرجع سابق، ص 84.

[2] أبو جعفر رشيد الدين محمد بن علي بن شهرآشوب السروي، انتشارات العلامة، قم، ج4، ص110.

[3] الإسلام والأمن الاجتماعي، مرجع سابق، ص 87.