بازگشت

في آداب المأتم و ما لابد من معرفته لأهل المصيبة


و ان كنت قد عرفت من تضاعيف الأخبار نبذة منها، لكن لا بأس بالاشارة اليها و الي ما لعله لم نذكره مفصلا منقحا، و هي كثيرة فعلا أو تركا، سيما في العاشوراء فنذكر منه خمسة عشر أدبا، و لعل بعضها كان من آداب الزيارة في هذا اليوم، فما لم يسبق سنده نذكره هاهنا.

الأول: البكاء و الجزع و الهم و التنفس الصعداء.

الثاني: انفاق المال لمحبة الحسين عليه السلام في الاطعام و غيره، لما مر في المقدمة الثانية في مناجاة موسي عليه السلام، و لا بأس بارسال الخبر؛ لأن الخبر المأثور عن الصادق عليه السلام أنه من بلغه شي ء من الخير فعمل، كان له ذلك و ان لم يكن الأمر كما بلغه يحققه، و وصاياهم عليهم السلام لمآتمهم كما في الكافي و غيره يؤكده، سيما و هو من المنجيات، و من المستحبات التي قد يتسامح في سندها.

و يزيده بيانا ما رواه الفاضل المتبحر، عن سهل بن زياد، عن محمد بن أحمد، عن الحسين بن علي، عن يونس، عن مصقلة الطحان، قال: سمعت أباعبدالله عليه السلام يقول: لما قتل الحسين عليه السلام أقامت امرأته الكلبية عليه مأتما، و بكت و بكين النساء و الخدم، حتي جفت دموعهن و ذهبت، فبينا هي كذلك اذ رأت


جارية من جواريها تبكي و دموعها تسيل، فدعتها، فقالت لها: مالك أنت من بيننا تسيل دموعك؟ قال: اني لما أصابني الجهد شربت شربة سويق، قال: فأمرت بالطعام و الأسوقة، فأكلت و شربت، و أطعمت و سقت، و قالت: انما نريد بذلك أن نتقوي علي البكاء علي الحسين عليه السلام [1] .

أقول: و يظهر منه دواء لازدياد الدمع، و هو شرب السويق.

الثالث و الرابع و الخامس: لبس الثوب النظيف من النجاسة، و حل الأزرار، و الكشف عن الذراعين و عن الساقين [2] ، علي ما رواه الشيخ و السيد عن عبدالله بن سنان، و قد مضي قبيل هذا.

السادس و السابع و الثامن و التاسع: ترك الخضاب، و الحناء، و الامتشاط، و الاكتحال بالسواد للزينة، لما روي في المنتخب و البحار عن ابراهيم بن محمد، عن أحمد بن ادريس، عن محمد بن أحمد، عن الحسن بن علي، عن العباس بن عامر، عن ابن عميرة، عن جارود بن المنذر، عن أبي عبدالله عليه السلام، قال: ما امتشطت فينا هاشمية، و لا اختضبت، حتي بعث الينا المختار برؤوس الذين قتلوا الحسين عليه السلام [3] .

و روي أيضا عن المرزباني باسناده، عن جعفر بن محمد الصادق عليه السلام أنه قال: ما اكتحلت هاشمية و لا اختضبت، و لا رؤي في دار هاشمي دخان خمس حجج، حتي قتل عبيدالله بن زياد [4] .

و روي أيضا عن عبدالله بن محمد بن أبي سعيد، عن أبي العيناء، عن يحيي بن راشد، قال: قالت فاطمة بنت علي: ما تحنأت امرأة منا، و لا أجالت في عينها مرودا، و لا امتشطت حتي بعث المختار رأس عبيدالله بن زياد [5] .

وقال السيد في كتاب الاقبال في الأعمال، ما هذا لفظه: رأيت في الجزء


الثاني من تاريخ نيشابور للحاكم في ترجمة الحسين بن بشير بن القاسم، قال الحاكم: ان الاكتحال يوم عاشوراء لم يرو عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم فيه أثر، و هي بدعة ابتدعها قتلة الحسين بن علي بن أبي طالب عليهماالسلام [6] .

العاشر: الصوم يوم عاشوراء من غير تبييت الي أن ذهب من الربع الرابع منه ساعة، ثم الافطار حزنا لا شماتة بشربة ماء أو بتربته [7] عليه السلام قائلا: اللهم رب هذه التربة المباركة الطاهرة، و رب النور الذي انزل فيه، و رب الجسد الذي سكن فيه، و رب الملائكة الموكلين به، صل علي محمد و آل محمد، و اجعل هذا الطين لي أمانا من كل خوف، و شفاء من كل داء.

و الأحوط قصد الاستشفاء أيضا، لما في الصدور من الأمراض النفسانية و غيرها، ثم عند الأكل ينبغي أن يقال ما في كتاب الاقبال: اللهم انك قلت: «و لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون» و الحسين صلوات الله عليه و أصحابه عندك الآن يأكلون و يشربون، و نحن في هذا الطعام و الشراب بهم مقتدون [8] .

الحادي عشر: أن يقال عند تلاقي الاخوان، ما روي عن الباقر عليه السلام: أعظم الله اجورنا بمصابنا بالحسين عليه السلام، و جعلنا و اياكم من الطالبين بثاره مع وليه الامام المهدي من آل محمد عليهم السلام.

الثاني عشر: لعن قاتليه و ظالميه عند شرب الماء و ذكر عطشه عليه السلام، ففي المنتخب، في الخبر عن سيد البشر صلي الله عليه و آله و سلم: من شرب الماء فذكر عطش الحسين، و عطش أطفاله و عياله و أنصاره، فلعن قاتليهم و ظالميهم، كتب الله له أربعة آلاف حسنة، و حط عنه أربعة آلاف سيئة، و رفع له أربعة آلاف درجة، و كان كمن أعتق أربعة آلاف نسمة، و حشره الله يوم القيامة ثلج الفؤاد، لن يظمأ أبدا [9] و قد مضي


ثواب السقي يوم عاشوراء.

الثالث عشر: ترك الذخيرة في العاشوراء الي منزله.

الرابع عشر: ترك السعي في حوائجه يوم عاشوراء و قد مضي في المقدمة الثالثة سندهما، فتذكر.

الخامس عشر: المشي حافيا الي السطح، أو فضاء من الأرض للزيارة، علي ما مضي ذكره من كتاب الاقبال مخرجا من كتاب المختصر المنتخب [10] ، و هذا و ان كان للزيارة، لكن جعلناه أدبا، لما سمعت من بعض أجلة العلماء أنه أدب للمأتم، و الأمر في أمثاله هين.


پاورقي

[1] بحارالأنوار 170: 45 ح 18.

[2] لم يجعل الکشف عن الساقين سنة علي حدة؛ لأنه لم يکن في المصباح، و أيضا الکشف عن الساقين و الذراعين يمکن کونهما معا سنة واحدة «منه».

[3] بحارالأنوار 344: 45 ح 12.

[4] بحارالأنوار 386: 45.

[5] بحارالأنوار 386:45.

[6] الاقبال ص 545.

[7] ذکر الافطار بالتربة ابن‏طاووس في کتاب الاقبال، و الدعاء قد مضي في أدعية أکل التربة، و الدعاء الذي نقلناه بقولنا «اللهم انک قلت» الي آخره، نقل نظيره في الاقبال، و في ذکري أني رأيت سندا آخر للدعائين و الافطار بالتربة، لکن لم يحضرني الآن «منه».

[8] الاقبال ص 578.

[9] المنتخب ص 356 - 355.

[10] الاقبال ص 571.