بازگشت

في سوانح وقعت في طريق الشام و غيره حتي وردوا مجلس يزيد


قال السيد: و كتب عبيدالله بن زياد الي يزيد بن معاوية يخبره بقتل الحسين عليه السلام، و خبر أهل بيته، و كتب أيضا الي عمرو بن سعيد بن العاص أمير المدينة بمثل ذلك [1] .

أقول: روي صاحب المناقب و غيره: أن عمرو بن سعيد بعد ما جاءه الناعي بقتل الحسين عليه السلام، خطب الناس، و قال: انها لدمة بلدمة، و صدمة بصدمة، كم خطبة بعد خطبة، و موعظة بعد موعظة، حكمة بالغة فما تغن النذر، والله لوددت أن رأسه في بدنه، و روحه في جسده أحيانا، كان يسبنا و نمدحه، و يقطعنا و نصله، كعادتنا و عادته، و لم يكن من أمره ما كان، و لكن كيف نصنع بمن سل سيفه يريد


قتلنا، الا أن ندفعه عن أنفسنا.

فقام عبيدالله بن السائب، فقال: لو كانت فاطمة حية، فرأت رأس الحسين عليه السلام لبكت عليه، فجبهه عمرو بن سعيد، و قال: نحن أحق بفاطمة منك أبوها منا [2] و زوجها أخونا، و ابنها ابننا، لو كانت فاطمة حية لبكت عينها و حرقت كبدها، و ما لامت من قتله، و دفعه عن نفسه [3] .

و في المنتخب: قال عمرو بن سعيد: هذه والله واعية بواعية عثمان [4] .

ثم قال المفيد: فعظمت واعية بني هاشم: و أقاموا سنن المصائب و المآتم، و خرجت زينب بنت عقيل حين سمعت نعي الحسين عليه السلام و هي حاسرة، و معها اخواتها و هن يبكين، و تقول زينب:



ماذا تقولون ان قال النبي لكم

ماذا فعلتم و أنتم آخر الامم



بعترتي و بأهلي بعد مفتقدي

منهم اساري و منهم ضرجوا بدم



ما كان هذا جزائي اذ نصحت لكم

ان تخلفوني بسوء في ذوي رحمي



فلما جاء الليل سمع أهل المدينة هاتفا ينادي:



أيها القاتلون جهلا حسينا

أبشروا بالعذاب و التنكيل



كل أهل السماء يدعو عليكم

من نبي و ملأك و قبيل



قد لعنتم علي لسان ابن داود

و موسي و صاحب الانجيل



قال المفيد فدخل بعض موالي عبدالله بن جعفر بن أبي طالب عليه، فنعي اليه ابنيه فاسترجع، فقال أبوالسلاسل مولي عبدالله، هذا ما لقينا من الحسين بن علي عليه السلام، فحذفه عبدالله بن جعفر بنعله، ثم قال: يابن اللخناء أللحسين تقول مثل هذا؟ والله لو شهدته لأحببت أن لا افارقه حتي اقتل معه، والله انه لمما يسخي بنفسي عنهما، و يعزي عن المصائب بهما، انهما اصيبا مع أخي و ابن عمي مواسين له صابرين معه، ثم أقبل علي جلسائه، فقال: الحمدلله، عز علي مصرع الحسين،


ان لم أكن آسيت حسينا بيدي فقد آساه ولداي [5] .

ثم قال السيد: و أما يزيد بن معاوية، فانه لما وصل كتاب عبيدالله اليه، و وقف عليه، أعاد الجواب اليه: يأمره فيه بحمل رأس الحسين، و رؤوس من قتل معه، و حمل أثقاله و نسائه و عياله، فاستدعي ابن زياد بمخفر بن ثعلبة العائذي، فسلم اليه الرؤوس و الاساري و النساء، فسار مخفر الي الشام، كما يسار بسبايا الكفار، يتصفح وجوههن أهل الأقطار [6] .

و في المنتخب، أن اللعين دعا بالشمر، و خولي، و شبث بن ربعي، و عمرو ابن الحجاج، و ضم اليهم ألف فارس، و زودهم، و أمرهم بأخذ السبايا و الرؤوس الي دمشق، و أمرهم أن يشهرهم في كل بلدة يدخلونها، فساروا علي الفرات، و أخذوا علي أول منزل فنزلوا، و كان المنزل خرابا، فوضعوا الرأس بين أيديهم و السبايا معهم، و اذا بكف خارج من الحائط و قلم يكتب بدم: أترجو امة قتلت حسينا، البيت علي ما مضي، قال: ففزعوا من ذلك و ارتاعوا و رحلوا من ذلك المنزل.

قال: فلما وصلوا الي تكريت، أنفذوا الي صاحب البلد أن تلقانا، فان معنا رأس الحسين و سباياه، فلما أخبرهم الرسول بذلك نشرت الأعلام و خرجت الغلمة يتلقونهم، فقالت النصاري: ما هذا؟ فقالوا: رأس الحسين، فقالوا: هذا رأس ابن بنت نبيكم؟ قالوا: نعم، قال: فعظم ذلك عليهم، و صعدوا الي بيعهم، و ضربوا النواقيس تعظيما لله رب العالمين، و قالوا: اللهم انا اليك براء مما صنع هؤلاء الظالمون.

قال: فلما رحلوا من تكريت، و أتوا علي واد النخلة، سمعوا بكاء الجن، و هن يلطمن علي وجوههن، و يقلن:



مسح النبي جبينه

فله بريق في الخدود



أبواه من عليا قريش

و جده خير الجدود




و اخري تقول:



ألا يا عين جودي فوق خدي

فمن يبكي علي الشهداء بعدي



قال: فلما وصلوا الي بلدة يقال لها: مرشاد، خرجوا المشايخ و المخدرات و الشبان، يتفرجون علي السبي و الرؤوس، و هم مع ذلك يصلون علي محمد و آله، و يلعنون أعداءهم، و هو من العجائب [7] .

قال السيد: روي ابن لهيعة و غيره حديثا، أخذنا منه موضع الحاجة، قال: كنت أطوف بالبيت، فاذا أنا برجل يقول: اللهم اغفر لي و ما أراك فاعلا، فقلت له: يا عبدالله اتق الله، و لا تقل مثل هذا الكلام، فان ذنوبك لو كانت مثل قطر الأمطار و ورق الأشجار، فاستغفرت الله لغفرها لك، فانه غفور رحيم.

قال: فقال لي: تعال معي حتي أخبرك بقصتي، فأتيته، فقال لي: اعلم انا كنا خمسين نفرا ممن سار مع رأس الحسين عليه السلام الي الشام، فكنا اذا أمسينا وضعنا الرأس في التابوت، و شربنا الخمر حول التابوت فشرب أصحابي ليلة حتي سكروا، و لم أشرب معهم.

فلما جن الليل سمعت رعدا، و رأيت برقا، فاذا أبواب السماء قد فتحت، و نزل آدم و نوح و ابراهيم و اسماعيل واسحاق و نبينا محمد صلي الله عليه و آله و عليهم أجمعين، و معهم جبرئيل و خلق من الملائكة، فدنا جبرئيل من التابوت، فأخرج الرأس و ضمه الي نفسه و قبله، ثم كذلك فعل الأنبياء كلهم، و بكي النبي صلي الله عليه و آله و سلم علي رأس الحسين عليه السلام، و عزاه الأنبياء، و قال له جبرئيل، يا محمد ان الله تعالي أمرني أن اطيعك في امتك، فان أمرتني زلزلت بهم الأرض، و جعلت عاليها سافلها، كما فعلت بقوم لوط، فقال النبي صلي الله عليه و آله و سلم: لا يا جبرئيل، فان لهم معي موقفا بين يدي الله تعالي يوم القيامة.

ثم جاءت الملائكة نحونا ليقتلونا، فقلت: الأمان الأمان يا رسول الله، فقال: اذهب فلا غفر الله لك [8] .


و في المناقب: فلما أصبحت رأيت أصحابي كلهم جاثمين رمادا [9] .

ثم قال في المنتخب: ثم انهم لما قربوا من بعلبك، كتبوا الي صاحبها بأن تلقانا، فان معنا رأس الحسين عليه السلام، فأمر بالرايات فنشرت، و خرج الصبيان يتلقونهم علي نحو من ستة أميال فرحا بهم، فقالت ام كلثوم: أباد الله كثرتكم، و سلط عليكم من يقتلكم، ثم بكي عند ذلك علي بن الحسين عليه السلام، و قال:



هو الزمان فلا تفني عجائبه

عن الكرام و ما تهدأ مصائبه



فليت شعري الي كم ذا تجاذبنا

فنونه و ترانا كم نجاذبه



يسري بنا فوق أقتاب بلا وطاء

و سائق العيس يحمي عنه عازبه



كأننا من اساري الروم بينهم

كأن ما قاله المختار كاذبه



كفرتم برسول الله ويحكم

فكنتم مثل من ضلت مذاهبه [10] .



و فيه: قال: و نصبوا الرمح الذي فيه الرأس الي جانب صومعة راهب، فسمعوا هاتفا يقول راثيا: فقالت له ام كلثوم: من أنت يرحمك الله؟ قال: أنا ملك من الجن، أتيت أنا و قومي لننصر الحسين عليه السلام، فصادفناه و قد قتل.

قال: فلما سمعوا بذلك رعبت قلوبهم، و قالوا: اننا علمنا أننا من أهل النار بلا شك، فلما جن الليل أشرف الراهب من صومعته، و نظر الي الرأس و قد سطع منه النور، و قد أخذ في عنان السماء، و نظر الي باب قد فتح من السماء و الملائكة ينزلون و هم ينادون: يا أباعبدالله عليك السلام، فجزع الراهب من ذلك.

فلما أصبحوا و هموا بالرحيل، أشرف الراهب عليهم، و قال: ما الذي معكم؟ قالوا: رأس الحسين بن علي، فقال: و من امه؟ قالوا: فاطمة بنت محمد.

قال: فجعل الراهب يصفق بكلتا يديه، و هو يقول: لا حول و لا قوة الا بالله العلي العظيم، صدقت الأحبار فيما قالت، فقالوا: و ما الذي قالت الأحبار؟ قال: يقولون: اذا قتل هذا الرجل مطرت السماء دما، و ذلك لا يكون الا لنبي، أو ولد وصي، ثم قال: واعجباه من امة قتلت ابن بنت نبيها و ابن وصيه.


ثم انه أقبل علي صاحب الرأس الذي يلي أمره، و قال له: أرني الرأس لأنظر اليه، فقال: ما أكشفه الا بين يدي يزيد لجائزة هي بدرة عشرة آلاف درهم، فقال: أنا أعطيك ذلك، فأحضر له ما قال،: فأخذ الرأس و تركه في حجره، فبدت ثناياه فانكب عليه، و جعل يقبلها و يبكي و يقول: يعز علي يا أباعبدالله أن لا أكون أول قتيل بين يديك، و لكن اذا كان في الغد فاشهد لي عند جدك أني أشهد أن لا اله الا الله، و أن محمدا عبده و رسوله، ثم رد الرأس بعد أن أحسن اسلامه، فسار القوم، ثم جلسوا يقتسمون الدراهم، فاذا هي خزف مكتوب عليها: (و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) [11] .

قال السيد في كتاب الاقبال: رأيت في كتاب المصابيح: باسناده الي جعفر ابن محمد عليهماالسلام، قال: قال لي أبي محمد بن علي عليهماالسلام: سألت أبي علي بن الحسين عليهماالسلام عن حمل يزيد له، فقال حملني علي بعير يظلع [12] بغير وطاء، و رأس الحسين عليه السلام علي علم، و نسوتنا خلفي علي بغال، فأكف [13] ، و الفارطة [14] خلفنا و حولنا بالرماح، ان دمعت من أحدنا عين، قرع رأسه بالرمح، حتي اذا دخلنا دمشق، صاح صائح: يا أهل الشام هؤلاء سبايا أهل البيت الملعون [15] .

قال السيد في اللهوف: و سار القوم برأس الحسين عليه السلام و نسائه و الاساري من رجاله، فلما قربوا من دمشق دنت ام كلثوم من شمر و كان في جملتهم، فقالت له: اليك حاجة، فقال: ما حاجتك؟

قالت: اذا دخلت بنا البلد، فاحملنا في درب قليل النظارة، و تقدم اليهم و قل: أن يخرجوا هذه الرؤوس من بين المحامل و ينحوا بها عنها، فقد خزينا من كثرة النظر الينا، و نحن في هذه الحال، فأمر في جواب سؤالها أن تجعل الرؤوس


علي الرماح في أوساط المحامل بغيا منه و كفرا، و سلك بهم بين النظارة علي تلك الصفة، حتي أتي بهم باب دمشق، فوقفوا علي درج باب المسجد الجامع حيث يقام السبي [16] .

و روي الفاضل المتبحر: عن صاحب المناقب باسناده، عن زيد، عن آبائه، عن سهل بن سعد، قال: خرجت الي بيت المقدس حتي توسطت الشام، فاذا أنا بمدينة مطردة الأنهار، كثيرة الأشجار، و قد علقوا الستور و الحجب و الديباج، فرحون مستبشرون، و عندهم نساء يلعبن بالدفوف و الطبول، و قلت في نفسي: لا نري لأهل الشام عيدا لا نعرفه نحن.

فرأيت قوما يتحدثون، فقلت: يا قوم لكم بالشام عيد لا نعرفه نحن؟ قالوا: يا شيخ نراك أعرابيا؟ فقلت: أنا سهل بن سعد قد رأيت محمدا صلي الله عليه و آله و سلم، قالوا: يا سهل ما أعجبك السماء لا تمطر دما، و الأرض لا تنخسف بأهلها؟ قلت: و لم ذاك؟ قالوا: هذا رأس الحسين عترة محمد صلي الله عليه و آله و سلم يهدي من أرض العراق، فقلت: واعجبا يهدي رأس الحسين و الناس يفرحون، قلت: من أي باب يدخل؟ فأشاروا الي باب يقال له: باب الساعات.

قال: فبينا أنا كذلك حتي رأيت الرايات يتلو بعضها بعضا، فاذا نحن بفارس بيده لواء منزوع السنان، عليه رأس من أشبه الناس وجها برسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، فاذا أنا من ورائه رأيت نسوة علي جمال بغير وطاء، فدنوت من اولادهم، فقلت: يا جاريه من أنت؟ فقالت: أنا سكينة بنت الحسين عليه السلام، فقلت لها: ألك حاجة الي؟ فأنا سهل بن سعد ممن رأي جدك و سمعت حديثه.

قالت: يا سهل قل لصاحب هذا الرأس أن يقدم الرأس أمامنا، حتي يشتغل الناس بالنظر اليه، و لا ينظروا الي حرم رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم.

قال سهل: فدنوت من صاحب الرأس، فقلت له: هل لك أن تقضي حاجتي و تأخذ مني أربعمائة دينار؟ قال: ما هي؟ قلت: تقدم الرأس أمام الحرم، ففعل


ذلك، فدفعت اليه ما وعدته [17] .

و في المنتخب: و اذا برأس والنور يسطع من فيه كنور رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، فلطمت علي وجهي، و قطعت أطماري، و علا بكائي و نحيبي، و قلت: واحزناه للأبدان السليبة النازحه عن الأوطان، المدفونة بلا أكفان، واحزناه علي الخد الرسيب [18] ، و الشيب الخضيب، يا رسول الله ليت عينك تري رأس الحسين عليه السلام في دمشق يطاف به الأسواق، و بناتك مشهورات علي النياق، مشققات الذيول و الأرياق، ينظر اليه شرار الفساق، أين علي بن أبي طالب يراكم علي هذه الحال؟ ثم بكيت الي أخره [19] .

و أيضا في المنتخب مثل ما في الرواية بتغيير ما، و فيه: ثم تقدمت اليه - أي الي صاحب الرأس الشريف - و سألته بالله و بالغت معه، فانتهرني و لم يفعل.

قال سهل: و كان معي رفيق نصراني يريد بيت المقدس - و هو متقلد سيفا تحت ثيابه، فكشف الله عن بصره، فسمع رأس الحسين عليه السلام و هو يقرأ القرآن و يقول: (و لا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون) الآية، فأدركته السعادة، فقال كلمتي الشهادة، ثم انتضي سيفه، و شد به علي القوم، و هو يبكي، و جعل يضرب فيهم، فقتل منهم جماعة كثيرة، ثم تكاثروا عليه فقتلوه رحمه الله.

فقالت ام كلثوم: ما هذه الصيحة؟ فحكيت لها الحكاية، فقالت: واعجباه النصاري يحتشمون لدين الاسلام، و امة محمد الذين يزعمون أنهم علي دين محمد يقتلون أولاده، و يسبون حريمه، و لكن العاقبة للمتقين [20] .

و فيه: فلما وردوا الي دمشق جاء البريد الي يزيد، و هو معصب الرأس، و يداه و رجلاه في طست من ماء حار، و بين يديه طبيب يعالجه، و عنده جماعة من بني امية يحادثونه، فحين رآه قال له: أقر الله عينيك بورود رأس الحسين، فنظر


اليه شزرا [21] ، و قال: لا أقر الله عينيك، ثم قال للطبيب: أسرع و اعمل ما تريد أن تعمل.

قال: فخرج الطبيب عنه، و قد أصلح جميع ما أراد أن يصلحه، ثم انه أخذ كتابا بعثه اليه ابن زياد و قرأه، فعض علي أنامله، حتي كاد أن يقطعها، ثم استرجع و دفعه الي من حضر، فقال بعضهم لبعض: هذا ما كسبت أيديكم، فما كان الا ساعة و اذا بالرايات قد أقبلت، و من تحتها التكبير، و اذا بصوت هاتف لا يري شخصه يقول: جاؤوا برأسك يابن بنت محمد، الأبيات علي ما يجي ء.

قال: ثم أتوا الي باب الساعات، فوقفوا هناك ثلاث ساعات، يطلبون الاذن من يزيد، فبيناهم كذلك اذ خرج مروان، فلما نظر الي رأس الحسين، صار ينظر الي أعطافه جذلا طربا، ثم خرج أخوه عبدالرحمن فبكي، ثم قال: أما أنتم فقد حجبتم عن جده رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، والله لا جامعتكم علي أمر ابدا، ثم قال: لعزيز علي يا أباعبدالله ما نزل بك [22] .

قال السيد: روي أن بعض الفضلاء التابعين لما شاهد رأس الحسين عليه السلام بالشام، أخفي نفسه شهرا من جميع أصحابه، فلما وجدوه بعد اذ فقدوه، سألوه عن سبب ذلك، فقال: ألا ترون ما نزل بنا، ثم أنشأ يقول:



جاؤوا برأسك يابن بنت محمد

مترملا بدمائه ترميلا



و كأنما بك يابن بنت محمد

قتلوا جهارا عامدين رسولا



قتلوك عطشانا و لما يرقبوا

في قتلك التأويل و التنزيلا



و يكبرون بأن قتلت و انما

قتلوا بك التكبير و التهليلا [23] .



و في المنتخب: أنه قالها هاتف حين أقبلت الرايات و كبر القوم [24] ، علي ما مر آنفا.

قال السيد: و جاء شيخ فدنا من نساء الحسين عليه السلام و عياله، و هم في ذلك


الموضع، فقال: الحمدلله الذي قتلكم و أهلككم، و أراح البلاد من رجالكم، و أمكن أميرالمؤمنين منكم، فقال له علي بن الحسين عليه السلام: يا شيخ هل قرأت القرآن؟ قال: نعم، قال: فهل عرفت هذه الآية: (قل لا أسئلكم عليه أجرا الا المودة في القربي) [25] ؟ فقال الشيخ: قد قرأت ذلك، فقال له علي عليه السلام: فنحن القربي يا شيخ، فهل قرأت في بني اسرائيل (و آت ذا القربي حقه) [26] ؟ فقال الشيخ: قد قرأت ذلك، فقال له علي عليه السلام: فنحن القربي يا شيخ، فهل قرأت هذه الآية: (و اعلموا أنما غنمتم من شي ء فأن لله خمسه و للرسول و لذي القربي) [27] ؟ قال الشيخ: نعم، فقال له علي عليه السلام: فنحن القربي يا شيخ، و لكن هل قرأت هذه الآية (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا) [28] ؟ قال الشيخ قد قرأت ذلك، فقال علي عليه السلام: فنحن أهل البيت الذين اختصنا الله بالطهارة يا شيخ.

قال: فبقي الشيخ ساكتا نادما علي ما تكلم به، و قال: و بالله أنكم هم؟ فقال علي بن الحسين عليه السلام: انا لنحن هم بغير شك، و حق جدنا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم انا لنحن هم بلا شك، فبكي الشيخ و رمي عمامته، ثم رفع رأسه الي السماء، و قال: اللهم اني أبرأ اليك من عدو آل محمد صلي الله عليه و آله و سلم من جن و انس، ثم قل: و هل لي من توبة؟ فقال له: نعم ان تبت تاب الله عنك و أنت معنا، فقال: أنا تائب، فبلغ يزيد حديث الشيخ، فأمر به فقتل [29] .

و في المنتخب: نقل عن علي بن الحسين عليهماالسلام أنه قال: لما وفدنا علي يزيد ابن معاوية أتونا بحبال، و ربقونا مثل الأغنام، و كان الحبل بعنقي و عنق ام كلثوم و بكتف زينب و سكينة و البنات و ساقونا، و كلما قصرنا عن المشي ضربونا حتي أوقفونا بين يدي يزيد، فتقدمت اليه و هو علي سرير مملكته، و قلت: ما ظنك


برسول الله لو يرانا علي هذه الصفة؟ فبكي و أمر بالحبال فقطعت من أعناقنا و أكتافنا [30] .

و فيه: نقل أيضا أن الحريم لما ادخلن علي يزيد، كان ينظر اليهن و يسأل عن كل واحدة، فقيل: هذه ام كلثوم الكبري، و هذه ام كلثوم الصغري، و هذه صفية، و هذه ام هاني، و هذه رقية بنات علي عليه السلام، و هذه فاطمة، و هذه سكينة بنتا الحسين، و هن مربقات بحبل طويل، و سكينة من بينهن تستر وجهها بزندها؛ لأنه لم يكن عندها خرقة تستر وجهها، فقال: من هذه؟ فقالوا: سكينة بنت الحسين، فقال: أنت سكينة؟ فبكت و اختنقت بعبرتها حتي كادت تطلع روحها، فقال لها: ما يبكيك؟ قالت: كيف ما تبكي من ليس لها ستر تستر وجهها، و رأسها عنك و عن جلسائك؟ فبكي اللعين، ثم قال: لعن الله ابن زياد ما أقوي قلبه علي آل الرسول [31] .

روي الشيخ و ابن نما و غيره ما ملخصه: أنه قال علي بن الحسين عليهماالسلام ادخلنا علي يزيد و نحن اثنا عشر رجلا مغللون، قال سهل: و هم مقرنون في الحبال، و وضع الرأس في حقة، و ادخل علي يزيد، و هو جالس علي السرير، و علي رأسه تاج مكلل بالدر و الياقوت، و حوله كثير من مشايخ قريش.

ثم قال عليه السلام: فلما وقفنا بين يديه، قالت فاطمة بنت الحسين عليه السلام: يا يزيد بنات رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم سبايا، فبكي الناس و بكي أهل داره حتي علت الأصوات، فقال علي بن الحسين عليه السلام: فقلت و أنا مغلول: أتأذن لي في الكلام، فقال: قل و لا تقل هجرا، فقال: لقد وقفت موقفا لا ينبغي لمثلي أن يقول الهجر، ما ظنك برسول الله صلي الله عليه و آله و سلم لو رآني في الغل، فقال لمن حوله: حلوه [32] .

قال الفاضل: روي عن الصادق عليه السلام لما ادخل رأس الحسين بن علي عليه السلام علي يزيد، و ادخل عليه علي بن الحسين عليه السلام و بنات أميرالمؤمنين عليه السلام، و كان علي بن الحسين مقيدا مغلولا، قال يزيد يا علي بن الحسين الحمدلله الذي قتل


أباك، فقال علي بن الحسين عليه السلام: لعنة الله علي من قتل أبي.

قال: فغضب يزيد و أمر بضرب عنقه، فقال علي بن الحسين عليه السلام: فاذا قتلتني فبنات رسول الله من يردهم الي منازلهم و ليس لهم محرم غيري؟ فقال: أنت تردهم الي منازلهم، ثم دعا بمبرد فأقبل يبرد، ثم قال يزيد: يا علي بن الحسين (ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم) [33] ؟ فقال علي بن الحسين عليه السلام: كلا ما هذه فينا نزلت، انما نزلت فينا (ما أصابكم من مصيبة في الأرض و لا في أنفسكم الا في كتاب من قبل أن نبرأها) [34] فنحن الذين لا نأسي علي ما فاتنا، و لا نفرح بما أتانا منها [35] .

روي ثقات الرواة و عدو لهم: لما ادخل علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام في جملة من حمل الي الشام سبايا - من أولاد الحسين بن علي عليهماالسلام و أهاليه - علي يزيد، قال له: الحمدلله الذي قتل أباك، قال عليه السلام: قتل أبي الناس، قال: الحمدلله الذي قتله فكفانيه، قال عليه السلام: من قتل أبي لعنه الله، أفتراني لعنت الله عزوجل، قال يزيد، اصعد المنبر فاعلم الناس حال الفتنة، و ما رزق الله أميرالمؤمنين من الظفر.

فقال علي بن الحسين عليه السلام: ما أعرفني بما تريد، فصعد المنبر، فحمد الله و أثني عليه، و صلي علي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، ثم قال: أيها الناس من عرفني فقد عرفني، و من لم يعرفني فأنا اعرفه نفسي، انا ابن مكة و مني، أنا ابن المروة و الصفا، أنا ابن محمد المصطفي، أنا ابن من لا يخفي، أنا ابن من علا فاستعلي، فجاز سدرة المنتهي، و كان من قربه قاب قوسين أو أدني.

فضج أهل الشام بالبكاء حتي خشي يزيد أن يرحل من مقعده، فقال للمؤذن: أذن، فلما قال المؤذن: الله أكبر الله أكبر، جلس علي بن الحسين عليه السلام علي المنبر، فلما قال: أشهد أن لا اله الا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، بكي علي بن الحسين عليه السلام، ثم التفت الي يزيد، فقال: يا يزيد هذا أبوك أم أبي؟ قال:


بل أبوك فانزل، فنزل فأخذ ناحية باب المسجد [36] .

روي المفيد: ثم دعا يزيد بالنساء و الصبيان، فاجلسوا بين يديه، فرأي هيئة قبيحة، فقال: قبح الله ابن مرجانة لو كانت بينكم و بينه قرابة و رحم ما فعل هذا بكم، و لا بعث بكم علي هذه الحالة [37] .

قال السيد و غيره: لما وضع رأس الحسين عليه السلام اجلس النساء خلفه لئلا ينظرن اليه، فرآه علي بن الحسين عليه السلام، فلم يأكل الرؤوس بعد ذلك ابدا. و أما زينب، فانها لما رأته أهوت الي جيبها فشقته، ثم نادت بصوت حزين يقرع القلوب: يا حسيناه، يا حبيب رسول الله، يابن مكة و مني، يابن فاطمة الزهراء سيدة النساء، قال: فأبكت والله كل من كان في المجلس، و يزيد ساكت.

ثم جعلت امرأة من بني هاشم كانت في دار يزيد تندب علي الحسين عليه السلام، و تنادي: يا حسيناه، يا حبيباه، يا سيد أهل بيتاه، يابن محمداه، يا ربيع الأرامل و اليتامي، يا قتيل أولاد الأدعياء، قال: فأبكت كل من سمعها [38] .

و في المنتخب، قال: ثم ان هندا بنت عبدالله بن عمر [39] زوجة يزيد دعت برداء و تقنعت، و وقفت من خلف الستر، فلما رأت الرأس، قالت ليزيد: ما هذا؟ فقال: رأس الحسين، فبكت هند و قالت: عزيز علي فاطمة أن تري رأس ابنها بين يديك يا يزيد، ويحك فعلت فعلة استوجبت بها النار يوم القيامة، والله ما أنا لك بزوجة، و لا أنت لي ببعل، ويلك بأي وجه تلقي الله و جده رسول الله؟ فقال لها: ارتدعي يا هند من كلامك، والله ما أخبرت به و لا أمرت به، فعند ذلك خرجت عنه و تركته [40] .

أقول: و في رواية الفاضل، عن أبي مخنف، أن هندا كانت قبل ذلك تحت الحسين عليه السلام، فشقت الستر و هي حاسرة، فوثبت الي يزيد و هو في مجلس عام


الي آخر ما ذكر [41] .

و في المنتخب و مقتل ابن نما: ثم انه التفت الي القوم، و قال: كيف صنعتم بهم؟ فقالوا: جاءنا بثمانية عشر من أهل بيته، و سبعين رجلا من شيعته و أنصاره، فسألناهم النزول علي حكم الأمير، فأبوا، فعدونا عليهم من شرق الأرض و غربها، و أحطنا بهم من كل ناحية، حتي أخذت السيوف مأخذها، فلاذوا بنا كما يلوذ الحمام من الصقر، فما كان الا ساعة حتي أتينا علي آخرهم، فهاتيك أجسادهم مجردة، و ثيابهم مرملة، و خدودهم معفرة، تصهرهم الشمس، و تسفي عليهم الريح، زوارهم العقبان [42] و الرخم [43] ، بقاع قرقر سبسب [44] ، لا مكفنين و لا موسدين، قال: فأطرق يزيد ساعة، ثم رفع رأسه و قال: كنت أرضي من طاعتكم بدون قتل الحسين.

و في المنتخب: ثم دخل عليه الشمر يطلب منه الجائزة، و هو يقول:



املأ ركابي فضة أو ذهبا

أنا قتلت السيد المحجبا



قتلت خير الناس اما و أبا

و خيرهم اذ ينسبون النسبا



قال: فنظر اليه يزيد شزرا، و قال أملأ ركابك حطبا و نارا، ويلك اذا علمت أنه خير الخلق اما و أبا فلم قتلته؟ اخرج من بين يدي لا جائزة لك عندي، فخرج علي وجهه هاربا، قد خسر الدنيا و الآخرة ذلك هو الخسران المبين [45] .

أقول: في رواية الفاضل المتقدمة عن صاحب المناقب، عن سهل: أن الجائي برأسه عليه السلام رجل غير شمر، فلما قال الأبيات أمر بضرب عنقه، فجز رأسه، و وضع رأس الحسين عليه السلام علي طبق من ذهب، و هو يقول: كيف رأيت يا حسين؟ [46] .

قال السيد و الشيخ في المنتخب: ثم دعا يزيد بقضيب خيزران، فجعل ينكت


به ثنايا الحسين عليه السلام، فأقبل عليه أبوبردة الأسلمي و قال: يا يزيد أتنكت بقضيبك ثغر الحسين بن فاطمة عليه السلام؟ أشهد لقد رأيت النبي صلي الله عليه و آله و سلم يرشف [47] ثناياه و ثنايا أخيه الحسن عليه السلام، و يقول: أنتما سيدا شباب أهل الجنة، فقتل الله قاتلكما و لعنه و أعد له جهنم و ساءت مصيرا، قال: فغضب يزيد و أمر باخراجه فاخرج سحبا [48] ، قال: و جعل يزيد يتمثل بأبيات ابن الزبعري [49] :



ليت أشياخي ببدر شهدوا

جزع الخزرج من وقع الأسل



فأهلوا و استهلوا فرحا

ثم قالوا يا يزيد لا تشل



لست من خندف [50] ان لم أنتقم

من بني أحمد ما كان فعل



قد قتلنا القوم من ساداتهم

و عدلناه ببدر فاعتدل



لعبت هاشم بالملك فلا

خبر جاء و لا وحي نزل



قال: فقامت زينب بنت علي بن أبي طالب عليه السلام، فقالت: الحمدلله رب العالمين، و صلي الله علي رسوله محمد و آله أجمعين، صدق الله العظيم، كذلك يقول: (ثم كان عاقبة الذين أساؤا السوء أن كذبوا بآيات الله و كانوا بها يستهزؤن) [51] أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الأرض و آفاق السماء، فأصبحنا نساق كما تساق الاسراء أن بنا علي الله هوانا و بك عليه كرامة، و ان ذلك لعظم خطرك عنده، فشمخت بأنفك، و نظرت في عطفك جذلان مسرورا، حين رأيت الدنيا لك مستوسقة و الامور متسقة، و حين صفا لك ملكنا، و خلص لك سلطاننا، مهلا مهلا، أنسيت قول الله تعالي: (و لا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم انما نملي لهم ليزدادوا اثما و لهم عذاب مهين) [52] .

أمن العدل يابن الطلقا تخديرك حرائرك و امائك، و سوقك بنات رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم


سبايا، قد هتكت ستورهن، و أبديت وجوههن تحدو بهن الأعداء من بلد الي بلد، و يستشرفهن أهل المناهل و المناقل، و يتصفح وجوههن القريب و البعيد و الدني و الشريف، ليس معهن من حماتهن حمي، و لا من رجالهن ولي، و كيف يرتجي مراقبة ابن من لفظ فوه أكباد الأزكياء، و نبت لحمه بدماء الشهداء، و كيف يستبطي ء في بغضنا أهل البيت من نظر الينا بالشنف [53] و الشنآن، و الاحن و الاضغان، ثم يقول غير متأثم و لا مستعظم:



و أهلوا و استهلوا فرحا

ثم قالوا يا يزيد لا تشل



منتحيا علي ثنايا أبي عبدالله الحسين سيد شباب أهل الجنة، تنكتها بمخصرتك [54] ، و كيف لا تقول ذلك و قد نكأت [55] القرحة، و استأصلت الشأفة [56] باراقتك دماء ذرية محمد صلي الله عليه و آله و سلم، و نجوم الأرض من آل عبد المطلب، و تهتف بأشياخك، زعمت تناديهم، فلتردن و شيكا [57] موردهم، و لتودن أنك شللت و بكمت، و لم تكن قلت ما قلت، و فعلت ما فعلت.

اللهم خذ بحقنا، و انتقم من ظالمنا، و احلل غضبك علي من سفك دماءنا، و قتل حماتنا، فو الله ما فريت الا جلدك، و لا حززت الا لحمك، و لتردن علي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم بما تحملت من سفك دماء ذريته، و انتهكت حرمته في عترته و لحمته، حيث يجمع الله شملهم، و يلم شعثهم، و يأخذ لهم بحقهم (و لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون) [58] .

و حسبك بالله حاكما، و بمحمد خصيما، و بجبرئيل ظهيرا، و سيعلم من سول لك و مكنك من رقاب المسلمين، بئس للظالمين بدلا، و أيكم شر مكانا و أضعف جندا.


و لئن جرت علي الدواهي مخاطبتك، اني لأستصغرن قدرك، و أستعظم تقريعك، و أستكبر توبيخك، لكن العيون عبري، و الصدور حري، و الجرح لا يندمل، ألا فالعجب كل العجب لقتل حزب الله النجباء بحزب الشيطان الطلقاء، فهذه الأيدي تنطف من دمائنا، و الأفواه تتحلب من لحومنا، و تلك الجثث الطواهر الزواكي تنتابها العواسل، و تعفرها امهات الفراعل [59] ، و لئن اتخذتنا مغنما لتجدنا و شيكا مغرما، حين لا تجد الا ما قدمت يداك، و ما ربك بظلام للعبيد، و الي الله المشتكي و عليه المعول في الشدة و الرخاء.

فكد كيدك، و اسع سعيك، و ناصب جهدك، فو الله لا تمحو ذكرنا، و لا تميت وحينا، و لا تدرك أمدنا، و لا ترحض [60] عنك عارها، و هل رأيك الا فند، و أيامك الا عدد، و جمعك الا بدد، يوم ينادي المنادي: ألا لعنة الله علي الظالمين.

فالحمدلله الذي ختم لأولنا بالسعادة و المغفرة، و لآخرنا بالشهادة و الرحمة، و نسأل الله أن يكمل لهم الثواب، و يوجب لهم المزيد، و يحسن علينا الخلافة، انه رحيم ودود، و حسبنا الله و نعم الوكيل، فقال يزيد:



يا صيحة تحمد من صوائح

ما أهون الموت علي النوائح [61] .



في المنتخب: نقل أنه لما دعا يزيد بسبي الحسين عليه السلام و عرضوا عليه، قالت له زينب: أما تخاف الله سبحانه من قتل الحسين عليه السلام؟ و ما كفاك حتي تستحث حرم رسول الله من العراق الي الشام؟ و ما كفاك انتهاك حرمتهن حتي تسوقنا اليك، كما تسوق الاماء علي المطايا بغير وطاء من بلد الي بلد؟

فقال يزيد: ان أخاك قال: أنا خير من يزيد، و أبي خير من أبيه، و امي خير من امه، و جدي خير من جده، فقد صدق في بعض، و ألحن في بعض أما جده، فهو خير البرية. و أما أن امه خير من امي و أباه خير من أبي، كيف ذلك و قد حاكم أبوه أبي [62] ثم قرأ (قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء و تعز من


تشاء و تذل من تشاء بيدك الخير انك علي كل شي ء قدير) [63] فقالت: (و لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون - فرحين بما آتاهم من فضله) [64] .

ثم قالت: يا يزيد ما قتل الحسين غيرك، و لولاك لكان ابن مرجانة أقل و أذل، أما خشيت من الله بقتله؟ و قد قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فيه و في أخيه، الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة، فان قلت لا، فقد كذبت، و ان قلت نعم، فقد خصمت نفسك، فقال يزيد: ذرية بعضها من بعض، و بقي خجلا [65] .


پاورقي

[1] اللهوف ص 74، و البحار 121: 45 عنه.

[2] في البحار: عمنا.

[3] البحار 122: 45.

[4] المنتخب ص 394.

[5] بحارالأنوار 123 -122: 45 عن الارشاد 125 -124: 2.

[6] اللهوف ص 74، و البحار 124: 45 عنه.

[7] المنتخب للطريحي ص 467 -466.

[8] اللهوف ص 75 -74.

[9] البحار 126: 45 عنه.

[10] المنتخب للطريحي ص 468 -467.

[11] المنتخب ص 469 -468.

[12] في البحار: يطلع.

[13] قال في البحار: قوله «فأکف» أي: أميل و أشرف علي السقوط. و الأظهر «واکفة» أي: کانت البغال باکاف أي: برذعة من غير سرج.

[14] الظاهر أنه من فرط عليه، أي: عجل وعدا و جاوز في الأمر، نحو قوله تعالي «انا نخاف أن يفرط علينا» أي: يبادر الي عقوبتنا، و المراد الحرسي الشرطي من أعوان السلطان «منه».

[15] بحارالأنوار 154: 45 عن الاقبال.

[16] اللهوف ص 76، و البحار 127: 45 عنه.

[17] البحار 128 -127: 45 عن المناقب.

[18] في المنتخب: التريب.

[19] المنتخب ص 283 -282.

[20] المنتخب ص 284 -283.

[21] شزره و اليه يشزره نظر منه في أحد شقيه، أو هو نظر فيه اعراض أو نظر الغضبان. القاموس.

[22] المنتخب ص 470 -469.

[23] اللهوف ص 76، و البحار 129 -128: 45 عنه.

[24] المنتخب ص 469.

[25] الشوري: 23.

[26] الاسراء: 26.

[27] الأنفال: 41.

[28] الأحزاب: 33.

[29] اللهوف ص 77 -76، و البحار 129: 45 عنه.

[30] المنتخب ص 473.

[31] المنتخب ص 473.

[32] بحارالأنوار 132: 45 عن مثير الأحزان ص 99 - 98.

[33] الشوري: 30.

[34] الحديد: 22.

[35] بحارالأنوار 168: 45 ح 14 عن تفسير القمي.

[36] بحارالأنوار 162 -161: 45 عن الاحتجاج.

[37] الارشاد 120: 2.

[38] اللهوف ص 78، و البحار 132: 45.

[39] في البحار: عامر.

[40] المنتخب ص 471.

[41] البحار 143: 45.

[42] العقبان بالضم جمع عقاب طائر. القاموس.

[43] الرخم محرکة: طائر معروف الواحدة بهاء، تطلي بمرارته لسم الحية و غيرها. القاموس.

[44] السبسب: الأرض المستوية البعيدة. القاموس.

[45] المنتخب ص 472 -471.

[46] بحارالأنوار 128: 45.

[47] رشفه يرشفه: مصه.

[48] سحبه کمنعه: جره علي وجه الأرض.

[49] الزبعري: السي‏ء الخلق أو الغليظ، و والد عبدالله الصحابي الشاعر القرشي. القاموس.

[50] خندف کزبرج هي ليلي بنت حلوان بن عمران، و هي جدة يزيد و امرأة الياس بن مضر، القاموس.

[51] الروم: 10.

[52] آل عمران: 178.

[53] الشنف: النظر الي الشي‏ء کالمتعجب منه أو کالکاره له. القاموس.

[54] المخصرة کمکنسة: ما يتوکأ عليه کالعصا، و ما يأخذه الملک يشير به اذا خاطب. القاموس.

[55] نکا القرحة کمنع: قشرها قبل أن تبرأ فنديت. القاموس.

[56] الشأفة: قرحة تخرج في أسفل القدم، فتکوي فتذهب، و اذا قطعت مات صاحبها، و استأصل الله شأفته أذهبه کما يذهب تلک القرحة. القاموس.

[57] أي: سريعا.

[58] آل عمران: 169.

[59] الفرعل بالضم: ولد الضبع، و هي بهاء جمع فراعل. القاموس.

[60] رحضه کمنعه: غسله کأرحضه. القاموس.

[61] اللهفو ص 81:78، و البحار 135 -132: 45

[62] اشارة الي قصة تحکيم أبي‏موسي و عمرو بن العاص أخزاهما الله تعالي «منه».

[63] آل عمران: 26.

[64] آل عمران 170 -169.

[65] المنتخب ص 479.