بازگشت

الكذب في الشعر


يصرّح صاحب (المستند) بأن ما يتضمن من الشعر نسبة قول أو فعل إلي أحد الأئمة (عليهم السلام) يقطع بعدم صدوره، هو محرّم ومبطل للصوم، لأنه من الكذب علي الإمام (عليه السلام)، إلاّ إذا كان داخلاً في باب مبالغات الشعر وإغراقاته [1] ، [2] .



وهذا من الغرائب، فإن الخلاص عن الكذب لا ينحصر بالمبالغة والإغراق، لأن الشعر أكثر ما يكون خيالاً أو متضمناً لحكاية، حال، نظير قوله تعالي: (قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم) علي ما يرتئيه سيدنا المرتضي في (المسائل الطرابلسية) [3] .

فمن الخيال قوله:



تريب المــــحيّا تظــــــنّ السّما

بأن علـــــي الأرض كــــيوانها



ومن حكاية الحال قوله:



وقال قفـــــي يا نفــــس وقفة واردٍ

حيــــاض الــرّدي لا وقفة المتردّد



وقوله:



وهوي علــــيه مــــا هنـــالك قائـلاً

اليــــوم بـــان عن اليمين حسامها



ومن أقسام الخيال إرسال القول أو الفعل مبنياً علي إضمار (كأنّ) أو شبهها، كقوله:



عجّت بهم مذ علي أبرادها اختلفت

أيدي الــــعدوّ ولكــــن من لها بهم



يريد (كأني بها عجّت بهم وهي تقول كذا..) ولا يقصد أنّ ذلك واقع منها واقعاً، فهو في الحقيقة يجري مجري قول علي (عليه السلام) في إحدي خطبه في وصف الموتي (ولو استنطقت [4] عنهم عرصات تلك الديار الخاوية، والربوع الخالية، لقالت: ذهبوا في الأرض ضلاّلا..) [5] في كونه ليس من الكذب إن أريد به (كأنّي بها لو استنطقت..).

وكذا إذا لم يرد ذلك، لكنه يكون علي هذا من حكاية الحال نحو (قالت نملة).

ولو أني ذهبت استقصي أمثال هذا من شعر حسّان بن ثابت، والكميت، والسيد [6] ودعبل، وغيرهم الذين أنشدوا بحضور النبي (صلي الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) لخرجت عن وضع الرسالة.


پاورقي

[1] کقوله:



وقفت له الأفلاک حين هويه

وتبــدلت حـرکاتها بسکون.

[2] مستند الشيعة 2: 109. م.

[3] رسائل الشريف المرتضي 1: 356. حيث نفي المرتضي أن تکون النملة قد تکلمت فعلاً، بل أوّل الآية بأنها لما خافت من الضرر الذي أشرف النمل عليه، جاز أن يقول الحاکي لهذه الحال تلک الحکاية البليغة، لأنها لو کانت قائلة ناطقة ومحفوفة بلسان وبيان لما قالت إلا مثل هذا. م.

[4] في المصدر (استنطقوا). م.

[5] نهج البلاغة: لخطبة 221. م.

[6] المقصود هو السيد الحميري. م.