بازگشت

بكاء ابي عبدالله جعفر بن محمد الصادق علي مصيبة جده الحسين


روي ابن قولويه في اكامل بسنده عن ابن خارجة قال: كنا عند أبي عبدالله جعفر الصادق عليه السلام فذكرنا الحسين بن علي عليه السلام، فبكي


أبوعبدالله و بكينا، ثم رفع رأسه فقال: قال الحسين بن علي: انا قتيل العبرة لا يذكرني مؤمن الا بكي [1] .

وروي في الكتاب المذكور بسنده عن مسمع كردين قال: قال لي أبوعبدالله: يا مسمع، انت من أهل العراق، أما تأتي قبر الحسين؟

قلت: لا، أنا رجل مشهور من [2] أهل البصرة و عندنا من يتبع هوي هذا الخليفة و أعداؤنا كثيرة [3] من اهل القبائل من النصاب و غيرهم، و لست آمنهم أن يرفعوا [علي] [4] حالي عند ولد سليمان فيميلوا علي [5] .

قال لي: أفما تذكر ما صنع به؟

قلت: بلي [6] .

قال: فتجزع؟

قلت: اي والله و أستعبر لذلك حتي يري أهلي أثر ذلك علي، فامتنع من الطعام حتي يستبين ذلك في وجهي.

قال: رحم الله دمعتك، أما انك من الذين يعدون في [7] أهل الجزع لنا، و الذين يفرحون لفرحنا، و يحزنون لحزننا، و يخافون لخوفنا، و يأمنون اذا أمنا - الي أن قال -: ثم استعبر و استعبرت معه.


فقال: الحمدلله الذي فضلنا علي خلقه بالرحمة، و خصنا أهل البيت بالرحمة، يا مسمع:، ان الأرض و السماء لتبكي منذ قتل أميرالمؤمنين عليه السلام رحمة لنا، و مابكي لنا من الملائكة اكثر و ما رقات دموع الملائكة منذ قتلنا و ما بكي احد رحمة لنا و لما لقينا الا رحمه الله قبل ان تخرج الدمعة من عينه [8] الحديث.

و منه يعلم ما كان عليه شيعة أهل البيت و محبوهم من الخوف و التقية من ملوك زمانهم في زمن بني العباس، فضلا عن زمن بني امية. و سليمان المذكور، هو سليمان بن علي بن عبدالله بن العباس الذي كانت له امارة البصرة.

وروي الشيخ الطوسي في مصباح المتهجد، عن عبدالله بن سنان قال: دخلت علي سيدي ابي عبدالله جعفر بن محمد عليهماالسلام في يوم عاشوراء، فلقيته كاسف اللون، ظاهر الحزن و دموعه تنحدر من عينيه كاللؤلؤ المتساقط.

فقلت، يا ابن رسول الله، مم بكاؤك لا ابكي الله عينك؟

فقال لي: أو في غفلة أنت، أما علمت ان الحسين بن علي اصيب في مثل هذا اليوم؟

فقلت: يا سيدي فما قولك في صومه؟

فقال لي: صمه من غير تبييت، وافطره من غير تشميت و لا تجعله يوم صوم كامل، وليكن افطارك بعد صلاة العصر بساعة علي شربة من


ماء، فانه في مثل ذلك الوقت من ذلك اليوم تجلت الهيجاء عن آل رسول الله صلي الله عليه و آله، وانكشفت الملحمة عنهم و في الأرض منهم ثلاثون رجلا صريعا في مواليهم، يعز علي رسول الله صلي الله عليه و سلم مصرعهم، و لو كان في الدنيا يومئذ حيا لكان صلوات الله عليه و آله هو المعزي بهم.

قال: و بكي ابوعبدالله عليه السلام حتي اخضلت لحيته بدموعه [9] الحديث.

قوله:، صمه من غير تبييت؛ أي من غير نية الصوم الشرعي التي تبيت من الليل، بل مجرد ترك الطعام و الشراب حزنا.

قوله: وافطره من غير تشميت؛ التشميت - بالشين المعجمة و بالمهملة أيضا-: الدعاء أي لا تدع عند الافطار بأدعية الافطار المعروفة، فان تلك للافطار من الصيام الشرعي، و هذا ليس كذلك، و فسرهما بقوله: (و لا تجعله... الخ).

و فيه دلالة علي رجحان اظهار الحزن بجميع انواعه حتي الامساك عن الطعام و الشراب.

وروي ابن قولويه في الكامل بسنده عن ابي بصير قال: كنت عند ابي عبدالله الصادق عليه السلام، فدخل عليه ابنه فقال له: مرحبا، وضمه و قبله و قال: حقر الله من حقركم، و انتقم ممن وتركم، و خذل الله من خذلكم، و لعن الله من قتلكم، و كان الله لكم وليا و حافظا و ناصرا، فقد طال بكاء النساء، و بكاء


الأنبياء و الصديقين و الشهداء و ملائكة السماء.

ثم بكي و قال: يا أبابصير، اذا نظرت الي ولد الحسين أتاني ما لا أملكه بما اوتي الي أبيهم و اليهم، يا ابابصير ان فاطمة لتبكيه - الي أن قال -: أما تحب ان تكون فيمن يسعد فاطمة؟

فبكيت حين قالها، فما قدرت علي النطق من البكاء [10] .

و سيأتي ما يدل علي بكاء الصادق عليه السلام عند ذكر استنشاد الشعر في الحسين عليه السلام [11] .

و سيأتي فيما جاء ان الحسين قتيل العبرة، و عبرة كل مؤمن انه ما ذكر الحسين عليه السلام عند أبي عبدالله الصادق عليه السلام في يوم قط فرؤي متبسما الي الليل [12] .


پاورقي

[1] کامل الزيارات: 108 ح 6، أمالي الصدوق: 118 ح 7، بحارالانوار 284: 44 ح 19.

[2] کذا في الأصل، و في المصدر: عند.

[3] کذا في الأصل و في المصدر: و عدونا کثير.

[4] من المصدر.

[5] کذا في الأصل، و في المصدر: بي.

[6] کذا في الأصل، و في المصدر: نعم.

[7] کذا في الأصل، و في المصدر: من.

[8] کامل الزيارات: 101 ح 6، بحارالانوار 289: 44 ح 31.

[9] مصباح المتهجد: 773.

[10] کامل الزيارات: 100 ح 2.

[11] کامل الزيارات، 101 ح 5.

[12] کامل الزيارات: 108 ح 2