بازگشت

فيما عجل الله به قتلته و خذلته بعد شهادته من العذاب


روي الفاضل المتبحر باسناده، عن ابن دينار [1] عن اسحاق بن اسماعيل، عن سفيان، قال: حدثتني جدتي ام أبي، قالت: أدركت رجلين ممن شهد قتل الحسين عليه السلام، فأما أحدهما فطال ذكره حتي كان يلفه، و أما الآخر فكان يستقبل الراوية، فيشربها حتي يأتي علي آخرها، قال سفيان: أدركت ابن أحدهما به


خبل، أو نحو هذا [2] .

و روي في المنتخب مرسلا، عن أبي الحصين، قال: رأيت شيخا مكفوف البصر، فسألته عن السبب، فقال: اني من أهل الكوفة، و قد رأيت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في المنام و بين يديه طست فيه دم عظيم من دم الحسين عليه السلام، و أهل الكوفة كلهم يعرضون عليه، فيلطخهم بدم الحسين عليه السلام، حتي انتهيت اليه و عرضت عليه، فقلت: يا رسول الله ما ضربت بسيف، و لا رميت بسهم، و لا كثرت السواد عليه، فقال لي: صدقت ألست من أهل الكوفة؟ فقلت: بلي، قال: فلم لا نصرت ولدي؟ و لم لا أجبت دعوته؟ و لكنك هويت قتل [3] الحسين، و كنت من حزب ابن زياد، ثم ان النبي صلي الله عليه و آله و سلم أومأ الي باصبعه، فأصبحت أعمي، فو الله ما يسرني أن يكون لي حمر النعم، و وددت أن أكون شهيدا بين يدي الحسين عليه السلام [4] .

و فيه: عن سعيد بن المسيب، قال: لما استشهد سيدي و مولاي الحسين عليه السلام و حج الناس من قابل، دخلت علي علي بن الحسين عليهماالسلام، فقلت له: يا مولاي قد قرب الحج، فماذا تأمرني؟ فقال: امض علي نيتك و حج، فحججت، فبينما أنا أطوف بالكعبة، و اذا أنا برجل مقطوع اليدين، و وجهه كقطع الليل المظلم، و هو متعلق بأستار الكعبة، و هو يقول: اللهم رب هذا البيت الحرام، اغفر لي و ما أحسبك تفعل، و لو تشفع في سكان سماواتك و أرضيك، و جميع ما خلقت لعظم جرمي.

قال سعيد بن المسيب: فشغلت و شغل الناس عن الطواف، حتي حف به الناس، و اجتمعنا عليه، فقلنا: يا ويلك لو كنت ابليس ما كان ينبغي لك أن تيئس من رحمة الله، فمن أنت، و ما ذنبك؟

فبكي و قال: يا قوم أنا أعرف بنفسي و ذنبي و ما جنيت، و قلنا له: تذكره لنا، فقال: أنا كنت جمالا لأبي عبدالله الحسين عليه السلام لما خرج من المدينة الي العراق، و كنت أراه اذا أراد الوضوء للصلاة يضع سراويله عندي، فأري تكته تغشي الأبصار


بحسن اشراقها، و كنت أتمناها تكون لي، الي أن صرنا بكربلاء، و قتل الحسين عليه السلام و هي معه، فدفنت نفسي في مكان من الأرض.

فلما جن الليل، خرجت من مكاني، فرأيت في تلك المعركة نورا لا ظلمة، و نهارا لا ليلا، و القتلي مطروحين علي وجه الأرض، فذكرت لحيني و شقائي التكة، فقلت: والله لأطلبن الحسين و أرجو أن تكون التكة في سراويله فآخذها، و لم أزل أنظر في وجوه القتلي، حتي أتيت الحسين عليه السلام، فوجدته مكبوبا علي وجهه، و هو جثة بلا رأس، و نوره مشرق مرمل بدمائه، و الرياح سافية عليه، فقلت: هذا والله الحسين.

فنظرت الي سراويله كما كنت أراها، فدنوت منه و ضربت بيدي الي التكة لآخذها، فاذا هو عقدها عقدا كثيرة، فلم أزل أحلها، حتي حللت عقدة منها، فمد يده اليمني و قبض علي التكة، فلم أقدر علي أخذه عنها و لا أصل اليها، فدعتني النفس الملعونة الي أن أطلب شيئا أقطع به يديه، فوجدت قطعة سيف مطروح، فأخذتها و انتكيت علي يده، و لم أزل أحزها حتي فصلتها عن زنده، ثم نحيتها عن التكة.

و مددت يدي الي التكة لأحلها، فمد يده اليسري، فقبض عليها، فلم أقدر علي أخذها، فأخذت قطعة السيف، و لم أزل أحزها حتي فصلتها عن التكة، و مددت يدي الي التكة لآخذها، فاذا الأرض ترجف، و السماء تهتز، و اذا بجلبة عظيمة و بكاء و نداء، و قائل يقول: واابناه، وامقتولاه، واذبيحاه، واحسيناه، واغريباه، يا بني قتلوك و ما عرفوك، و من شرب الماء منعوك.

فلما رأيت ذلك صعقت، و رميت نفسي بين القتلي، و اذا بثلاثة نفر و امرأة و حولهم خلائق وقوف، و قد امتلأت الأرض بصور الناس، و أجنحة الملائكة، و اذا بواحد منهم يقول: يا ابناه، يا حسين، فداؤك جدك و أبوك و امك و أخوك.

و اذا بالحسين عليه السلام قد جلس و رأسه علي بدنه، و هو يقول: لبيك يا جداه يا رسول الله، و يا أبتاه يا أميرالمؤمنين، و يا اماه يا فاطمة الزهراء، و يا أخاه المقتول بالسم، عليكم مني السلام، ثم انه بكي و قال: يا جداه قتلوا والله رجالنا، يا جداه سلبوا والله نساءنا، يا جداه نهبوا والله رحالنا، يا جداه ذبحوا والله أطفالنا، يا جداه


يعز والله عليك أن تري حالنا و ما فعل الكفار بنا.

و اذا هم جلسوا يبكون حوله علي ما أصابه، و فاطمة تقول: يا أباه يا رسول الله أما تري ما فعلت امتك بولدي؟ أتأذن لي أن آخذ من شيبه و أخضب به ناصيتي، و ألقي الله عزوجل و أنا مختضبة بدم ولدي الحسين؟ فقال لها: خذي و نأخذ يا فاطمة، فرأيتم يأخذون من دم شيبه و تمسح به فاطمة عليهاالسلام ناصيتها، و النبي صلي الله عليه و آله و سلم و علي و الحسن عليهماالسلام يمسحون به نحورهم و صدورهم و أيديهم الي المرافق.

و سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقول: فديتك يا حسين، يعز والله علي أن أراك مقطوع الرأس، مرمل الجبين، دامي النحر، مكبوبا علي قفاك، قد كساك الذاري من الرمول، و أنت طريح مقتول مقطوع الكفين، يا بني من قطع يدك اليمني و ثني باليسري؟

فقال: يا جداه كان معي جمال من المدينة، و كان يراني اذا وضعت سراويلي للوضوء، فيتمني أن تكون تكتي له، فما يمنعني أن أدفعها اليه الا لعلمي أنه صاحب هذه الفعلة.

فلما قتلت خرج يطلبني بين القتلي، فوجدني جثة بلا رأس، فتفقد سراويلي، فرأي التكة و قد كنت عقدتها عقدا كثيرة، فضرب بيده الي التكة، فحل عقدة منها، فمددت يدي اليمني، فقبضت علي التكة، فطلب في المعركة فوجد قطعة سيف مكسور، فقطع به يميني ثم حل عقدة اخري، فقبضت علي التكة كيلا يحلها، فتنكشف عورتي، فحز يدي اليسري فلما حل التكة حس بك فرمي نفسه بين القتلي.

فلما سمع النبي صلي الله عليه و آله و سلم كلام الحسين عليه السلام، بكي بكاء شديدا، و أتي الي بين القتلي، الي أن وقف نحوي، فقال: مالي و مالك يا جمال؟ تقطع يدين طال ما قبلهما جبرئيل و ملائكة الله أجمعون، و تباركت بهما أهل السماوات و الأرضين، أما كفاك ما صنع به الملاعين؟ من الذل و الهوان، هتكوا نساءه من بعد الخدور، و انسدال الستور سود الله وجهك يا جمال في الدنيا و الآخرة، و قطع الله يديك و رجليك، و جعلك في حزب من سفك دماءنا، و تجرأ علي الله.

فما استتم دعاؤه حتي شلت يداي، و أحسست بوجهي كأنه البس قطعا من


الليل مظلما، و بقيت علي هذه الحالة، فجئت الي هذا البيت أستشفع، و أنا أعلم أنه لا يغفر لي أبدا، فلم يبق في مكة أحد الا و سمع حديثه، و تقرب الي الله تعالي بلعنته، و كل يقول: حسبك ما جنيت يا لعين (و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) [5] .

أقول: و في رواية اخري مثلها، و فيها: أن فاطمة سألته عليه السلام من فعل هذا بك؟ فكان يقول: قتلني شمر، و قطع يداي هذا النائم - و أشار الي - فقالت فاطمة لي: قطع الله يديك و رجليك، و أعمي بصرك، و أدخلك النار، و فانتبهت و أنا لا أبصر شيئا، و سقطت مني يداي و رجلاي، و لم يبق من دعائها الا النار [6] .

و في المنتخب: حكي عن رجل كوفي حداد، قال: خرج العسكر من الكوفة لحرب الحسين بن علي عليهماالسلام، جمعت حديدا عندي، و أخذت آلتي و سرت معهم، فلما وصلوا و طنوا خيمهم، بنيت خيمة و صرت أعمل اوتادا للخيم و سككا [7] و مرابط للخيل، و أسنة للرماح، و ما اعوج من سنان أو خنجر أو سيف كنت بكل ذلك بصيرا، فصار رزقي كثيرا، و شاع ذكري بينهم.

حتي أتي الحسين عليه السلام مع عسكره، فارتحلنا الي كربلا، و خيمنا علي شاطي ء العلقمي، و قام القتال فيما بينهم، و حموا الماء عليه، و قتلوه و أنصاره و بنيه، و كان مدة اقامتنا و ارتحالنا تسعة عشر يوما، فرجعت غنيا الي منزلي، و السبايا معنا، فعرضت علي عبيدالله، فأمر أن يشهروهم الي يزيد الي الشام.

فلبثت في منزلي أياما قلائل، و اذا أنا ذات ليلة راقد علي فراشي، فرأيت طيفا كأن القيامة قد قامت، و الناس يموجون علي الأرض كالجراد، اذا فقدت دليلها، و كلهم دالع لسانه علي صدره من شدة الظمأ، و أنا أعتقد بأن ما فيهم أعظم مني عطشا؛ لأنه كل سمعي و بصري من شدته هذا غير حرارة الشمس يغلي منها


دماغي، و الأرض تغلي كأنها القير اذا اشعل تحته نار، فخلت أن رجلي قد تقلعت قدماها، فوالله العظيم لو أني خيرت بين عطشي و تقطيع لحمي حتي يسيل دمي لأشربه، لرأيت شربة خيرا من عطشي.

فبينا أنا في العذاب الأليم، و البلاء العميم، اذا أنا برجل قد عم الموقف نوره، و ابتهج الكون بسروره، راكبا علي فرس، و هو ذو شيبة قد حفت به الوف من كل نبي و وصي و صديق و شهيد و صالح، فمر كأنه ريح، أو سيران فلك، فمرت ساعة و اذا أنا بفارس علي جواد أغر، له وجه كتمام القمر، تحت ركابه الوف، ان أمر ائتمروا، و ان زجر انزجروا، فاقشعرت الأجسام من لفتاته، و ارتعدت الفرائص من خطراته، فتأسفت علي الأول ما سألت عنه خيفة من هذا.

و اذا به قد قام في ركابه، و أشار الي أصحابه، و سمعت قوله: خذوه، و اذا بأحدهم قاهر بعضدي كلبة حديد خارجة من النار، فمضي بي اليه، فخلت كتفي اليمني قد انقلعت، فسألته الخفة، فزادني ثقلا، فقلت له: سألتك بمن أمرك علي من تكون؟ قال: ملك من الملائكة الجبارين، قلت: و من هذا؟ قال: علي الكرار، قلت: والذي قبله؟ قال: محمد المختار، قلت: والذي حوله؟ قال: النبيون و الصديقون و الشهداء و الصالحون و المؤمنون، قلت: أنا ما فعلت حتي أمرك علي؟ قال: اليه يرجع الأمر، و حالك حال هؤلاء.

فحققت النظر و اذا بعمر بن سعد أمير العسكر و قوم لم أعرفهم، و اذا بعنقه سلسلة من حديد، و النار خارجة من عينيه و اذنيه، فأيقنت بالهلاك، و باقي القوم منهم مقلد، و منهم مقيد، و منهم مقهور بعضده مثلي.

فبينا نحن نسير و اذا برسول الله صلي الله عليه و آله و سلم الذي وصفه الملك جالس علي كرسي عال، يزهر أظنه من اللؤلؤ، و رجلين ذي شيبتين بهيين عن يمينه، فسألت الملك عنهما، فقال: نوح و ابراهيم.

و اذا برسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقول: ما صنعت يا علي؟ قال: ما تركت أحدا من قاتلي الحسين الا و قد أتيت به، فحمدت الله تعالي علي أني لم أكن منهم، ورد الي عقلي، و اذا برسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقول: قدموهم، ققدموهم اليه، و جعل يسألهم و يبكي، و يبكي كل من في الموقف لبكائه؛ لأنه يقول للرجل، ما صنعت بطف


كربلاء بولدي الحسين عليه السلام؟ فيجيب يا رسول الله أنا حميت الماء عليه، و هذا يقول: أنا قتلته، و هذا يقول: أنا سلبته، و هذا يقول: أنا وطئت صدره بفرسي، و منهم من يقول: أنا ضربت ولده العليل.

فصاح رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم واولداه، واقلة ناصراه، واحسيناه، واعلياه، هكذا جري عليكم بعدي أهل بيتي انظر يا أبي آدم، انظر يا أخي نوح، كيف أخلفوني في ذريتي، فبكوا حتي ارتج المحشر، فأمر بهم زبانية جهنم يجرونهم أولا فأولا الي النار.

و اذا بهم قد أتوا برجل، فسأله، فقال: ما صنعت شيئا، فقال: أما كنت نجارا؟ قال: صدقت يا سيدي، لكني ما عملت شيئا الا عمودا لخيمة الحصين بن نمير لأنه انكسر من ريح عاصف فوصلته، فبكي، و قال: كثرت السواد علي ولدي خذوه الي النار، فأخذوه و صاحوا لا حكم الا لله و لرسوله و وصيه.

قال الحداد: فأيقنت بالهلاك، فأمر بي، فقدموني، فاستخبرني فأخبرته، فأمر بي الي النار، فما سحبوني الا و انتبهت و حكيت لكل من لقيته، و قد يبس لسانه، و مات نصفه، و تبرأ منه كل من يحبه، و مات فقيرا لا رحمه الله (و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) [8] .

قال السيد: روي ابن رياح، قال: لقيت رجلا مكفوفا قد شهد قتل الحسين عليه السلام، فسئل عن ذهاب بصره، فقال: كنت شهدت عاشر عشرة، غير أني لم أضرب و لم أرم، فلما قتل رجعت الي منزلي، و صليت العشاء الآخرة و نمت، فأتاني آت في مقامي، فقال: أجب رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، فقلت: مالي وله؟ فأخذ بتلابيبي و جرني اليه، فاذا النبي صلي الله عليه و آله و سلم جالس في صحراء، حاسر عن ذراعيه، آخذ بحربة، و ملك قائم بين يديه، و في يده سيف من نار، يقتل أصحابي التسعة، فكلما ضرب ضربة التهبت أنفسهم نارا، فدنوت منه و جثوت بين يديه، و قلت: السلام عليك يا رسول، فلم يرد علي، و مكث طويلا، ثم رفع رأسه، و قال: يا عدو الله انتهكت حرمتي، و قتلت عترتي، و لم ترع حقي، و فعلت و فعلت، فقلت: والله يا


رسول الله ما ضربت بسيف، و لا طعنت برمح، و لا رميت بسهم، قال: صدقت و لكنك كثرت السواد، ادن مني، فدنوت منه، فاذا طست مملوء دما، فقال لي: هذا دم ولدي الحسين، فكحلني من ذلك، فانتبهت حتي الساعة لا أبصر شيئا [9] .

و في المنتخب: حكي عن السدي [10] ، قال: ضافني [11] رجل في ليلة و كنت أحب الجليس، فرحبت به و قربته و أكرمته، فجلسنا نتسامر، و اذا به ينطلق بالكلام كالسيل اذا قصد الحضيض، فأطرقت له، فانتهي في سمره الي طف كربلاء، و كان قريب العهد من قتل الحسين عليه السلام، فتأوهت الصعداء، و تزفرت كمدا [12] ، فقال: ما بالك؟ قلت ذكرت مصابا يهون عنده كل مصاب.

قال: أما كنت حاضرا يوم الطف؟ قلت: لا و الحمدلله، قال: أراك تحمد علي أي شي ء؟ قلت: علي الخلاص من دم الحسين عليه السلام؛ لأن جده قال: من طولب بدم ولدي الحسين يوم القيامة لخفيف الميزان.

قال: قال هكذا جده؟ قلت: نعم، و قال صلي الله عليه و آله و سلم: ولدي الحسين يقتل ظلما و عدوانا، ألا و من قتله يدخل في تابوت من نار، و يعذب بعذاب نصف أهل النار، و قد غلت يداه و رجلاه، و له رائحة يتعوذ أهل النار منها، هو و من شايع و بايع، أو رضي بذلك، كلما نضجت جلودهم بدلوهم بجلود غيرها، ليذوقوا العذاب، لا يفتر عنهم ساعة، و يسقون من حميم جهنم، فالويل لهم من عذاب جهنم.

قال: لا تصدق هذا الكلام يا أخي، قلت: كيف هذا؟ و قد قال صلي الله عليه و آله و سلم: لا كذبت و لا كذبت؟ قال: تري قالوا: قال رسول الله قاتل ولدي الحسين لا يطول عمره، و ها أنا و حقك قد تجاوزت التسعين، مع أنك ما تعرفني، قلت: لا والله؛ قال: أنا الأخنس بن زيد، قلت: و ما صنعت يوم الطف؟

قال: أنا الذي امرت علي الخيل الذين أمرهم عمر بن سعد بوطي ء جسم


الحسين عليه السلام بسنابك الخيل، و هشمت أضلاعه، و جررت نطعا [13] من تحت علي بن الحسين عليهماالسلام، و هو عليل، حتي كببته علي وجهه، و خرمت اذني صفية بنت الحسين لقرطين كانا في اذنيها.

قال السدي: فبكي قلبي هجوعا [14] ، و عيناي دموعا، و خرجت اعالج علي هلاكه، و اذا بالسراج قد ضعف، فقمت أظهرها، فقال: اجلس، و هو يحكي لي متعجبا من نفسه و سلامته، و مد اصبعه ليظهرها، فاشتعلت به، ففركها في التراب، فلم تنطف.

فصاح بي أدركني يا أخي، فكببت الشربة عليها، و أنا غير محب لذلك، فلما شمت النار رائحة الماء، ازدادت قوة، و صاح بي ما هذه النار و ما يطفيها، قلت: ألق نفسك في النهر، فرمي بنفسه، فكلما ركس جسمه في الماء اشتعلت في جميع بدنه، كالخشبة البالية في الريح البارح، هذا و أنا أنظره، فوالله الذي لا اله الا هو لم تطف حتي صار فحما، و سار علي وجه الماء، ألا لعنة الله علي الظالمين [15] .


پاورقي

[1] في البحار: عن أبي‏الدنيا.

[2] بحارالأنوار 311: 45.

[3] في المنتخب: قتلة.

[4] المنتخب ص 315 - 314.

[5] المنتخب ص 92 -90.

[6] بحارالأنوار 312 -311: 45.

[7] قال في القاموس: السک المسمار جمع سکاک و سکوک انتهي، و لم يجي‏ء جمعه علي سکک علي ما في الخبر، فيمکن أن يکون علي غير جهة القياس، فان القياس الشائع فعول کشک و شکوک وصک و صکوک «منه».

[8] المنتخب ص 192 -190.

[9] اللهوف 60 -59.

[10] و هو من التابعين من أهل السنة، و له تفسير مشهور، و کان يجلس علي شبه دکان، و لذا ينسب الي السدة «منه».

[11] ضفت الرجل ضيافة اذا نزلت عليه ضيفا.

[12] الکمد: الحزن المکتوم.

[13] في المنتخب: نطفا.

[14] الهجوع: النوم ليلا، کذا في القاموس. و لعل المراد التمثيل و الاستعارة لموت القلب و انکساره لأنه بکاء القلب. «منه».

[15] المنتخب ص 175.