بازگشت

مذهبه


قال سعد بن عبدالله الاشعري - عند حديثه عن فرق الزيدية -: من نفرق الزيدية يسمون (السرحوبية) ويسمون (الجارودية) وهم أصحاب أبي الجارود زياد بن منذر، وإلية نسبت الجارودية، وأصحاب أبي خالد الواسطي وأصحاب فضيل بن الزبير الرسان [1] .

وفي موضع آخر قسم الزيدية إلي ضعفاء وأقوياء، ثم قال: وأما الاقوياء منهم: فهم أصحاب أبي الجارود، وأصحاب أبي خالد الواسطي، وأصحاب فضيل الرسال [2] ، فهذا يدل علي أن الفضيل كان من ا لزيدية، بل من الاقوياء منهم، ويشير إلي أنه كان صاحب راي ونفوذ فيهم، حيث كان له (أصحاب) ينسبون إليه.

وقال ابن النديم، ومن متكلمي الازيدية: فضيل الرسان، وهو ابن الزبير [3] ، وذكر ناجي حسن فضيلا في عداد من نظمهم زيد الشهيد من الدعاة، وأرسلهم إلي الاقطار المختلفة يدعون الناس إلي ثورته 56).

ومما يقرب ذلك أن الرجل كان ممن يسال عما يتعلق بشوون زيد، وكان مطلعا علي أسرار حركته والمتصلين به، كما توسط ي إيصال الاموال إليه ودعمه، كما يستفاد ذلك من رواياته، ومنها ما نقله أبوالفرج الاصفهاني في (المقاتل) بسنده عن الفضيل، قال: قال أبو حنيفة: من ياتي زيدا في هذا الشان من فقهاء الناس قلت: سلمة بن كهيل، ويزيد بن أبي زياد، وهارون بن سعد، وهاشم بن البريد، وأبوهاشم الرماني، والحجاج بن دينار، و غيرهم فقال لي: قل لزيد: (لك عندي معونة وقوة علي جهاد عدوك، فاستعن بها أنت و أصحابك في الكراع والسلاح) ثم بعث ذلك معي إلي زيد، فاخذه زيد [4] .


وهذه الرواية تدل علي مدي اختصاص الرجل بزيد، واتصاله به وسلوكه مسلكه، وربما يستانس ذلك أيضا مما رواه الكشي من دخوله علي الامام ا لصادق عليه السلام، بعد مقتل زيد وسوال الامام منه عن مقتل عمه، وإنشاده شعر السيد الحميري، كما تقدم نقلة [5] .

فيمكن أن يستظهر من هذه الروايات وأمثالها كون فضيل زيدي المذهب، كما استظهر العلامة الحلي والسيد ابن طاووس زيدية أخيه عبدالله منن رواية عبدالرحمان بن سيابة التي ذكرناها سابقال، والتي جاء فيها أن الامام الصادق عليه السلام أمر بتقسيم الاموال علي عوائل المصابين مع زيد، فاصاب عائلة عبدالله أربع دنانير، قال العلامة:

وهذه الرواية تعطي أنه كان زيديا [6] ، وقال السيد: ظاهر الحديث ينطق بان عبدالله بن الزبير كان زيديا [7] .

وناقش الشيخ المامقاني في يهذا الاستظهار بقوله: إن الدين خرجوا مع زيد ليسوا كلهم زيدية بالبديهة [8] .

أقول: مجرد الخروج مع زيد ليس دليلا علي الزيدية كما ذكر، لكن تصريح علماء الفرق والرجال - كالاشعري وابن النديم - وضم الروايات الاخري التي تلائم زيدية الرجل، حجة للاستظهار المذكور، فهو زيدي علي الاظهر.

وما ذكره الشيخ المامقاني - بعد ما نقل عن الشيخ الطوسي، ذكر الرجل في بابي أصحاب الباقر والصادق عليهما الاسلام - من: أن ظاهره كونه إماميا [9] لا وجه له أصلا، و ذلك:

أولا: لما عرفت من أن الاظهر كونه زيدي المذهب.

وثانيا: أن مجرد ذكر الشيخ الطوسي للراوي في كتاب رجاله لا يدل علي كونه إماميا، لان الشيخ لم يلتزم في الرجال بذكر من كان إماميا، بل هو بصدد جمع أسماء الرواة عن الائمة، بمجرد عثوره علي رواية له عن أحدهم فكتابه في الحقيقة فهرس لاسماء الرواة، من


دون نظر له فيه إلي توثيق أو جرح، ولا إلي تعيين ممذهب أو غير ذلك من الاهتمامات الرجالية، وهذا واضح لمن راجع كتاب الرجال، نعم التزم الاشيخ الطوسي في (الفهرست) بان يذكر فيه المولفين من الامامية عدا من يصرح بمذهبه من غيرهم [10] .


پاورقي

[1] المقالات والفرق لسعد: ص 71.

[2] المصدر: ص 74، الفقرة (144).

[3] الفهرست لابن النديم: ص 227. ثورة زيد بن علي: ص 111، نقلا عن الحدائق الوردية لحميد المحلي - من علماء الزيدية - ج! ص 152.

[4] مقاتل الطالبيين ص 6 - 147.

[5] وانظر رجال الکشي: رقم (505).

[6] رجال العلامة: ص 237.

[7] تنقيح المقال: ج 2 ص 182، رقم (6856) نقلا عن التحرير الطاووسيي.

[8] المصدر السابق، نفس الموضع.

[9] تنقيح المقال: ج 2 ق 2 ص 13 (9498).

[10] الفهرست للطوسي: ص 3 - 24.