بازگشت

مدلول ادلة نفي العسر والحرج


الكلام في باب العسر والحرج في أمرين:

الأول: في أنهما أوجبا وقوع التخفيف في أصل شرعية الأحكام، بمعني أن ما ثبت في الشرع من تكليف لا حرج فيه ولا عسر.

وهذا المعني إن ثبت في نفسه [1] ، كما هو مقتضي قوله (صلي الله عليه وآله) (بعث بالحنيفية السهلة السمحة) [2] وغيره، لا ينفع في مقام الاستدلال علي رفع الأحكام المشروعة الثابتة إذا عرض العسر عليها من باب الاتفاق، علي ما يحاوله الكاتب في مواضع من رسالته [3] .

الثاني: في أن العسر والحرج يوجبان الحكم بالتخفيف لو طرأ العسر والضيق علي تكليف من التكاليف التي هي في نفسها وفي أصل شرعيتها لا عسر فيها، كما هو مقتضي قوله تعالي: (ما جعل عليكم في الدين من حرج) [4] ، و(يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) [5] .

وهذا هو الذي ينفع في مقام الاستدلال، وباعتباره حكموا بسقوط وجوب مباشرة أفعال الحج عمن يكون عليه عسر وحرج في الركوب والغسل بالماء البارد عمن يؤذيه أو يوجب مرضه أو بطؤه، وأمثال ذلك كثير في أبواب العبادات في كتب الفقه.


پاورقي

[1] هذا إشارة إلي وجود التکاليف الشاقّة في الشريعة، کالجهاد، والحج في حق البعيد، وتمکين النفس من الحدود والقصاص والتعزيرات، ومجاهدة النفس بترک الأخلاق الرديئة المرتکزة فيها، والصبر علي المصائب والبلايا العظيمة، ونذر الأمور المتعسّرة کالمشي إلي بيت الله الحرام، وصوم الدهر عدا العيدين، وإحياء الليالي - علي ما عليه جماعة من انعقاده-، والحج متسعکاً لمن زالت استطاعته بالتقصير بعد استقراره عليه، وغير ذلک.

[2] وسائل الشيعة 5: 246. م.

[3] منها ما في صفحة 20 من عدم وجوب الوضوء عند خشونة الجلد وتشققه من استعمال الماء، ومنها في صفحة 17 من الحکم بسقوط المباشرة عمن يعسر عليه الرکوب للحج، وعدم وجوب الغسل علي من يؤذيه استعمال الماء.

[4] سورة الحج آية 78. م.

[5] سورة البقرة آية 185. م.