بازگشت

مقدمة التحقيق


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام علي سيدنا محمد وآله الطاهرين واللعنة علي أعدائهم أجمعين.

منذ أن تفككت القيود الحديدية - نسبياً - عن المسلمين الشيعة في بعض مناطق العالم، عند تهاوي الدول الظلامية الظالمة التي حكمت الوطن الإسلامي بأسوأ طريقة ممكنة، تمتع الشيعة بحرية نسبية في أداء شعائرهم الدينية علناً، فقاموا بالتظاهر بممارسة النشاطات الدينية، وكان منها مراسم العزاء علي سبط رسول الله (صلي الله عليه وآله) الإمام الحسين (صلوات الله عليه).

وعند ظهور الحكومات الشيعية أو المحايدة في العراق وبلاد الشام والجزيرة العربية وبلاد فارس، استمرت إقامة هذه المراسم مع توسع كمّي وكيفي، وظلّوا يقيمون هذه الشعائر عدة قرون مع مدّ وجزر.

ومنذ أن اجتاحت عاصفة التغريب والتجديد (التبديد) المجتمعات الإسلامية في الشرق في العقود الأخيرة، ظهرت نقاشات حادة حول مجموعة كبيرة من المفاهيم الدينية، ومن جملتها كيفية إقامة العزاء علي الإمام الحسين (عليه السلام).

النقاش في كيفية إقامة العزاء علي الإمام كان ينصبّ في عدة قنوات، مثل:

1- تحليل نفسي تاريخي لإثبات عدم أصالة هذه المراسم، وذلك بإرجاع منشأها إلي الخرافة والتخلف الفكري من جهة، وإلي عادات المجوس في بلاد فارس من جهة أخري.

2- سرد مجموعة من الوجوه لإثبات حرمة هذه المراسم، بدعوي صدق عنوان (البدعة) و(الإسراف) و(الإهلاك) و(الإيذاء) و... عليها.

وقد تكفل الفقهاء والعلماء الإجابة علي التشكيكات المتعلقة بدائرة الفقه، لأن الفقيه الواجد لشرائط الإفتاء هو الذي يحسم التشكيك المتعلق بالحكم الشرعي لأفعال المكلّفين، كما قام المفكّرون والدعاة بالرد علي التشكيكات المتعلقة بالقنوات الأخري.

والكتاب الذي بين يديك هو واحد من الأعمال الثقافية التي قام بها العلماء في مواجهة الهجوم الذي تعرضت له مفردات الشعائر الحسينية قبل عدة عقود.

يعالج هذا الكتاب التشكيكات التي أوجدها البعض حول الشعائر الحسينية ذات الصلة بالفقه، فيتعرض إلي الحكم الشرعي لإقامتها مثبتاً استحبابها، ويدحض تلك التشكيكات بأدلة قوية. وقد انتهج في ذلك أسلوب النقاش الحوزوي.

ويلاحظ أن الطابع العام له هو التركيز علي الحكم الشرعي للتطبير والضرب بالسلاسل علي الظهور. والسبب في ذلك يرجع إلي وقوع هذين الأمرين مثار التشكيك أكثر من غيرها، وأنه إذا ثبتت إباحة واستحباب هذين الفعلين، فقد ثبتت لغيرهما بالأولوية القطعية.

كما أن هناك حديث واسع حول قاعدة نفي الضرر وحرمة الإيذاء ويستنتج منه المؤلف أنه لا سبيل إلي الاستدلال بها علي حظر أيّ من الشعائر بقول مطلق.