بازگشت

مراثي حسان بن ثابت للنبي


انظر ترجمته في: الاستيعاب 328: 1، الاصابة 225: 1، الشعر و الشعراء لابن قتيبة: 192.

و رثاه صلي الله عليه و آله حسان بن ثابت بهذه القصيدة - أوردها ابن هشام في سيرته و تركنا بعضها -:



بطيبة رسم للرسول و معهد

منير و قد تعفو الرسول و تهمد [1] .



و لا تنمحي [2] الآيات من دار حرمة

بها منبر الهادي الذي كان يصعد [3] .



و واضح آثار و باقي معالم

وربع له فيه مصلي و مسجد



عرفت بها رسم الرسول و عهده

و قبرا بها و أراه في الترب ملحد



ظللت بها أبكي الرسول فأسعدت

عيون و مثلاها من الجفن تسعد






يذكرن آلاء الرسول و ما أري

لها محصيا نفسي فنفسي تبلد [4] .



مفجعة قد شفها فقد أحمد

فظلت لآلاء الرسول تعدد [5] .



أطالت وقوفا تذرف العين جهدها

علي طلل القبر الذي فيه أحمد



فبوركت يا قبر النبي [6] و بوركت

بلاد ثوي فيها الرشيد المسدد



و بورك لحد منك ضمن طيبا

عليه بناء من صفيح منضد [7] .



لقد غيبوا حلما و علما و رحمة

عشية علوه الثري لا يوسد



وراحوا بحزن ليس فيهم نبيهم

و قد وهنت منهم ظهور واعضد



يبكون من تبكي السماوات يومه

و من قد بكته الأرض فالناس أكمد



و هل عدلت يوما رزية هالك

رزية يوم مات فيه محمد؟



تقطع فيه منزل الوحي عنهم

و قد كان ذا نور يغور و يبجد [8] .



يدل علي الرحمن من يقتدي به

و ينقذ من هول الخزايا و يرشد



أمام لهم يديهم الحق جاهدا

معلم صدق أن يطيعوه يسعدوا



و أن ناب أمر لم يقوموا بحمله

فمن عنده تيسير ما يتشدد



فبينا هم في نعمة الله بينهم

دليل به نهج الطريقة يقصد



عزيز عليه أن يجوروا عن الهدي

حريص علي أن يستقيموا و يهتدوا



فبينا هم في ذلك النور اذ غدا

الي نورهم سهم من الموت مقصد [9] .






و أمست بلاد الحرم وحشا بقاعها

لغيبة ما كانت من الوحي تعهد [10] .



و بالجمرة الكبري له ثم أوحشت

ديار و عرصات و ربع و مولد [11] .



فبكي رسول الله يا عين عبرة

و لا أعرفنك الدهر دمعك يجمد



و مالك لا تبكين ذا النعمة التي

علي الناس منها سابغ يتغمد [12] .



فجودي عليه بالدموع و أعولي

لفقد الذي لا مثله الدهر يوجد [13] .



و ما فقد الماضون مثل محمد

و لا مثله حتي القيامة يفقد



أعف و أوفي ذمة بعد ذمة

و أقرب منه نائلا لا ينكد [14] .



و أكرم صيتا في البيوت اذا انتمي

و أكرم جدا أبطحيا يسود [15] .



و أمنع ذروات و أثبت في العلا

دعائم عز شاهقات تشيد [16] .



تناهت و صاة المسلمين بكفه

فلا العلم محبوس و لا الرأي يفند [17] .



و قال حسان بن ثابت ايضا يبكي رسول الله صلي الله عليه و آله - أوردها ابن هشام في سيرته و تركنا بعضها -:



ما بال عينك لا تنام كأنما

كحلت مآقيها بكحل الأرمد [18] .



جزعا علي المهدي أصبح ثاويا

يا خير من وطي ء الحصي لا تبعد






وجهي يقيك الترب لهفي ليتني

غيبت قبلك في بقيع الفرقد [19] .



بأبي و امي من شهدت وفاته

في يوم الاثنين النبي المهتدي



يا بكر آمنة المبارك بكرها

ولدته محصنة بسعد الأسعد



نورا أضاه علي البرية كلها

من يهود للنور المبارك يهتدي



والله أسمع ما بقيت بهالك

الا بكيت علي النبي محمد [20] .



صلي الاله و من يحف بعرشه

والطيبون علي المبارك أحمد [21] .



و قال حسان بن ثابت أيضا يبكي رسول الله صلي الله عليه و آله - أوردها ابن هشام في سيرته و تركنا بعضها -:



كان الضياء و كان النور نتبعه

بعد الاله و كان السمع و البصرا



فليتنا يوم واروه بملحده

و غيبوه و ألقوا فوقه المدرا



لم يترك الله منا بعده أحدا

و لم يعش بعده انثي و لا ذكرا



ذلت رقاب بني النجار كلهم

و كان امرا من أمر الله قد قدرا



و اقتسم الفي ء دون الناس كلهم

و بددوه جهارا بينهم هدرا [22] .



و قال حسان بن ثابت يبكيه ايضا - أوردها ابن هشام في سيرته و تركنا بعضها -:



تالله ما حملت انثي و لا وضعت

مثل الرسول نبي الامة الهادي






و لا برالله خلقا من بريته

أوفي بذمة جار أو بميعاد



من الذي كان فينا يستضاء به

مبارك الأمر ذو عدل و ارشاد



يا أفضل الناس اني كنت في نهر

أصبحت منه كمثل المقرد الصادي [23] .




پاورقي

[1] طيبة: اسم مدينة الرسول صلي الله عليه و آله، و الرسم: ما بقي من آثار الدار، و تعفو: تتغير و تمهد: تبلي.

[2] کذا في الاصل، و في المصدر: تمتحي.

[3] الآيات: العلامات.

[4] الآلاء: النعم، جمع ألي و الي (بفتح الهمزة و کسرها و تحريک اللام).

[5] شفها: أضعفها.

[6] کذا في الأصل، و في المصدر: الرسول.

[7] الصفيح: الحجارة العريضة، و المنضد: الذي جعل بعضه علي بعض.

[8] يغور: يبلغ الغور، و هو المنخفض من ألأرض، و ينجد: يبلغ النجد و هو المرتفع من الأرض.

[9] مقصد: مصب؛ يقال: أقصد السهم: اذا أصاب.

[10] بلاد الحرم (بضم الحاء و کسرها): يعني مکة و ما تصل بها من الحرم.

[11] عرصات: ساحات،: و کنت الراء ضرورة.

[12] سابغ: کثير تام، و يغمد: يستر.

[13] أعولي: ارفعي صوتک بالبکاء.

[14] لا ينکد: لا يکدر، بالمن الذي يفسد النائل.

[15] الصيت: الذکر الحسن، و الأبطحي: المنسوب الي أبطح مکة و هو موضع سهل متسع.

[16] الذروات: الأعالي، و الشاهقات: المرتفعات.

[17] سيرة ابن‏هاشم 669 - 666: 4.

[18] المآقي: مجاري الدموع من العين، و الأرمد: الذي يشتکي من وجع العين. و رواية هذا البيت في ديوان حسان: «ما بال عيني....».

[19] بقيع الفرقد: مقبرة أهل المدينة.

[20] والله أسمع: أي والله لا أسمع.

[21] سيرة ابن‏هشام 670 - 669: 4. و قد وردت هذه القصيدة في ديوان حسان باختلاف في بعض کلماتها و ترتيب أبياتها.

[22] سيرة ابن‏هشام 670: 4، و الهدر الباطل.

[23] السيرة النبوية لابن هشام 671: 4، و الصادي: العاطش.