بكاء النبي علي ولده ابراهيم
الثاني عشر: بكاء النبي صلي الله عليه و آله علي ولده ابراهيم قبل موته و بعده.
أخرج البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك - و ذكر دخول النبي صلي الله عليه و آله و ابراهيم يجود بنفسه - قال: فجعلت عينا رسول الله صلي الله عليه و سلم تذرفان فقال له عبدالرحمن بن عوف: و أنت يا رسول الله!
فقال: يا ابن عوف، انها رحمة - ثم اتبعها باخري - فقال صلي الله عليه و سلم: ان العين تدمع، و القلب يحزن، و لا نقول الا ما يرضي ربنا، و انا بفراقك يا ابراهيم لمحزونون.
قال القسطلاني: أي اتبع الدمعة الاولي بدمعه اخري أو اتبع الكلمة الاولي المجملة و هو قوله: «انها رحمة» بكلمة اخري مفصلة، فقال: ان العين تدمع [1] .... الخ.
يقول المؤلف: قوله صلي الله عليه و آله: انها رحمة؛ أي و الرحمة نعم الفعل، و نعمت الصفة، و ليست سخطا لقظاء الله حتي تكون مذمومة، و ما كان ينبغي ان يقال لرسول الله صلي الله عليه و آله ذلك، و هو القدوة في أقواله و أفعاله و سكوته و مقاله، والله تعالي يقول: «و ما آتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا» [2] ، و قوله صلي الله عليه و آله بعد ذلك: «و لا نقول الا ما يرضي ربنا» فيه تنبيه علي أن ما عدا قول ما يسخط الرب من أسباب الحزن و البكاء لا مانع منه.
و أخرج ابن ماجة في سننه عن أنس بن مالك قال: لما قبض ابراهيم ابن النبي صلي الله عليه و آله قال لهم النبي صلي الله عليه و آله: لا تدرجوه في أكفانه حتي انظر اليه، فأتاه فانكب عليه و بكي [3] .
فما كانت تكون حال رسول الله صلي الله عليه و آله لو نظر الي ولده الحسين عليه السلام بتلك الحالة المعلومة؟ أما كان ينكب عليه و يبكي؟ و هل كان يلوم من بكي عليه و يقول له: ان بكاءك بدعة؟ و يرضي ممن جعل يوم قتل ولده عيدا يوسع فيه علي العيال، و تجري فيه مراسم الأعياد، و تختلق في فضله الأحاديث و الأخبار.
و أخرج ابن ماجة ايضا في سننه عن أسماء بنت يزيد قالت: لما توفي ابن
رسول الله صلي الله عليه و سلم ابراهيم، بكي رسول الله صلي الله عليه و سلم، فقال له المعزي: أما أبوبكر و أما عمر، أنت أحق من عظم الله حقه! قال رسول الله صلي الله عليه و آله: تدمع العين، و يحزن القلب، و لا نقول ما يسخط الرب، لولا انه وعد صادق و موعود جامع و ان الآخر تابع للأول، لوجدنا عليك يا ابراهيم أفضل ما وجدنا، و انا بك لمحزونون [4] .
پاورقي
[1] ارشاد الساري في شرح صحيح البخاري 398: 2.
[2] سورة الحشر: 7.
[3] سنن ابنماجة 510: 1.
[4] سنن ابنماجة 248: 1.