بكاء يعقوب علي يوسف
الرابع: من أدلة جواز البكاء علي الحسين عليه السلام ما نص عليه القرآن الكريم من بكاء يعقوب لفراق ولده يوسف و هو حي في دار الدنيا حتي ذهب بصره و حتي قيل له: (تالله تفتؤ تذكر يوسف حتي تكون حرضا او تكون من الهالكين) [1] .
قال الله تعالي: (و تولي عنهم و قال يا اسفا علي يوسف و ابيضت عيناه من الحزن فهو كظليم) [2] .
وروي الطبري في تفسيره عدة روايات مسندة فيها: أن يوسف سأل جبرئيل ما بلغ من حزن أبيه يعقوب؟
قال: حزن سبعين مثكلة أو ثكلي.
فسأله عن أجره، فقال: أجر سبعين شهيد أو مائة شهيد.
و في رواية منها قال: فتراني ألقاه أبدا؟ قال: نعم، فبكي يوسف لما لقي أبوه بعده.
ثم قال: ما ابالي ما لقيت، ان الله أرانيه [3] .
وروي الطبري في تفسيره ايضا بسنده عن الحسن - هو الحسن البصري - قال: كان منذ خرج يوسف من عند يعقوب الي يوم رجع ثمانون سنة لم يفارق الحزن قلبه، يبكي حتي ذهب بصره.
قال الحسين: والله ما علي الأرض يومئذ خليقة أكرم علي الله من يعقوب صلي الله عليه و سلم. [4] انتهي.
و في تفسير الرازي: روي ان يوسف عليه السلام سأل جبرئيل: هل لك علم بيعقوب؟
قال: نعم.
قال: و كيف حزنه؟
قال: حزن سبعين ثكلي - و هي التي لها ولد واحد ثم يموت -.
قال: فهل له فيه أجر؟
قال: نعم، أجر مائة شهيد - الي أن قال -:
وروي ان ملك الموت دخل علي يعقوب عليه السلام فقال له: جئت لتقبضني قبل أن أري حبيبي؟
فقال: لا، و لكن جئت لا حزن لحزنك، و أشجو لشجوك [5] انتهي.
و في الكشاف و تفسير النيشابوري قيل: ما جفت عينا يعقوب من وقت فراق يوسف الي حين لقائه ثمانين عاما، و ما علي وجه الارض أكرم علي الله من يعقوب.
و عن رسول الله صلي الله عليه و آله أنه سأل جبرئيل عليه السلام: ما بلغ من وجد يعقوب علي يوسف؟
قال: وجد سبعين ثكلي.
قال: فما كان له من الأجر؟
قال: أجر مائة شهيد، و ما ساء ظنه بالله ساعة قط [6] انتهي.
و في تفسير النيشابوري نقل ان جبرئيل عليه السلام دخل علي يوسف حينما كان في السجن فقال: ان بصر أبيك ذهب من الحزن عليك، فوضع يوسف يده علي رأسه فقال: ليت امي لم تلدني، فلم أكن حزنا علي أبي [7] انتهي.
فهذا يعقوب المتبع لملة جده ابراهيم عليهماالسلام قد بكي علي فراق يوسف السنين المتطاولة حتي ابيضت عيناه، و حتي قيل له: (تالله تفتو تذكر يوسف حتي تكون حرضا أو تكون من الهالكين) [8] و ابنه حي في درا الدنيا، و قد اعطي ملك مصر (و من يرغب ملة ابراهيم الا من سفه نفسه) [9] .
پاورقي
[1] سورة يوسف: 85.
[2] سورة يوسف: 84.
[3] تفسير الطبري 30: 13.
[4] تفسير الطبري 32: 13.
[5] تفسير الرازي 238: 5.
[6] الکشاف 450: 2، غرائب القرآن - بهامش تفسير الطبري - 42: 13.
[7] تفسير النيشابوري 44: 13.
[8] سورة يوسف: 85.
[9] سورة البقرة: 130.