بازگشت

تورم قدمي السجاد


دع عنك تورم قدمي الرسول الأعظم واتفاقية ترتبه علي عبادته، وخذ محتجاً بفعل الإمام السجاد ذي الثّفنات، فإنه لا يشك من له إلمام يسير بالسيرة بأنه عاش دائم السقم، دائم الحزن، نحيف البدن، وقد كلّف نفسه الجهد بالعبادة في قول جابر الأنصاري [1] وهو (يهلك نفسه اجتهاداً بالعبادة) في قول فاطمة بنت علي (عليه السلام) [2] وهو (شديد الاجتهاد بالعبادة) في قول ولده الباقر (عليه السلام) [3] ، وبالاستدامة علي العبادة المجهدة (اصفر لونه [من السهر]، ورمصت عيناه [4] من السهر [5] ، ودبرت جبهته [6] ، وانخرم أنفه من السجود، وورمت ساقاه وقدماه من القيام للصلاة) [7] .

وقد رآه أبو حمزة في فناء الكعبة يصلّي، فأطال الصلاة حتي جعل يتوكّأ مرة علي رجله اليسري [8] .

فما هي هذه الآلام البدنية؟ وهل هذا الذي ينزله الإمام بنفسه من أنواع المشقات التي تترتب عليها انخرام أنفه وورم ساقيه وقدميه إلا إضرار بنفسه؟ وليست هي باتفاقية قطعاً، كما يعلم ذلك من سيرته من له أدني اطلاع علي السيرة.

إنّ جابر بن عبد الله الأنصاري عندما يطلب منه البقيا علي نفسه يقول له: (لا أزال علي منهاج أبويّ مؤتسياً بسنتيهما حتي ألقاهما) [9] . وولده أبو جعفر (عليه السلام) عندما يقول له: كم هذا الدأب، يجيبه بقول: (إنني أتحبّب إلي ربّي لعلّه يزلفني) [10] . فلم لا قال له أحد: أن هذا الذي تفعله محرّم عليك ولا يطاع الله من حيث يعصي؟

وإذا كان ضرب الصدر باليد حتي يحمر أو يسود ضرراً وإيذاءً محرّماً، فإن اسوداد ظهر السجاد مما يحمله دائماً علي ظهره إلي الفقراء بوفاق من مؤرخينا، فضلاًًُ عن إثفان السجود جبهته وعرنين أنفه الذين كان يقرضهما بالمقراض في السنة مرتين أو أكثر، [11] أولي [12] أن يكون إيذاءاً ومحرماً علي مذهب أهل الشام.


پاورقي

[1] کما في الخبر المروي في أمالي الشيخ [] وفي المناقب [94: 149].

[2] في خبر الأمالي []، والمناقب [4: 148] أيضاً.

[3] في المناقب [4: 155]: کان علي بن الحسين (عليه السلام) شديد الاجتهاد بالعبادة، نهاره صائم، وليله قائم، حتي أضرّ ذلک بجسمه، فقال له أبو جعفر: يا أبه! کم هذا الدؤوب؟ فقال: أتحبّب إلي ربّي لعلّه يزلفني.

[4] رَمِصَت عيناه: خرج منهما وسخ أبيض. والظاهر أن هذا تصحيف، والصحيح: (رمضت عيناه) أي حميتا. م.

[5] في المصدر (من البکاء) بدل (من السهر).

[6] دبرت جبهته: حدثت قرحة أو جرحٌ في جبهته. م.

[7] روي ذلک الشيخ في أماليه مسنداً عن الباقر (عليه السلام)، والمفيد في الإرشاد [صفحة 255] مسنداً عن سعيد بن کلثوم عن الصادق (عليه السلام).

[8] رواه صحيحاً ثقة الإسلام في الکافي [2: 579-580] عن أبي حمزة الثمالي.

[9] روي ذلک الشيخ في أماليه، وصاحب المناقب [4: 149].

[10] في رواية الخصال والعدد [2: 517]: کان علي ظهره مثل رکب الإبل. وفي رواية حلية الأولياء [3: 136] عن الزهري: کان علي ظهره محل. وعن عمرو بن ثابت: کان علي ظهره سواد. وعن مطالب السؤول: کانت آثار في ظهره.

[11] في رواية الصدوق في الخصال [2: 518]: أنه کانت تسقط منه کل سنة سبع ثفنات من مواضع سجوده. قلت: ولذلک لقّب بـ(ذي الثفنات)، قال في القاموس [4: 209]: ذو الثفنات هو علي بن الحسين.

[12] هذا خبر (إنّ) في قوله (إذا کان ضرب الصدر باليد حتي يحمر أو يسود، إضراراً وإيذاءً محرماً، فإن اسوداد ظهر السجاد..)). م.