بازگشت

في نبذة من احتجاجاته و أجوبته مما يظهر منه سخاؤه و شجاعته و علمه


في المناقب و غيره، عن محمد بن السائب أنه قال: قال مروان بن الحكم يوما للحسين بن علي عليهماالسلام: لولا فخركم بفاطمة بما كنتم تفتخرون علينا؟ فوثب الحسين عليه السلام و كان عليه السلام شديد القبضة، فقبض علي حلقه فعصره، و لوي عمامته علي عنقه حتي غشي عليه.

ثم تركه و أقبل الحسين عليه السلام علي جماعة من قريش، فقال: أنشدكم بالله الا صدقتموني ان صدقت، أتعلمون أن في الأرض حبيبين كانا أحب الي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم مني و من أخي، أو علي ظهر الأرض ابن بنت نبي غيري و غير أخي؟ قالوا: لا، قال: و اني لا أعلم أن في الأرض ملعون ابن ملعون غير هذا و أبيه طريد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم.

و الله ما بين جابرس و جابلق، أحدهما بباب المشرق، و الآخر بباب المغرب، رجلا ممن ينتحل الاسلام أعدي الله و لرسوله و لأهل بيته منك و من أبيك اذا كان، و علامة قولي فيك أنك اذا غضبت سقط رداؤك عن منكبك، قال: فو الله ما قام مروان بن مجلسه حتي غضب فانتقض، و سقط رداؤه عن عاتقه [1] .

و في المناقب، عن عبدالملك بن عمير، و الحاكم، و العباس، قالوا: خطب الحسن عائشة بنت عثمان، فقال مروان: ازوجها عبدالله بن الزبير، ثم ان معاوية كتب الي مروان و هو عامله علي الحجاز، يأمره أن يخطب أم كلثوم بنت عبدالله بن جعفر لابنه يزيد، فأتي عبدالله بن جعفر فأخبره بذلك، فقال عبدالله: ان أمرها ليس الي انما هو الي سيدنا الحسين عليه السلام و هو خالها، فأخبر الحسين بذلك، فقال:


أستخير الله تعالي، اللهم وفق لهذه الجارية رضاك من آل محمد صلي الله عليه و آله و سلم.

فلما اجتمع الناس في مسجد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أقبل مروان حتي جلس الي جنب الحسين عليه السلام و عنده من الجلة [2] ، و قال: ان أميرالمؤمنين أمرني بذلك، و أن أجعل مهرها حكم أبيها بالغا ما بلغ، مع صلح ما بين هذين الحيين، مع قضاء دينه، و اعلم أن من يغبطكم بيزيد أكثر ممن يغبطه بكم، و العجب كيف يستمهر يزيد؟ و هو كفو من لا كفو له، و بوجهه يستسقي الغمام فرد خيرا يا أباعبدالله.

فقال الحسين عليه السلام: الحمد لله الذي اختارنا لنفسه، و ارتضانا لدينه، و اصطفانا علي خلقه الي آخر كلامه، ثم قال: يا مروان قد قلت فسمعنا، أما قولك مهرها حكم أبيها بالغا ما بلغ، فلعمري لو أردنا ذلك ما عدونا سنة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في بناته و نسائه و أهل بيته، و هو اثنتا عشرة أوقية يكون أربعمائة و ثمانين درهما. و أما قولك مع قضاء دين أبيها، فمتي كن نساؤنا يقضين عنا ديوننا. و أما صلح ما بين هذين الحيين، فانا قوم عاديناكم في الله، و لم نكن نصالحكم للدنيا، فلعمري فلقد أعيي النسب فكيف السبب.

و أما قولك العجب ليزيد كيف يستمهر؛ فقد استمهر من هو خير من يزيد و من أبي يزيد و من جد يزيد. و أما قولك العجب أن يزيد كفو من لا كفو له، فمن كان كفوه قبل اليوم فهو كفوه اليوم، ما زادته امارته في الكفاءة شيئا. و أما قولك بوجهه يستسقي الغمام، فانما كان ذلك بوجه رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم. و أما قولك من يغبطنا به أكثر ممن يغبطه بنا، فانما يغبطنا به أهل الجهل، و يغبطه بنا أهل العقل.

ثم قال بعد الكلام: فاشهدوا جميعا أني قد زوجت ام كلثوم بنت عبدالله بن جعفر من ابن عمها القاسم بن محمد بن جعفر، علي أربعمائة و ثمانين درهما، و قد نحلتها ضيعتي بالمدينة، أو قال: أرضي بالعقيق، غلتها في السنة ثمانية الاف دينار ففيها لهما غني انشاء الله.

قال: فتغير وجه مروان، و قال: أغدرا يا بني هاشم، تأبون الا العداوة، فذكره الحسين عليه السلام خطبة الحسن عائشة و فعله، ثم قال: فأين موضع الغدر يا


مروان؟ فقال مروان:



أردنا صهركم لنجد ودا

قد أخلقه به حدث الزمان



فلما جئتكم فجبهتموني

و بحتم بالضمير من الشنان



فأجابه ذكوان مولي بني هاشم:



أماط الله منهم كل رجس

و طهرهم بذلك في المثاني



فما لهم سواهم من نظير

و لا كفو هناك و لا مداني



أتجعل كل جبار عنيد

الي الأخيار من أهل الجنان



ثم انه كان الحسين عليه السلام تزوج بعائشة بنت عثمان [3] .

في المناقب، من محاسن البرقي، قال عمرو بن العاص للحسين عليه السلام: ما بال أولادنا أكثر من أولادكم؟ فقال عليه السلام:



بغاث الطير أكثرها فراخا

و ام الصقر مقلاة نزور [4] .

فقال ما بال الشيب الي شواربنا أسرع منه الي شواربكم؟ فقال عليه السلام: ان نساؤكم نساء بخرة، فاذا دنا أحدكم من امرأته نهكته [5] في وجهه، فشاب منه شاربه، فقال: ما بال لحاؤكم أوفر من لحانا؟ فقال عليه السلام: (و البلد الطيب يخرج نباته باذن ربه و الذي خبث لا يخرج الا نكدا) [6] فقال معاوية: بحقي عليك الا سكت فانه ابن علي بن أبي طالب، فقال عليه السلام:



ان عادت العقرب عدنا لها

و كانت النعل لها حاضرة






قد علم العقرب و استيقنت

أن لا لها دنيا و لا آخرة [7] .



و في المنتخب للشيخ فخرالدين الطريحي: روي عن أبي سلمة، قال: حججت مع عمر بن الخطاب، فلما صرنا بالأبطح، فاذا بأعرابي قد أقبل علينا، فقال: يا أمير اني خرجت من منزلي و أنا حاج محرم، فأصبت بيض النعام، فاجتنيت و شويت و أكلت، فما يجب علي؟ قال: ما يحضرني في ذلك شي ء، فاجلس لعل الله يفرج عنك ببعض أصحاب محمد صلي الله عليه و آله و سلم، فاذا أميرالمؤمنين عليه السلام قد أقبل و الحسين عليه السلام يتلوه، فقال عمر: يا أعرابي هذا علي بن أبي طالب فدونك و مسألتك.

فقام الأعرابي فسأله، فقال علي عليه السلام: يا أعرابي سل هذا الغلام عندك يعني الحسين عليه السلام، فقال الأعرابي: انما يحيلني كل واحد منكم الي الآخر، فأشار الناس اليه: ويحك هذا ابن رسول الله فاسأله، فقال الأعرابي: يابن رسول الله اني خرجت من بيتي حاجا محرما، و قص عليه القصة، فقال له الحسين عليه السلام: ألك ابل؟ قال: نعم، قال: خذ بعدد البيض الذي أصبت نوقا، فاضربها بالفحولة، فما فصلت فاهدها الي بيت الله الحرام. فقال عمر: يا حسين النوق يزلقن [8] ، فقال الحسين عليه السلام: يا عمر ان البيض يمرقن، فقال: صدقت و بررت، فقام علي عليه السلام و ضمه الي صدره، و قال: «ذرية بعضها من بعض و الله سميع عليم» [9] .



پاورقي

[1] مناقب آل أبي‏طالب 51: 4، و بحارالأنوار 206: 44 ح 2.

[2] قوم جلة بالکسر: عظماء سادة ذووا أخطار. القاموس.

[3] مناقب آل أبي‏طالب 41 - 38: 4، و البحار 208 - 207: 44.

[4] في البحار: قال الجوهري: ابن‏السکيت: البغاث طائر أبغث الي الغبرة دوين الرخمة بطي‏ء الطيران، و قال الفراء: بغاث الطير شرارها و ما لا يصيد منها.

و قوله «مقلاة» لعله من القلي بمعني البغض، أي: لا تحب الولد، و لا تحب زوجها لتکثر الولد، أو من قولهم قلا العير اتنه يقلوها قلوا اذا طردها، و الصواب أنه من قلت، قال الجوهري: المقلات من النوق التي تضع واحدا ثم لا تحمل بعدها، و المقلات من النساء التي لا يعيش لها ولد.

و قال: النزور: المرأة القليلة الولد.

[5] في المناقب: نهکت. في البحار: نهکته الحمي اذا جهدته و أضنته، و نهکه أي: بالغ في عقوبته، و الأصوب نکهته، قال الجوهري: استنکهت الرجل فنکه في وجهي ينکه و ينکه نکها اذا أمرته بأن ينکه لتعلم أشارب هو أم غير شارب.

[6] الاعراف: 58.

[7] مناقب آل أبي‏طالب 67: 4، و البحار 209: 44.

[8] الزليق: السقط، و زلق ککتف من ينزل قبل أن يولج. القاموس.

[9] المنتخب ص 44 - 43.