بازگشت

في نبذة من أحاديث فيها آداب المآتم سيما في التاسوعاء و العاشوراء


روي في مقتل الشيخ طريح النجفي أنه في مناجاة موسي عليه السلام و قد قال: يا رب لم فضلت امة محمد علي سائر الامم؟ قال الله تعالي: فضلتهم لعشر خصال، قال موسي عليه السلام: و ما تلك الخصال التي يعملونها حتي آمر بني اسرائيل يعملونها؟ قال الله تعالي: الصلاة، و الزكاة، و الصوم، و الحج، و الجهاد، و الجمعة، و الجماعة، و القرآن، و العلم، و العاشوراء.

قال موسي عليه السلام: يا رب و ما العاشوراء؟ قال: البكاء و التباكي علي سبط محمد، و المرثية والعزاء علي مصيبة ولد المصطفي، يا موسي ما من عبد من عبيدي في ذلك الزمان بكي أو تباكي و تعزي علي ولد المصطفي الا و كانت له الجنة ثابتا فيه [1] ، و من أنفق ماله في محبة ابن بنت المصطفي نبيه طعاما و غير ذلك درهما أو دينارا، الا و باركت له في دار الدنيا الدرهم بسبعين درهما، و كان معافي في الجنة، و غفرت له ذنوبه بأمري، و عزتي و جلالي ما من رجل أو امرأة سال دمع عينه في يوم عاشوراء و غيره قطرة واحدة الا و كتبت له أجر مائة شهيد [2] .

و فيه: حكي أن امرأة ذات فحش كانت معروفة بالمدينة، و لها جار و كان مواظبا علي مأتم الحسين عليه السلام، و كان عنده ذات يوم رجال ينشدون و يبكون علي


الحسين عليه السلام، فأمر لهم باصطناع طعام، فدخلت المرأة الفاحشة تريد نارا، و اذا بالنار قد انطفت من غفلتهم عنها، فعالجتها تلك الفاحشة بالنفخ ساعة طويلة، حتي اتسخت يداها و ذرفت عيناها، فلما اتقدت أخذت منها و مضت لقضاء مآربها.

فلما صار الظهر و كان الوقت صائفا، فرقدت و كان لها عادة بالقيلولة ساعة، و اذا هي تري طيفا، كأن القيامة قامت، و اذا بزبانية جهنم يسحبونها بسلاسل من نار، و هم يقولون: غضب الله عليك و أمرنا أن نلقيك في قعر جهنم، و هي تستغيث فلا تغاث، و تستجير فلا تجار.

قالت: و الله لقد صرت علي شفير جهنم، و اذا برجل أقبل يصيح بهم خلوها، قالوا: يابن رسول الله و ما سببه؟ قال: نعم انها دخلت علي قوم يعملون عزائي، و قد أوقدت لهم نارا يعملون بها طعاما، فقالوا: كرامة لك يابن الشافع و الساقي، قالت: فقلت: من أنت الذي من الله علي بك؟ قال: أنا الحسين بن علي، فانتبهت و أنا مذهولة، و مضيت الي المجلس قبل أن يتفرقوا، فحكيت لهم و تعجبوا، فقام البكاء و العويل، و تبت علي أيديهم من فعل القبيح [3] .

و في الكافي باسناده، عن عبدالملك، قال: سألت أباعبدالله عليه السلام عن صوم تاسوعا و عاشوراء من شهر المحرم.

فقال: تاسوعا يوم حوصر فيه الحسين عليه السلام و أصحابه بكربلا، و اجتمع عليه خيل أهل الشام، و أناخوا عليه، و فرح ابن مرجانة و عمر بن سعد بتوافر الخيل و كثرتها، و استضعفوا فيه الحسين عليه السلام و أصحابه كرم الله تعالي وجوههم، و أيقنوا أن لا يأتي الحسين عليه السلام ناصر، و لا يمده أهل العراق، بأبي ذاك المستضعف الغريب.

ثم قال: و أما يوم عاشوراء فيوم اصيب فيه الحسين عليه السلام صريعا بين أصحابه، و أصحابه صرعي حوله، أفصوم يكون في ذلك اليوم؟ كلا و رب البيت الحرام، ما هو يوم صوم، و ما هو الا يوم حزن و مصيبة دخلت علي أهل السماء و أهل الأرض و جميع المؤمنين، و يوم فرح و سرور لابن مرجانة و آل زياد و أهل


الشام، غضب الله عليهم و علي ذراريهم [4] ، و ذلك يوم بكت عليه جميع بقاع الأرض خلا بقعة الشام، فمن صام أو تبرك به حشره الله تعالي مع آل زياد، ممسوخ القلب، مسخوطا عليه، و من ادخر الي منزله ذخيرة، أعقبه الله تعالي نفاقا في قلبه الي يوم يلقاه و انتزع البركة عنه و عن أهل بيته و ولده، و شاركه الشيطان في جميع ذلك [5] .

روي الصدوق في مجالسه باسناده، عن جبلة المكية، قالت: سمعت ميثم التمار قدس الله روحه، يقول: و الله لتقتلن [6] هذه الامة ابن نبيها في المحرم لعشر مضين منه، و ليتخذن أعداء الله ذلك اليوم يوم بركة، و ان ذلك لكائن قد سبق في علم الله تعالي ذكره، أعلم ذلك بعهد عهده الي مولاي أميرالمؤمنين عليه السلام، و لقد أخبرنا أنه يبكي عليه كل شي ء حتي الوحوش في الفلوات، و الحيتان في البحار، و الطير في جو السماء، و تبكي عليه الشمس و القمر و النجوم، و السماء و الأرض، و مؤمنوا الانس و الجن، و جميع ملائكة السماوات و الأرضين، و رضوان و مالك و حملة العرش، و تمطر السماء دما ورمادا.

ثم قال وجبت لعنة الله علي قتلة الحسين عليه السلام، كما وجبت علي المشركين الذين يجعلون مع الله الها آخر، و كما وجبت علي اليهود و النصاري و المجوس.

قالت جبلة: فقلت له: يا ميثم و كيف يتخذ الناس ذلك اليوم الذي يقتل فيه الحسين بن علي عليه السلام يوم بركة؟ فبكي ميثم رحمه الله، ثم قال: سيزعمون لحديث يضعونه أنه اليوم الذي تاب الله فيه علي آدم عليه السلام، و انما تاب الله تعالي علي آدم في ذي الحجة، و يزعمون أنه اليوم الذي قبل الله فيه توبة داود عليه السلام، و انما قبل الله توبته في ذي الحجة.

و يزعمون أنه اليوم الذي أخرج الله فيه يونس من بطن الحوت، و انما أخرج الله يونس عليه السلام من بطن الحوت في ذي الحجة، و يزعمون أنه اليوم الذي استوت فيه سفينة نوح علي الجودي، و انما استوت علي الجودي يوم الثامن عشر من ذي الحجة، و يزعمون أنه اليوم الذي فلق الله عزوجل فيه البحر لبني اسرائيل، و انما كان


ذلك في الربيع الأول.

ثم قال ميثم: اعلمي أن الحسين بن علي سيد الشهداء يوم القيامة، و لأصحابه علي سائر الشهداء درجة، يا جبلة اذا نظرت الي الشمس حمراء كأنها دم عبيط، فاعلمي أن سيدي الحسين قد قتل.

قالت جبلة: فخرجت ذات يوم، فرأيت الشمس علي الحيطان كأنها الملاحف المعصفرة، فصحت حينئذ و بكيت، و قلت: و الله قد قتل سيدنا الحسين عليه السلام [7] .

و روي فيه أيضا عن ابراهيم بن أبي محمود، قال: قال الرضا عليه السلام: ان المحرم شهر كان أهل الجاهلية يحرمون فيه القتال، فاستحلت فيه دماؤنا، و هتكت فيه حرمتنا، و سبي فيه ذرارينا و نساؤنا، و اضرمت النيران في مضاربنا، و انتهت ما فيها من ثقلنا، و لم ترع لرسول الله صلي الله عليه و آله و سلم حرمة في أمرنا، ان يوم الحسين عليه السلام أقرح جفوننا، و أسبل دموعنا، و أذل عزيزنا بأرض كرب و بلاء، و أورثنا الكرب و البلاء الي يوم الانقضاء، فعلي مثل الحسين فليبك الباكون، فان البكاء عليه يحط الذنوب العظام.

ثم قال عليه السلام: كان أبي عليه السلام اذا دخل شهر المحرم لا يري ضاحكا، و كانت الكآبة تغلب عليه حتي يمضي منه عشرة أيام، فاذا كان يوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته و حزنه و بكائه، و يقول: هو اليوم الذي قتل فيه الحسين عليه السلام [8] .

و روي فيه أيضا، عن أبي الحسن علي بن موسي الرضا عليهماالسلام، قال: من ترك السعي في حوائجه يوم عاشوراء، قضي الله له حوائج الدنيا و الآخرة، و من كان يوم عاشوراء يوم مصيبته و حزنه و بكائه، جعل الله يوم القيامة يوم فرحه و سروره، و قرت بنا في الجنان عينه، و من سمي يوم عاشوراء يوم بركة و ادخر لمنزله [9] فيه شيئا، لم يبارك فيما ادخر، و حشر يوم القيامة مع يزيد و عبيدالله بن زياد و عمر بن


سعد لعنهم الله، الي أسفل درك من النار [10] .

و في البحار، روي الشيخ في المصباح، عن عبدالله بن سنان، قال: دخلت علي سيدي أبي عبدالله جعفر بن محمد عليهماالسلام في يوم عاشوراء، فألفيته كاسف اللون، ظاهر الحزن، و دموعه تنحدر من عينيه كاللؤلؤ المتساقط، فقلت: يابن رسول الله لم [11] بكاؤك؟ لا أبكي الله عينيك.

فقال لي: أو في غفلة أنت؟ أما علمت أن الحسين بن علي عليه السلام اصيب في مثل هذا اليوم؟ قلت: يا سيدي فما قولك في صومه؟ فقال لي: صمه من غير تبييت، و افطره من غير تشميت، و لا تجعله يوم صوم كملا، و ليكن افطارك بعد صلاة العصر بساعة علي شربة من ماء، فانه في مثل ذلك الوقت من ذلك اليوم تجلت الهيجاء عن آل رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و انكشفت الملحمة عنهم، و في الأرض منهم ثلاثين صريعا في مواليهم، يعز علي رسول الله مصرعهم، و لو كان في الدنيا يومئذ حيا لكان صلي الله عليه و آله و سلم هو المعزي بهم.

قال: و بكي أبوعبدالله عليه السلام حتي اخضلت [12] لحيته بدموعه، ثم قال: ان الله تعالي لما خلق النور خلقه يوم الجمعة في تقديره في أول يوم من شهر رمضان، و خلق الظلمة في يوم الأربعاء يوم عاشوراء في مثل ذلك اليوم، يعني يوم العاشر من شهر المحرم في تقديره، و جعل لكل منهما شرعة و منهاجا الي آخر الخبر [13] .

و فيه، عن علل الشرائع، محمد بن علي بن يسار [14] القزويني، عن المظفر بن أحمد عن الأسدي، عن سهل، عن سليمان بن عبدالله، عن عبدالله بن الفضل، قال: قلت لأبي عبدالله عليه السلام: يابن رسول الله كيف صار يوم عاشوراء يوم مصيبة و غم و جزع و بكاء، دون اليوم الذي قبض فيه رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و اليوم الذي ماتت فيه فاطمة عليه السلام، و اليوم الذي قتل فيه أميرالمؤمنين عليه السلام، و اليوم الذي قتل فيه


الحسن عليه السلام، بالسم؟

فقال: ان يوم قتل الحسين عليه السلام أعظم مصيبة من جميع سائر الأيام، و ذلك أن أصحاب الكساء الذين كانوا أكرم الخلق علي الله عزوجل كانوا خمسة، فلما مضي عنهم النبي صلي الله عليه و آله و سلم، بقي أميرالمؤمنين و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السلام، فكان فيهم للناس عزاء و سلوة، فلما مضت فاطمة كان أميرالمؤمنين و الحسن و الحسين عليهم السلام للناس عزاء و سلوة، فلما مضي منهم أميرالمؤمنين عليه السلام كان للناس في الحسن و الحسين عليهماالسلام عزاء و سلوة، فلما مضي الحسن عليه السلام كان للناس في الحسين عليه السلام عزاء و سلوة.

فلما قتل الحسين عليه السلام لم يكن بقي من أصحاب الكساء أحد للناس فيه بعده عزاء و سلوة، فكان ذهابه كذهاب جميعهم، كما كان بقاؤه كبقاء جميعهم، فذلك صار يومه أعظم الأيام مصيبة.

قال عبدالله بن الفضل الهاشمي: فقلت له: يابن رسول الله فلم لم يكن للناس في علي بن الحسين عليه السلام عزاء و سلوة مثل ما كان لهم في آبائه عليهم السلام؟ فقال: بلي ان علي بن الحسين عليهماالسلام كان سيد العابدين، و اماما و حجة علي الخلق بعد آبائه الماضين، و لكنه لم يلق رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و لم يسمع منه، و كان علمه وراثة عن أبيه، عن جده، عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم، و كان أميرالمؤمنين و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السلام، قد شاهدهم الناس مع رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في أحوال تتوالي، فكانوا متي نظروا الي أحد منهم تذكروا حاله مع رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و قول رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم له و فيه، فلما مضوا فقد الناس مشاهدة الأكرمين علي الله تعالي، و لم يكن في أحد منهم فقد جميعهم الا في فقد الحسين عليه السلام؛ لأنه مضي في آخرهم، فلذلك صار يومه أعظم الأيام مصيبة.

قال عبدالله بن الفضل الهاشمي: فقلت له: يابن رسول الله فكيف سمت العامة يوم عاشوراء يوم بركة؟

فبكي ثم قال: لما قتل الحسين عليه السلام تقرب الناس بالشام الي يزيد، فوضعوا له الأخبار، و أخذوا عليه الجوائز من الأموال، فكان مما وضعوا له أمر هذا اليوم، و أنه يوم بركة، ليعدل الناس فيه من الجزع و البكاء و المصيبة و الحزن، الي الفرح


و السرور و التبرك و الاستعداد فيه، حكم الله بيننا و بينهم.

قال: ثم قال عليه السلام: يابن عم و ان ذلك لأقل ضررا علي الاسلام و أهله مما وضعه قوم انتحلوا مودتنا، و زعموا أنهم يدينون بموالاتنا، و يقولون بامامتنا، زعموا أن الحسين عليه السلام لم يقتل، و أنه شبه للناس أمره كعيسي بن مريم عليه السلام، فلا لائمة اذا علي بني امية، و لا عتب علي زعمهم، يابن عم من زعم أن الحسين عليه السلام لم يقتل، فقد كذب رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و كذب من بعده من الأئمة عليهم السلام في اخبارهم بقتله، و من كذبهم فهو كافر بالله العظيم، و دمه مباح لكل من سمع ذلك منه [15] .

قال عبدالله بن الفضل: فقلت له: يابن رسول الله فما تقول في قوم من شيعتك يقولون به؟

فقال عليه السلام: ما هؤلاء من شيعتي و اني بري ء منهم.

قال: فقلت: فقول الله عزوجل: (و لقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين) [16] قال: ان اولئك مسخوا ثلاثة أيام، ثم ماتوا و لم يتناسلوا، و ان القردة اليوم مثل اولئك، و كذلك الخنازير و سائر المسوخ ما وجد منها اليوم من شي ء، فهو مثله لا يحل أن يؤكل لحمه.

ثم قال عليه السلام: لعن الله الغلاة و المفوضة، فانهم صغروا عصيان الله، و كفروا به، و أشركوا، و ضلوا و أضلوا، فرارا عن اقامة الفرائض، و أداء الحقوق [17] .

و مما يلائم الخبر ما روي عن الصادق عليه السلام أنه قال: البكاؤن خمسة: آدم، و يعقوب، و يوسف، و فاطمة الزهراء، و علي بن الحسين عليهم السلام، فآدم بكي علي الجنة حتي صار في خديه أمثال الأودية، و أما يعقوب فبكي علي يوسف حتي ذهب بصره، و حتي قيل له (تالله تفتؤ تذكر يوسف حتي تكون حرضا أو تكون من الهالكين) [18] و أما يوسف فبكي علي يعقوب حتي تأذي به أهل السجن، فقالوا: اما أن تبكي بالنهار و تسكت بالليل، و اما أن تبكي بالليل و تسكت


بالنهار، فصالحهم علي واحد منهما.

و أما فاطمة الزهراء عليهاالسلام، فبكت علي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم حتي تأذي بها أهل المدينة، و قالوا لها: قد آذيتينا بكثرة بكائك، فكانت تخرج الي مقابر الشهداء، فتبكي حتي تقضي حاجتها ثم تنصرف.

و في رواية اخري: اذا اشتدت عليها الحزن و البكاء تخرج الي البقيع عند قبور الشهداء، فتقضي شأنها من البكاء، حتي لحقها الله بأبيها في المدة القليلة، و كانت تستظل باراكة هناك، و تطيل البكاء علي أبيها تحتها، فأمر اللعين بقطعها فقطعها، فآلمها شدة القيظ فبني لها أميرالمؤمنين عليه السلام بيتا سماه بيت الأحزان، فتخرج اليه و تبكي طول نهارها، فاذا قضت شأنها رجعت الي منزلها عند غروب الشمس.

و أما علي بن الحسين فبكي علي أبيه أربعين سنة، و ما وضع بين يديه طعام الا و بكي، حتي قال مولي له: جعلت فداك يابن رسول الله اني أخاف عليك أن تكون من الهالكين.

و في رواية: ان علي بن الحسين عليه السلام مع كثرة علمه و حلمه، كان كثير البكاء لتلك البلوي، و عظيم البث و الشكوي، و انه بكي علي أبيه أربعين سنة، و هو مع ذلك يصوم نهاره و يقوم ليله، و كان اذا حضر الطعام لافطاره يبكي بكاء شديدا، فيقال له: كل يا مولاي، فيقول: كيف آكل؛ و قد قتل ابن رسول الله جائعا عطشانا مظلوما، و لم يزل يكرر هذا القول و هو مع ذلك يبكي حتي يبل طعامه من دموعه، و يمزج ترابه، و لم يزل كذلك مدة حياته حتي لحق بربه [19] .

و في عيون أخبار الرضا، عن الرضا عليه السلام، قيل له: في أهل الكوفة قوم يزعمون أن الحسين بن علي عليهماالسلام لم يقتل، و أنه القي شبهه علي حنظلة بن أسعد الشامي، و أنه رفع الي السماء، كما رفع عيسي بن مريم عليه السلام، و يحتجون بهذه الآية: (و لن يجعل الله للكافرين علي المؤمنين سبيلا) [20] .


فقال: كذبوا عليهم غضب الله و لعنته، و كفروا بتكذيبهم النبي صلي الله عليه و آله و سلم، في اخباره بأن الحسين عليه السلام سيقتل، و الله لقد قتل الحسين عليه السلام، و قتل من كان خيرا من الحسين أميرالمؤمنين و الحسن بن علي عليهم السلام و ما منا الا مقتول، و اني [21] والله لمقتول [بالسم] [22] باغتيال من يغتالني، و أعرف ذلك بعهد معهود الي من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أخبره به جبرئيل عن رب العالمين عزوجل.

فأما قوله عزوجل: (و لن يجعل الله للكافرين علي المؤمنين سبيلا) فانه يقول: لن يجعل الله لكافر علي مؤمن حجة، و لقد أخبر الله تعالي عن كفار قتلوا النبيين بغير الحق، و مع قتلهم اياهم لن يجعل الله لهم علي أنبيائه سبيلا من طريق الحجة [23] .

أقول: سيجي ء في نوادر الكتاب في الفائدة السابعة تفصيل آداب المآتم، فانتظر أو لاحظها الآن لعلك تنتفع سريعا معجلا.


پاورقي

[1] يحتمل أن يکون «في» للسببية، مثل قوله تعالي (فذلک الذي لمتنني فيه) أي: بسبب البکاء و التعزي «منه». أقول: و في المطبوع من الکتاب: فيها.

[2] مقتل أبي‏عبدالله عليه‏السلام للطريحي، مخطوط لم نعثر عليه، و هو غير کتابه المنتخب، کما أشار الي ذلک في الذريعة.

[3] مقتل أبي‏عبدالله عليه‏السلام للطريحي - مخطوط.

[4] في الکافي: ذرياتهم.

[5] فروع الکافي 147: 4 ح 7. و البحار 95: 45 ح 40.

[6] لتقتل - خ.

[7] بحارالأنوار 203 - 202: 45 ح 4 عن أمالي الصدوق ص 113 - 112.

[8] بحارالأنوار 284 - 283: 44 ح 17 عن أمالي الصدوق ص 113.

[9] في الأمالي: فيه لمنزله.

[10] بحارالأنوار 284: 44 ح 18 عن أمالي الصدوق ص 114.

[11] في المصباح: مم.

[12] خضل کفرح و اخضل و أخضله: بله. القاموس.

[13] مصباح المتهجد ص 782.

[14] في العلل والبحار: بشار.

[15] في الأصل: منهم.

[16] البقرة: 65.

[17] بحارالأنوار 271 - 269: 44 عن علل الشرايع ص 227 - 225.

[18] يوسف: 85.

[19] بحارالأنوار 109: 46 ح 2 عن الخصال و الأمالي و کامل الزيارات، و المنتخب ص 93 - 92.

[20] النساء: 141.

[21] في البحار: و أنا.

[22] الزيادة من المصدر.

[23] بحارالأنوار 272 - 271: 44 عن عيون أخبار الرضا عليه‏السلام 204 - 203: 2 ح 5.