بازگشت

حرمة المؤمن عندالله


قد يتوهم متوهم أن ما دل علي عدم جواز إيذاء الغير وإضراره لاحترامه عند الله تعالي يدل علي عدم جواز إيذائه لنفسه وإيلامها، لأنه كغيره في الاحترام، وليس احترامه لنفسه موكولاً إليه وداخلاً تحت اختياره حتي يكون له إسقاطه.

وهذا من المغالطات، لأن احترام المؤمن بعدم إيذائه قد أوجبه الله إذ أمر به. أما احترامه لنفسه بمعني عدم إدخال الأذي عليها، فلم يوجد في الأدلة ما يقضي بلزومه. ولا ملازمة بين لزوم احترام الناس له وبين لزوم احترامه لنفسه [1] . وغاية ما يوجد في الأدلة الشرعية أنه لا يظلم نفسه، ولا يلقي نفسه وفي التهلكة، أي لا يتلفها ولا يعرضها لخطر الهلاك، وأين هذا من مسألة إيذاء النفس المدعي حرمته مطلقاً؟

وأما قضية دخول احترام الإنسان لنفسه تحت اختياره، فهي إثباتاً ونفياً تتوقّف علي البرهان، ولا برهان علي النفي إلاّ الدعوي نفسها. وأما الإثبات فيكفيه - مع قطع النظر عن كل شيء - أصالة الجواز والإباحة [2] .


پاورقي

[1] قول القائل (المؤمن محترم عند الله) له معنيان:

أحدهما: أنه تعالي لم يهنه ولم يخذله ولم يکله إلي غيره، بل وقّره وقرّبه وجعل له علي نفسه حقوقاً: أن يجيب دعوته، ويرفع عمله مضاعفاً، ويجزيه عليه أوفي جزاء وهذا لا دخل له بما يريده المتوهم.

ثانيهما: أنه تعالي أمر الناس باحترامه في ما بينهم بعدم إيذائه وإضراره وإهانته. وهذا هو الذي يراد التشبث علي حرمة إيذاء نفسه وإضرارها. ولا يخفي أنه لا ملازمة بين لزوم احترام الناس له وبين لزوم احترامه نفسه، ومع فرض عدم الملازمة لا دليل يدل بخصوصه علي لزوم احترامه نفسه.

[2] بل ما يدل علي أولوية الإنسان بنفسه من کل من عدا النبي (صلي الله عليه وآله) والأئمة، يقتضي إطلاقه سلطنته عليها، نحو سلطانه علي ماله في تصريفه کيف شاء إلاّ ما علم عدم جوازه.