بازگشت

التمييز العنصري


نصت المادة (2) من الإعلان علي التالي: "لكل شخص الحق في كل الحقوق والحريات الموضحة في هذا الإعلان، بدون تفرقة من أي نوع، مثل العنصر، اللون، الجنس، اللغة، الدين الرأي السياسي أو أي رأي آخر، الأصل الوطني أو الاجتماعي، أو الممتلكات، أو الميلاد، أو أي وضع آخر.

وبالإضافة إلي ذلك لا يجب أن يكون هناك تمييز علي أساس الوضع القضائي أو الدولي للدولة أو المنطقة التي ينتمي إليها الشخص سواء كانت مستقلة أو تحت الوصاية أو لا تحكم نفسها بنفسها أو تحت أي قيد آخر يحد من سيادتها علي أراضيها".

إذا لم يكن بالإمكان المقارنة بين مبادئ هذه المادة، والإمام الحسين (عليه السلام) من جميع الوجوه باعتبارها دستورا تخاطب به الدول، والحكومات في تعاطيها مع مبادئ حقوق الإنسان، علي اعتبار أن الإمام الحسين (عليه السلام) لم يكن قد تسلم مقاليد الدولة الإسلامية، إلا أن المقارنة من بعض الوجوه ممكنة في حدود تعاطي الإمام الحسين (عليه السلام) مع بعض تلك المبادئ من خلال حركته الثورية الإصلاحية التي قام بها ضد الوضع الفاسد الذي كان متفشيا في الدولة الإسلامية حينها بما يهدد الإسلام برمته.

فعلي صعيد المساهمة في حركة التغيير لم يكن الإمام الحسين (عليه السلام) قد قصر تلك الحركة علي فئة دون فئة من الناس، وإنما أشرك فيها الناس علي اختلاف فئاتهم، بغض النظر عن دينهم، أو مذهبهم، أو الرأي السياسي، أو الجنس، أو اللغة...إلخ.

لقد ساهم في حركته الرجل والمرأة فكانت هناك الشهيدات بين يديه، والأبيض والأسود وما جون مولي أبي ذر رضوان الله عليهما ذو اللون الأسود إلا دليل علي ذلك، وكان المسلم والنصراني فقد كان وهب شاب نصراني حديث عهد بالزواج استشهد مع الإمام الحسين (عليه السلام)، كان هناك التركي إلي جانب العربي، "ثم خرج غلام تركي مبارز، وكان قارئا للقرآن عارف بالعربية، فقتل جماعة، فتحاشوه فصرعوه، فجاء الحسين (عليه السلام) فبكي ووضع خده علي خده، ففتح عينيه ورآه فتبسم، ثم صار إلي ربه" [1] ، وكان اسمه أسلم بن عمرو، كما شارك معه من كان علي هوي أبيه علي ابن أبي طالب (عليه السلام)، ومن كان علي هوي غيره ـ الاختلاف في الرأي السياسي ـ كزهير بن القين (رض)، الذي كان علي هوي عثمان بن عفان.

فالإمام الحسين (عليه السلام) لم يكن قد استبعد شخصا من تلك الفئات المختلفة يناء علي مذهبه السياسي، أو الديني، أو لونه، أو قوميته، كما لم يقرب آخرا منه بناء علي ما تقدم من الأسباب فيما لو كان متحدا معه فيها.

ولكن الواقع العالمي هل يكشف لنا صحة تلك المبادئ التي وردت في المادة المذكورة؟

فالواقع المعاصر يكشف بما لا خلاف فيه عن أن تلك المبادئ وأمثالها لم تكن تعدو كونها حبرا علي ورق في ظل السياسات الداخلية، والدولية متعددة المعايير، والأسس، تلك الازدواجية التي تكشفت، ووصلت ذروتها بعد الأحداث الدامية التي طالت الولايات المتحدة الأمريكية في الحادي عشر من أيلول ـ سبتمبر ـ 2001.


پاورقي

[1] محسن الأمين، أعيان الشيعة، دار التعارف، بيروت، ج1، ص 607.