بازگشت

بكاء ائمة أهل البيت علي الحسين


الثامن و العشرون: من أدلة جواز البكاء علي الحسين عليه السلام و رجحانه: ما صح عن ائمة أهل البيت عليهم السلام من أنهم بكوا علي الحسين عليه السلام في كل عصر وجيل، و أمروا بالبكاء عليه، و الحزن لقتله، ورثائه بالاشعار، و اقامة المآتم عليه، و ترك السعي في الحوائج في مثل يوم قتله، و اتخاذه يوم حزن و بكاء، عدم اتخاذه عيدا و أقوالهم و أقوالهم و أفعالهم حجة يجب التمسك بها.

أما ثبوت ذلك من أقوالهم و أفعالهم فسيأتي الكلام عليه.

و أما ان أقوالهم و أفعالهم حجة يجب اتباعها و التمسك بها فمن وجوه:

الأول: انه لو ثبت ذلك عن أبي حنيفة أو أبي يوسف أو الشافعي أو محمد بن الحسن الشيباني أو مالك أو أحمد بن حنبل و أمثالهم، لما توقف الخصم في قبوله


و أخذه و العمل به، كما جري في مسائل غسل الرجلين في الوضوء مع دلالة القرآن علي المسح، و التكفير في الصلاة و الجماعة في نافلة رمضان، و العول و التعصيب و غيرها من المسائل التي أفتي أئمة أهل البيت بخلافها؛ و أئمة أهل البيت ان لم يكونوا أولي بالاتباع ممن ذكرنا، فلا يقصرون عنهم لو أنصفهم الناس، لانهم أخذوا علومهم عن آبائهم عن جدهم رسول الله صلي الله عليه و آله و هم مفاتيح باب مدينة العلم، فالمقلد لهم و الآخذ بأقوالهم ان لم يكن أعذر من مقلد من ذكرنا فليس دونه.

الثاني: لحجية أقوال أهل البيت حديث الثقلين الذي رواه الفريقان من أئمة أهل السنة و الشيعة.

فممن رواه من أئمة أهل السنة الامام مسلم بن الحجاج القشيري في صحيحه، و الامام أحمد بن حنبل في مسنده بسندهما عن يزيد بن حيان قال: انطلقت أنا و حصين بن سبرة و عمر بن مسلم الي زيد بن أرقم، فلما جلسنا اليه قال له حصين: لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا، رأيت رسول الله صلي الله عليه و سلم، و سمعت حديثه، و غزوت معه، وصليت خلفه [1] ، لقد لقيت [2] يا زيد خيرا كثيرا، حدثنا يا زيد ما سمعت من رسول الله صلي الله عليه و سلم.

قال: يا ابن أخي، والله لقد كبرت سني، و قدم عهدي، و نسيت بعض الذي كنت أعي من رسول الله صلي الله عليه و سلم فما حدثتكم فاقبلوه و ما لا فلا تكلفونيه.

ثم قال: قام رسول الله صلي الله عليه و سلم يوما فينا خطيبا بماء يدعي


خما بين مكة و المدينة فحمد الله و أثني عليه، و وعظ و ذكر، ثم قال:

أما بعد؛ الا ايها الناس فانما [3] أنا بشر يوشك ان يأتي [4] رسول ربي فاجيب، و أنا تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله، فيه الهدي و النور، فخذوا بكتاب الله،و استمسكوا به، فحث علي كتاب الله، و رغب فيه.

ثم قال: و أهل بيتي، اذكركم الله في أهل بيتي، اذكركم الله في أهل بيتي، اذكركم الله في أهل بيتي.

فقال له حصين: و من أهل بيته يا زيد؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟

فقال: نساؤه [5] من أهل بيته، و لكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده.

قال: و من هم؟

قال: آل علي، و آل عقيل، و آل جعفر، و آل عباس.

قال: كل [6] هؤلاء حرم الصدقة؟

قال: نعم [7] .

ورواه مسلم أيضا بثلاثة طرق اخر عن زيد بن أرقم، و زاد في أحدها بعد قوله: كتاب الله فيه الهدي و النور: من استمسك به و أخذ به، كان علي الهدي، و من أخطأه ضل.

و قال في ثالثها: الا و اني تارك فيكم ثقلين أحدهما كتاب الله، هو حبل الله من اتبعه كان علي الهدي و من تركه كان علي الضلالة.


[و فيه:] [8] فقلنا: من أهل بيته نساؤه؟

قال: لا ان المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثم يطلقها فترجع الي أبيها و قومها؛ أهل بيته أصله و عصبته الذين حرموا الصدقة بعده [9] .

و ممن روي حديث الثقلين من ائمة أهل السنة الامام أحمد بن حنبل في مسنده بعدة طرق غير ما مر من الرواية التي نقلناها عنه و عن مسلم، و ها نحن نوردها فنقول:

أخرج أحمد بن حنبل في مسنده، عن علي بن ربيعة قال: لقيت زيد بن أرقم هو داخل علي المختار، أو خارج من عنده فقلت له: أسمعت رسول الله صلي الله عليه و سلم يقول: اني تارك فيكم الثقلين؟

فقال: نعم [10] انتهي.

أقول: المراد بالثقلين في هذا الحديث: الكتاب و العترة، لأنه اشارة الي ما روي عنه في غيره من الأحاديث السابقة و الآتية.

و أخرج أحمد بن حنبل أيضا في مسنده عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلي الله عليه و سلم: اني تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر؛ كتاب الله حبل ممدود من السماء الي الأرض، و عترتي أهل بيتي و انهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض.

و أخرج أحمد بن حنبل أيضا في مسنده، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلي الله عليه و سلم قال: اني اوشك أن ادعي فأجيب، و اني تارك فيكم


الثقلين كتاب الله عزوجل، و عترتي؛ كتاب الله حبل ممدود من السماء الي الأرض، و عترتي أهل بيتي و ان اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض، فانظروا بم تخلفوني فيهما [11] انتهي.

قال ابن حجر في صواعقه و سنده لا بأس به [12] .

و أخرج أحمد بن حنبل أيضا في مسنده عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلي الله عليه و سلم: اني قد تركت فيكم ما ان أخذتم به لن تضلوا بعدي، الثقلين أحدهما أكبر من الآخر؛ كتاب الله حبل ممدود من السماء الي الأرض، عترتي أهل بيتي، الا و انهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض [13] .

و أخرج أحمد بن حنبل أيضا في مسنده عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلي الله عليه و سلم: اني قد تركت فيكم ما ان أخذتم به لن تضلوا بعدي، الثقلين أحدهما أكبر من الآخر؛ كتاب الله حبل ممدود من السماء الي الأرض، و عترتي أهل بيتي، الا و انهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض [14] .

و أخرج أحمد بن حنبل أيضا في مسنده عن زيد بن ثابت قال: قال رسول الله صلي الله عليه و سلم: اني تارك فيكم خليفتين؛ كتاب الله حبل ممدود بين السماء و الأرض - أو ما بين السماء الي الأرض -، و عترتي أهل بيتي، و انهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض [15] انتهي ما نقلناه من مسند أحمد.

و ممن روي حديث الثقلين من أئمة أهل السنة الامام الترمذي، فقد أخرج


في صحيحه باسنادين، عن أبي سعيد الخدري و زيد بن أرقم انهما قالا: قال رسول الله صلي الله عليه و سلم: اني تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر؛ كتاب الله حبل ممدود من السماء الي الأرض، و عترتي أهل بيتي، و لن يفترقا حتي يردا علي الحوض، فانظر واكيف تخلفوني فيهما.

و أخرج الترمذي أيضا في باب مناقب أهل البيت، بسنده عن جابر بن عبدالله الانصاري قال: رايت رسول الله صلي الله عليه و سلم في حجته يوم عرفة، و هو علي ناقته القصوي يخطب، فسمعته يقول: ايها الناس، اني تركت فيكم ما ان أخذتم به لن تضلوا؛ كتاب الله و عترتي أهل بيتي [16] انتهي المنقول عن الترمذي.

و في لسان العرب في مادة (عتر) قال الأزهري: و في حديث زيد بن ثابت قال رسول الله صلي الله عليه و سلم: اني تارك فيكم الثقلين خلفي؛ كتاب الله و عترتي، فانهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض.

و قال: قال محمد بن اسحاق: و هذا حديث صحيح، ورفعه نحوه زيد بن أرقم و أبوسعيد الخدري.

و في بعضها: اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله و عترتي أهل بيتي، فجعل العترة أهل البيت [17] انتهي لسان العرب.

و ممن روي حديث الثقلين من أئمة أهل السنة الثعلبي في تفسيره عند


تفسير (و اعتصموا بحبل الله) [18] من سورة آل عمران، فقد أخرج بسنده عن أبي سعيد قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه و سلم يقول: أيها الناس، اني تركت فيكم الثقلين خليفتين ان أخذتم بهما لن تضلوا بعدي، أحدهما أكبر من الآخر؛ كتاب الله حبل ممدود من السماء الي الأرض - أو قال الي الأرض -، و عترتي أهل بيتي، و انهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض [19] انتهي.

و ممن روي حديث الثقلين من ائمة أهل السنة ابن المغازلي الشافعي، فقد أخرج في كتاب المناقب بعدة طرق [20] .

و أخرجه صاحب الجمع بين الصحاح الستة [21] .

و أخرجه الحميدي من افراد مسلم، و السمعاني في كتاب فضائل الصحابة و موفق بن احمد الملقب بصدر الأئمة في كتاب فضائل علي، و صاحب كتاب سير الصحابة، و الحمويني [22] .

أقول: أورد ابن حجر في صواعقه حديث الثقلين من طريق مسلم، عن زيد بن أرقم و من طريق الترمذي بلفظ الحديث الاول من حديثي الترمذي المذكورين آنفا و من طريق احمد بن حنبل.

ثم قال: و في رواية ان ذلك كان في حجة الوداع، و في اخري مثله - يعني كتاب الله كسفينة نوح من ركب فيها نجا - و مثلهم - اي أهل بيته - كمثل باب حطة من دخله غفرت له الذنوب - الي أن قال - و في رواية صحيحة: اني تارك فيكم


أمرين لن تضلوا ان تبعتموهما؛ و هما كتاب الله و عترتي أهل بيتي، زاد الطبراني: اني سألت ذلك لهما فلا تقدموهما فتهلكوا، و لا تقصروا عنهما فتهلكوا و لا تعلموهم فانهم أعلم منكم - الي أن قال ابن حجر -: ثم اعلم ان لحديث التمسك بذلك طرقا كثيرة وردت عن نيف و عشرين صحابيا.

قال: و مر له طرق مبسوطة في حادي عشر الشبه و في بعض تلك الطرق انه قال: ذلك بحجة الوداع بعرفة.

و في اخري انه قاله بالمدينة في مرضه، و قد امتلأت الحجرة بأصحابه.

وفي اخري انه قال ذلك بغير خم.

و في اخري انه قاله لما قام خطيبا بعد انصرافه من الطائف كما مر.

و لا تنافي؛ اذ لا مانع من انه كرر عليهم ذلك في تلك المواطن و غيرها اهتماما بشأن الكتاب العزيز و العترة الطاهرة [23] انتهي المنقول من صواعق ابن حجر.

و قال ابن حجر ايضا في باب وصية النبي صلي الله عليه و سلم باهل البيت من صواعقه: و قد جاءت الوصية الصريحة بهم في عدة احاديث:

منها: حديث اني تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي، الثقلين احدهما اعظم من الآخر؛ كتاب الله حبل ممدود من السماء الي الارض، و عترتي اهل بيتي و لن يفترقا حتي يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما.

ثم قال: و لم يصب ابن الجوزي في ايراده في العلل المتناهية [24] قال: كيف


و في صحيح مسلم و غيره في خطبته قرب رابغ مرجعه من حجة الوداع قبل وفاته بنحو شهر اني تراك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدي و النور - ثم قال -: و أهل بيتي، اذكركم الله في أهل بيتي، اذكركم الله في أهل بيتي، اذكركم الله في أهل بيتي.... الخ.

ثم قال ابن حجر: و في رواية صحيحة: كأني قد دعيت فأجبت، اني قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر؛ كتاب الله عزوجل، و عترتي - أي بالمثناة - فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فانهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض.

و في رواية: و انهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض، سألت ربي لهما ذلك، فلا تتقدموهما فتهلكوا، و لا تقصروا عنهما فتهلكوا و لا تعلموهم فانهم أعلم منكم.

قال: و لهذا الحديث طرق كثيرة عن بضع و عشرين صحابيا لا حاجة لنا ببسطها.

ثم قال: و سماهما ثقلين اعظاما لقدرهما؛ اذ يقال لكل خطير شريف: ثقل، أو لأن العمل بما اوجب الله من حقوقهما ثقيل جدا [25] انتهي المنقول من الصواعق.

هذا و قد روي حديث الثقلين من طرق أهل البيت عليهم السلام باثنين و ثمانين طرقا مذكورة في غاية المرام [26] و لا يتسع المقام لذكرها، فليرجع اليها من أرادها.



پاورقي

[1] في مسند أحمد: معه.

[2] في مسند أحمد: رأيت.

[3] في مسند احمد: انما.

[4] في مسند أحمد: يأتيني.

[5] في مسند أحمد: ان نساءه.

[6] في مسند أحمد: أکل.

[7] ارشاد الساري - الهامش - 303: 9، باب فضائل علي بن ابي‏طالب، مسند أحمد 371: 4.

[8] ليس في المصدر.

[9] صحيح مسلم 362: 2.

[10] مسند أحمد 371: 4.

[11] مسند أحمد 372: 4 و ما بعدها.

[12] الصواعق المحرقة: 150.

[13] مسند أحمد 26: 3.

[14] مسند أحمد 59: 3.

[15] مسند أحمد 181: 5.

[16] سنن الترمذي 633: 5.

[17] لسان العرب 538: 4.

[18] سورة آل عمران: 103.

[19] رواه عنه العلامة الأميني في ثمرات الأسفار 35: 1.

[20] المناقب لابن المغازلي: 236 ح 284.

[21] انظر فرائد السمطين 279 - 278: 2.

[22] انظر غاية المرام للبحراني (الطبعة الحجرية): 212.

[23] الصواعق المحرقة: 152، المعجم الاوسط للطبراني 162: 1.

[24] العلل المتناهية 211: 1.

[25] الصواعق المحرقة: 153 و ما بعدها.

[26] غاية المرام (الطبعة الحجرية): 217.