بازگشت

مقدمة المحقق حول حياة المؤلف و كتابه


لم نعثر بعد التتبع التام حتي الآن علي تفصيل ترجمة حياة المؤلف من تاريخ ولادته و وفاته، و عن حياته الاجتماعية، و عن محل مدفنه، و انما عرف المؤلف من جهة كتابه القيم هذا، و أنا أذكر هنا كل ما وصل الينا عن أرباب المعاجم و التراجم في حق المؤلف و كتابه:

قال الشيخ البحاثة المحقق الطهراني في الذريعة (202: 4): تظلم الزهراء، للمولي رضي الدين بن نبي القزويني، المتوفي بعد (1134) أوله: يا من لا يخفي عليه أنباء المتظلمين. هو كالشرح علي اللهوف، و مرتب علي ترتيبه من المسالك الثلاثة فرغ منه في (1118) ينقل فيه عن البحار كثيرا، و يعبر عن نفسه بنائح الشبل العلوي، فيظهر منه أنه كان قاري ء المصائب الحسينية، رأيت منه نسخة بخط الشيخ عبدالله بن ناصر بن حميدان البحراني، كتبها في قزوين، عن نسخة خط المؤلف حفظه الله تعالي، و فرغ من الكتابة في (1134) فيظهر من دعائه حياة المؤلف في التاريخ، و طبع بايران في (1304) و في (1312(.

أقول: النسخة المشار اليها في الذريعة هي النسخة المعتمدة في تصحيح الكتاب و تحقيقه، و جاء في آخر النسخة أن الفراغ من الكتابة هو في سنة (1324) ه.ق لا ما ذكره في الذريعة.

كما أن الصحيح من اسمه هو المولي رضي لا ما ذكره في الذريعة من رضي الدين، و ذلك أن المؤلف أشار الي اسمه في مقدمة الكتاب، حيث قال: أما بعد فيقول النائح علي ذرية الناموس الالهي، والشبل العلوي، والفرخ الفاطمي، رضي بن نبي القزويني.

و قال السيد الخوانساري الصفائي في كشف الأستار (381: 4): كتاب تظلم الزهراء، للفاضل الجليل آقا رضي الدين بن نبي القزويني، في المقتل، كتاب مطبوع معروف.


و قال أيضا (443: 4): كتاب تظلم الزهراء، كتاب جليل مطبوع، لآقا رضي القزويني، معروف.

و قال الشهيد التبريزي في كتاب مرآت الكتب (146: 2): تظلم الزهراء من اهراق دماء آل العباء، بالعربية، لاقا رضي القزويني، أوله: يا من لا يخفي عليه انباء المتظلمين، و هو علي ترتيب اللهوف لابن طاووس.

و قال السيد الأمين في أعيان الشيعة (30: 7): المولي رضي الدين بن نبي القزويني، كان حيا سنة (1134) فاضل يعبر عن نفسه في كتاب تظلم الزهراء بنائح الشبل العلوي، فيظهر منه أنه كان قاري ء المصائب الحسينية، له كتاب المقلة العبراء في تظلم الزهراء، مطبوع، في الذريعة: هو كالشرح علي اللهوف، و مرتب علي ترتيبه من المسالك الثلاثة، فرغ منه سنة) 1118) و رأي صاحب الذريعة نسخة منه كتبت سنة (1134) و قال كاتبها: انه نقلها عن نسخة خط المؤلف حفظه الله، فدل ذلك علي أنه كان حيا بذلك التاريخ.

أقول: منشأ توهمه في اسم المؤلف و حياته سنة (1134) مستند الي الذريعة، و أما قوله «له كتاب المقلة العبراء في تظلم الزهراء» فهو اشتباه، و الصحيح أن الكتاب لغير المؤلف، راجع الذريعة.

و جاء في الصفحة الأولي من النسخة المشار اليها في الذريعة و هذه النسخة محفوظة في مكتبة آية الله العظمي السيد شهاب الدين المرعشي النجفي قدس سره برقم (4927) و هي نسخة كاملة مصححة: بسم الله الرحمن الرحيم، بعد الحمد والصلاة، فقد وقف هذا الكتاب الموسوم بتظلم الزهراء من اهراق دماء آل العباء، مؤلفه الرضي المرضي الفاضل العابد التقي المتقي - أدام الله تأييده - علي الطلبة الامامية، و جعل توليته لولدي و قرة عيني محمد مؤمن وفقه الله لمراضيه، و قبضه باذنه، و أشهدني دامت فضائله علي ذلك، و كتب هذه الأحرف الفقير الي الله الغني قوام الدين محمد الحسني أحسن الله خاتمته سنة (1127) بدار السلطنة قزوين.

و جاء أيضا في نفس الصفحة: بسم الله الرحمن الرحيم، ثم قد جعلت توليته للأخ الصالح... وفقه الله، و ذلك في (2) شهر شعبان سنة (1130) في دار السلطنة قزوين، كتبه العبد محمد مؤمن بن قوام الدين محمد الحسني الحسيني.


أقول: و السيد قوام الدين الحسيني القزويني، قال العلامة المحقق السيد عبدالله التستري الجزائري في الاجازة الكبيرة (ص 165 (في ترجمته: كان فاضلا علامة محققا، كثير الاحتياط في العلم و العمل، عظيم النفع، جليل الشأن، مهذب الأخلاق، ذكرته في تذييل السلافة بفقرات منها: قوام المجد العصامي و عصامه.

الي أن قال: و كان بينه و بين الوالد أطال الله بقاه من المخالة و المصافاة ما بين الخليصين المتصادقين، و الخليلين المتوافقين، لا يري أحدهما في الدنيا فضلا الا للآخر.

الي أن قال: و قد كنت كثير الشوق الي لقائه لما أسمعه من الوالد من الاطراء في ثنائه، الي أن سهل الله الاجتماع به بقزوين، و قد أنهكه الهرم، و أقعده الهمم، و ذلك في عشر الخمسين بعد المائة و الألف، فرأيته فوق الوصف، و عرضت عليه بأمره شرح المفاتيح.

الي أن قال: و قد نظم كثيرا من المتون بارجوزات حسنة، كاللمعة، والكافية، و خلاصة الحساب، و صحيفة الاسطرلاب، والزبدة و غيرها، يروي عن الشيخ جعفر القاضي، و رثاه بمرثية حسنة أوردتها في تذييل السلافة، و راسلني بعد ما فارقته بمنظومة جيدة، و أجبته مثلها، و توفي بعد ذلك بزمان يسير رحمة الله عليه. انتهي.

و قال العلامة المجلسي في اجازته له في شعبان سنة (1107): السيد الأيد الحسيب النسيب اللبيب الأديب، الفاضل الكامل البارع، المتوقد الزكي الألمعي اللوذعي، السيد قوام الدين، الي أن قال: بعد ما أخذ مني من العلوم الدينية و المعارف اليقينية شطرا. انتهي.

أقول: و كفي فخرا لصاحب الكتاب، الثناء و الاطراء من هذا السيد الجليل بقوله: مؤلفه الرضي المرضي الفاضل العابد التقي المتقي أدام الله تأييده.

و جاء في آخر النسخة المخطوطة المذكورة ما هذا لفظه: صورة تاريخ خط المؤلف دام ظله بمحمد و آله، قال أيده الله تعالي: هذا ما اتفق تخريجه من أخبار تلائم شرح اللهوف، و تناسب وقائع القتلي من أهل الطفوف.

و قد كنت فيما مضي سنة مائة و نيف بعد ألف من الهجرة، جمعت منها نبذا،


و ألفت علي شاكلتها طرفا، الي أن وقع في يدي نسختا البحار و منتخب المراثي، فالتقطت فرائدهما، و جمعت فوائدهما، و أضفتهما الي ما ألفته سابقا، فجاء بحمد الله كتابا جامعا، لكن النسخ التي في بلدنا كانت عزيزة جدا، و سقيمة بتا، فلم آل جهدا في تصحيحه، و لم أزل مجدا في تهذيبه.

فمن وجد فيه هفوة، فليقبل معذرتي، و ليقل عثرتي، و ليصفح عن زلتي، و ليرفع كبوتي، بل عليه أن يجيد بقلم الاصلاح نصحا، و يضرب عن سوء ذكري صفحا، و يطوي عن مثالبه كشحا، و يجود بمحاسنه فضلا و اكراما، ليحشر في زمرة من اذا مروا باللغو مروا كراما، فان البقلة في بلاد الجبل شواء، و اللعقة من العسل لداء المرضي شفاء.

و ليس كتابي هذا الا كعظام في جراب، أو كشن ماء في سراب، و انهما قد تنفعا لمساكين جوعي في شفا جرف خراب، و صعاليك عطشي طالبي شراب.

فوافق تاريخ التمام سنة ثمانية عشر و مائة بعد ألف من هجرة من هاجرها الي الكهف، علي هاجرها المقدس الصلاة والسلام، و علي آله الغر الكرام التحية والاكرام، صلاة متتابعة علي مر الكرور و الأعوام، ما ناح القمري و صاح الحمام.

و قد وفق الكريم المنان الفقير الي الله عبدالله بن ناصر بن حميدان الخطي لاتمام هذا الكتاب المسمي بتظلم الزهراء من خط المصنف حفظه الله عن موجبات التلف و التأسف، في اليوم الخامس عشر من ربيع الثاني سنة الرابعة والعشرين و مائة و ألف من الهجرة النبوية علي مهاجرها و آله ألف ألف سلام و تحية في البلدة المحروسة قزوين. انتهي.

أقول: و الظاهر أن الكاتب و هو الشيخ عبدالله الخطي البحراني من الأفاضل، حيث أنه يلوح من استنساخه هذا الكتاب آثار العلم و الفضل.

و قوله «و قد كنت فيما مضي» الي آخر كلامه، اشارة الي النسخة التي كتبها أولا، و هي النسخة الموجودة أيضا في مكتبة المرحوم آية الله العظمي النجفي المرعشي قدس سره برقم (5132) و هي بخط المؤلف، ثم زاد عليها فأصبح كتابا كاملا تاما، و هو هذا الكتاب بين يديك.

و جاء في الصفحة الأولي من النسخة المخطوطة المذكورة الأخيرة ما هذا


لفظه: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الواقف علي السرائر العالم بما يرقم علي الدفاتر، والصلاة علي سيد الأصاغر و الأكابر، و أنبل الأماجد و الأفاخر، محمد المبعوث علي المماليك و الحرائر، و علي آله و أصحابه الموصوفين بالمكارم والمفاخر.

أما بعد، فقد وقفت هذا المجلد مع مجلدات اخر علي كافة الطلبة الاثني عشرية، و سائر الشيعة الامامية، و جعلت النظر له الي أورع ولدي و أفقههم، و بعدهم لأولي الناس بي، ثم والعياذ بالله لو انقرضوا الي أورع الطلبة و أفقههم، فعليه و عليهم أن يضبطوه عن التلف و التعطيل و الرهن، و سائر ما ينافي الوقف، و اني استحثهم علي الضنة عمن لا يليق الاستئمان ممن ان تأمنه بدينار لا يؤده اليك، و علي الاقباض للمؤتمنين.

ثم لو علم أن الصلاح في الارتهان ارتهن، فان الشاهد يري ما لا يراه الغائب، و اليه و اليهم الأمر في الايفاء و الاستيفاء و مدة الأجل و الميعاد كيفما يتحري.

ثم اني أتولي ولاية عنه، لما جعل الله لي الولاية عليه الي أن يبلغ الحلم والرشد، فصار الوقف بتا و الحبس الدائم بتلا، الي أن يرث الله الأرض و من عليها.

و أنا أقل الخليفة و أحقر الطلبة ابن مؤلف هذه النسخة الشريفة رضي الشهيد في سبيل الله، حشره الله تعالي مع شهداء الكربلاء بحق محمد و آله. انتهي ثم أمهره بمهره، و مكتوب فيه اسمه علي بن رضي.

أقول: و يستفاد مما كتبه ولد المؤلف من الوقف علي النسخة أنه من الأفاضل و أهل العلم، و أن والده مؤلف الكتاب استشهد في سبيل الله، فهنيئا ثم هنيئا لمن استشهد في طريق أهل البيت عليهم الصلاة و السلام.

هذا آخر ما يمكن أن يقال و يكتب في هذا المجال عن المؤلف قدس سره و عن كتابه القيم، و هذا الكتاب قد طبع عدة مرات في ايران سنة (1304) و في سنة (1312) و في العراق سنة (1375).

و قد نفد نسخه في هذا الزمان، و كثر الطالبون لهذا الكتاب، و طلب مني بعض الاخوة القيام بتحقيق الكتاب و تخريج مصادره، حيث لم تطبع الكتاب الي


الآن محققا، فوفقني الله جل جلاله لاجابة مسألته، فقمت بمقابلة الكتاب مع النسختين المخطوطتين المشار اليهما آنفا، و استخرجت جميع مصادره من الآيات و الروايات و الأقوال والعرض عليها، و توضيح ما لعل يحتاج الي التوضيح و البيان من اللغات الصعبة و المشكلة، فخرج بحمد الله كتابا نقيا صحيحا خاليا ان شاء الله عن الأغلاط و التحريف، الا ما زاغ عنه البصر.

و بالختام أقدم ثنائي العاطر الي الناشر المحترم فضيلة الحاج محمد صادق الكتبي مؤسس منشورات الشريف الرضي لاخراج هذا الكتاب بهذه الطباعة الرائعة، و أسأل الله تبارك و تعالي أن يوفقه و يسدده لنشر سائر آثار أسلافنا الطاهرين. والحمد لله رب العالمين.

السيد مهدي الرجائي

قم المقدسة 26 / شهر رمضان / 1416 ه ق