بازگشت

دخول الحسن و الحسين يوم العيد الي حجرة جدهما


فصل

روي في المنتخب و غيره عن بعض الثقات الأخيار: أن الحسن و الحسين عليه السلام دخلا يوم عيد الي حجرة جدهما رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، فقالا: يا جداه اليوم يوم العيد، و قد تزين أولاد العرب بألوان اللباس، و لبسوا جديد الثياب، و ليس لنا ثوب جديد، و قد توجهنا لذلك اليك، فتأمل النبي صلي الله عليه و آله و سلم حالهما و بكي، و لم يكن عنده في البيت ثياب تليق بهما، و لا رأي أن يمنعهما فيكسر خاطرهما، فدعا ربه، و قال: الهي أجبر قلبهما و قلب امهما، فنزل جبرئيل عليه السلام و معه حلتان بيضاوان [1] من حلل الجنة، فسر النبي صلي الله عليه و آله و سلم و قال لهما: يا سيدي شباب أهل الجنة


خذوا أثوابا خاطها خياط القدرة علي قدر طولكما.

فلما رأيا الخلع بيضا، قالا: يا جداه كيف هذا؟ و جميع صبيان العرب لابسون ألوان الثياب، فأطرق النبي صلي الله عليه و آله و سلم ساعة متفكرا في أمرهما، فقال جبرئيل: يا محمد طب نفسا و قر عينا ان صابغ صبغة الله عزوجل يقضي لهما هذا الأمر، و يفرح قلوبهما بأي لون شاءا، فأمر يا محمد باحضار الطست والابريق، فأحضر، فقال جبرئيل: يا رسول الله أنا أصب الماء علي هذه الخلع و أنت تفركهما بيدك، فتصبغ لهما بأي لون شاءا.

فوضع النبي صلي الله عليه و آله و سلم حلة الحسن في الطست، فأخذ جبرئيل يصب الماء، ثم أقبل النبي صلي الله عليه و آله و سلم علي الحسن، و قال له: يا قرة عيني بأي لون تريد حلتك؟ فقال: اريدها خضراء، ففركها النبي صلي الله عليه و آله و سلم بيده في ذلك الماء، فأخذت بقدرة الله لونا أخضر فائقا، كالزبرجد الأخضر، فأخرجها النبي صلي الله عليه و آله و سلم و أعطاها الحسن عليه السلام فلبسها.

ثم وضع حلة الحسين عليه السلام في الطست، فأخذ جبرئيل يصب الماء، فالتفت النبي صلي الله عليه و آله و سلم الي نحو الحسين، و قال له: يا قرة عيني أي لون تريد حلتك؟ فقال الحسين عليه السلام: يا جداه اريدها حمراء، ففركها النبي صلي الله عليه و آله و سلم بيده في ذلك الماء، فصارت حمراء كالياقوت الأحمر، فلبسها الحسين عليه السلام.

فسر النبي صلي الله عليه و آله و سلم بذلك، و توجه الحسن و الحسين عليهماالسلام الي امهما فرحين مسرورين، فبكي جبرئيل عليه السلام لما شاهد تلك الحال، فقال النبي صلي الله عليه و آله و سلم: يا أخي في مثل هذا اليوم الذي فرح فيه ولداي تبكي و تحزن، فبالله عليك الا ما أخبرتني؟

فقال جبرئيل: اعلم يا رسول الله ان اختيار ابنيك علي اختلاف اللون، فلابد للحسن أن يسقوه السم، و يخضر لون جسده من عظم السم، و لابد للحسين أن يقتلوه و يذبحوه، و يخضب بدنه من دمه، فبكي النبي صلي الله عليه و آله و سلم و زاد حزنه لذلك [2] .

و مما يلائم هذه الرواية، روايتان في المنتخب، أحببت ايرادهما:

الاولي: روي هشام بن عروة، عن ام سلمة، أنها قالت: رأيت رسول


الله صلي الله عليه و آله و سلم يلبس ولده الحسين عليه السلام حلة ليست من ثياب أهل الدنيا، و هو يدخل ازار [3] الحسين عليه السلام بعضها مع بعض، فقلت له: يا رسول الله ما هذه الحلة؟ فقال: هذه هدية أهداها الي ربي لأجل الحسين عليه السلام، و أن لحمتها من زغب [4] جناح جبرئيل، و ها أنا ألبسه اياها و ازينه بها، فان اليوم يوم الزينة و أنا احبه [5] .

الثانية: روي أبوعبدالله المفيد النيسابوري في أماليه، أنه قال: قال الرضا عليه السلام: عري الحسن و الحسين عليهماالسلام و قد أدركهما العيد، فقالا لامهما فاطمة: يا اماه قد تزين صبيان المدينة الا نحن، فما بالك لا تزينينا بشي ء من الثياب، فها نحن عرايا كما ترين؟ فقالت لهما: يا قرتي العينين ان ثيابكما عند الخياط، فاذا خاطها و أتاني بها، زينتكما بها يوم العيد، تريد بذلك تطيب خاطرهما.

قال: فلما كانت ليلة العيد، أعادا القول علي امهما، و قالا: يا اماه الليلة ليلة العيد، فبكت فاطمة رحمة لهما، و قالت لهما: يا قرتي العينين طيبا نفيسا اذا أتاني الخياط بها زينتكما انشاء الله تعالي.

قال: فلما وهن من الليل و كانت ليلة العيد، اذ قرع الباب قارع، فقالت فاطمة: من هذا؟ فنادي: يا بنت رسول الله افتحي الباب أنا الخياط قد جئت بثياب الحسن و الحسين، قالت فاطمة: ففتحت، فاذا هو رجل لم أر أهيب منه شيمة، و أطيب منه رائحة، فناولني منديلا مشدودا، ثم انصرف لشأنه، فدخلت فاطمة، و فتحت المنديل، فاذا فيه قميصان، و دراعتان، وسروالان، ورداءان، و عمامتان، و خفان، فسرت فاطمة بذلك سرورا عظيما.

فلما استيقظ الحسنان، ألبستهما و زينتهما بأحسن زينة، فدخل النبي صلي الله عليه و آله و سلم اليهما يوم العيد و هما مزينان، فقبلهما و هنأهما بالعيد، و حملهما علي كتفيه، و مشي بهما الي امهما، ثم قال: يا فاطمة رأيت الخياط الذي أعطاك الثياب هل تعرفينه؟ قالت: لا والله لست أعرفه، و لست أعلم أن لي ثياب عند الخياط، فالله و رسوله أعلم بذلك، فقال: يا فاطمة ليس هو بخياط، انما هو رضوان خازن الجنان،


و الثياب من حلل الجنة، أخبرني بذلك جبرئيل عن رب العالمين [6] .


پاورقي

[1] في المنتخب: بيضاوتان.

[2] المنتخب للطريحي ص 122 - 121، و البحار 246 - 245: 44 ح 45.

[3] في المنتخب: ازرار.

[4] الزغب محرکة صغار الشعر و الريش و لينه، أو أول ما يبدو منهما. القاموس.

[5] المنتخب ص 122.

[6] المنتخب للطريحي ص 123 - 122.