بازگشت

بكاء علي بن الحسين زين العابدين علي أبيه


روي ابن شهراشوب في المناقب، عن الصادق جعفر بن محمد عليهماالسلام: انه قال: ابكي علي بن الحسين عشرين سنة، و ما وضع بين يديه طعام الا بكي، حتي قال له مولي له: جعلت فداك يا ابن رسول الله، اني أخاف ان تكون من الهالكين.

قال عليه السلام: (انما أشكو بثي و حزني الي الله و أعلم من الله ما لا تعلمون) [1] ، اني لم اذكر مصرع بني فاطمة الا خنقتني العبرة.

و رواه ابن قولويه في الكامل بسنده عن الصادق عليه السلام مثله، الا انه زاد بعد عشرين سنة، أو أربعين سنة [2] .

قال ابن شهراشوب: و في رواية: أما ان لحزنك أن ينقضي؟

فقال له: ويحك، ان يعقوب النبي عليه السلام كان له اثنا عشر ابنا، فغيب الله واحدا منهم، فابيضت عيناه من كثرة بكائه، واحدودب ظهره من الغم، و كان ابنه حيا في الدنيا و انا نظرت الي ابي و اخي و عمي و سبعة عشر من أهل بيتي مقتولين حولي، فكيف ينقضي حزني؟!

قال: وقد ذكر في الحلية نحوه.

و قيل: انه بكي حتي خيف علي عينه، و كان اذا أخذ اناء يشرب ماء بكي حتي يملأها دما؛ فقيل له في ذلك، فقال: و كيف لا أبكي و قد منع أبي من الماء


الذي كان مطلقا للسباع و الوحوش؟ و قيل له؟ انك لتبكي دهرك، فلو قتلت نفسك لما زدت علي هذا.

فقال: نفسي قتلتها و عليها أبكي [3] انتهت المناقب.

وروي ابن قولويه في الكامل بسنده قال: أشرف مولي لعلي بن الحسين عليه السلام و هو في سقيفة له ساجد يبكي، فقال له: يا علي بن الحسين، أما آن لحزنك أن ينقضي؟

فرفع رأسه اليه فقال: ويلك - أو ثكلتك امك - أما و الله، لقد شكا يعقوب الي ربه في أقل مما رأيت حين قال: (يا أسفا علي يوسف) [4] و انه فقد ابنا واحدا، و انا رأيت أبي و جماعة أهل بيتي يذبحون حولي [5] انتهي الكامل.

أقول: و هذا الذي روي عن زين العابدين عليه السلام من بكائه علي أبيه طول عمره، مع كونه في نفسه حجة قاطعة لما قدمناه، مشتمل علي الاحتجاج بفعل نبي الله يعقوب عليه السلام فيما هو أهون مما جري علي الحسين عليه السلام بمراتب.


پاورقي

[1] سورة يوسف: 86.

[2] کامل الزيارات: 107 ح 1، و الترديد هنا من الراوي، و الصواب: اربعين سنة.

[3] المناقب لابن شهراشوب 62: 4، بحارالانوار 227: 45.

[4] سورة يوسف، 84.

[5] کامل الزيارات: 107 ح 2.