بازگشت

الفائدة 2


تكرير قوله في رواية مسلم: «اذكركم الله في أهل بيتي» ثلاثا، يدل علي شدة اهتمامه بأهل بيته، فلم يكتف بتكرير الوصاية بهم مرتين حتي كررها ثلاثا.

و قوله: «اذكركم الله» دون أن يقول أوصيكم أو نحو ذلك دال أيضا علي شدة اهتمامه بذلك، فأضاف الي التوصية التخويف من الله بمخالفتها و في ذلك كله أيضا دلالة علي شدة تخوفه من أن لا يقوموا بهذه الوصية حق القيام، و ايماء الي أن الغالب علي ظنه أنهم لا يقومون.

و قد وقع ما تخوفه حتي آل الامر الي قتل وصيه و صهره و ابن عمه و وارث علمه، و قتل أولاده و ذريته، و قتل ولده الحسين أفظع قتلة و أفجعها، و سبيت ذريات الرسول و بناته علي أقتاب الجمال من بلد الي بلد، حتي صار جلساء يزيد يطلبون منه بعض بنات النبوة أن تكون خادمة عندهم، و حتي قال له طغام [1] أهل الشام لما استشارهم ما يصنع بأهل البيت؟ ما قالوا مما لا يطيق


اللسان النطق به، و قد سجله التاريخ و حملت رؤوس أبنائه و ذريته علي الرماح و جعل ابن مرجانة و ابن هند ينكتان ثغر ولده الحسين - الذي طالما قبله - بالخيزران، و فعل ابن مرجانة برأس ولده الحسين ما لا يطيق اللسان النطق به، و لا القلم تسطيره، مما ذكره سبط ابن الجوزي الحنفي في تذكرة الخواص [2] .

و لله در أبي تمام حيث يقول:



فعلتم بأبناء النبي و رهطه

أفاعيل أدناها الخيانة و الغدر [3] .



و لم تكتف امته بهذا حتي صار بعضها يذم من يحزن لهذه المصائب، و يبكي لهذه الفجائع التي حلت بأهل بيت النبوة، و ينبز محبي أهل بيته و شيعتهم بالرفض، و ينسبهم الي الكذب، و يرميهم بالمروق من الدين و هو أولي بما نسبهم اليه و رماهم به.


پاورقي

[1] الطغام و الطغامة - بالفتح -: أرذال الطير و السباع، و يقال أيضا: ارذال الناس و أوغادهم. و الواحد و الجمع منه سواء. انظر «لسان العرب 368: 12».

[2] تذکرة الخواص: 267.

[3] لم نعثر عليه في ديوانه المطبوع.