بازگشت

ما ظهر من غضب الله لهذه الفاجعة


الثاني: من أدلة جواز البكاء علي الحسين عليه السلام ما ظهر من غضب الله العظيم لهذا الفاجعة العظيمة زيادة علي جميع الفجائع التي وقعت في الكون، حتي أظهر الله تعالي ذلك في مخلوقانه العظيمة، بحمرة سمائه و اسودادها


و اظلامها ثلاثا، و امطارها دما و ترابا أحمر، و انكساف شمسها حتي رؤيت النجوم نهارا، و احمرارها و ضرب الكواكب بعضها بعضا، و تفجر أرضه دما، و انقلاب ترابها و حصاها دما، و سيلان حيطانها دما، و نبوع الدم من شجرها، و انقلاب الورس [1] رمادا، و اللحم علقا الي غير ذلك مما يدل علي انقلاب الكون بأجمعه لهذه الفاجعة العظيمة.

و قد أشار الي ذلك ابن نباتة [2] في كتاب خطبه المشهور الذي وضعه ليقرأ علي منابر الاسلام في الجمعات، و لا يزال يقرأ علي المنابر الي اليوم حيث قال في الخطبة الثانية للمحرم ما لفظه:

أيها الناس ان شهركم هذا استشهد فيه الحسين بن علي بن ابي طالب فنال بذلك أعلي المفاخر و المراتب، و كان ذلك في أرض يقال لها كربلاء، أحل الله بقاتله كل كرب و بلاء - الي ان قال -: بكت لموته الأرض و السماوات و أمطرت دما، و أظلمت الأفلاك من الكسوف، و اشتد سواد السماء، و دام ذلك ثلاثة ايام، و الكواكب في أفلاكها تتهافت، و عظمت الأهوال حتي ظن أن القيامة قد قامت.

ثم قال: كيف لا و هو ابن السيدة فاطمة الزهراء، و سبط سيد الخلائق دنيا و اخري، و كان عليه الصلاة و السلام من حبه في الحسين يقبل شفتيه، و يحمله كثيرا علي كتفيه، فكيف لو رآه ملقي علي جنبيه، شديد العطش،


و الماء بين يديه، و أطفاله يصيحون بالبكاء عليه؟ لصاح عليه الصلاة و السلام، و خر مغشيا عليه، فتأسفوا رحمكم الله علي هذا السبط السعيد الشهيد و تسلوا بما أصابه عما سلف لكم من موت الأحرار و العبيد، و اتقوا الله حق تقواه.

و في الحديث: اذا حشر الناس في عرصات القيامة، نادي مناد من وراء حجب العرش: يا أهل الموقف، غضوا أبصاركم حتي تجوز فاطمة بنت محمد، فتجوز، و عليها ثوب مخضوب بدم الحسين، و تتعلق بساق العرش، و تقول: أنت الجبار العدل، اقض بيني و بين من قتل ابني، فيقضي الله بينها و بينه.

ثم تقول: اللهم شفعني فيمكن بكي علي مصيبتي، فيشعفها الله تعالي فيهم [3] .

و عنه أنه قال: اخبرني جبرئيل أن الحسين يقتل بشاطي ء الفرات [4] .

و عنه أنه قال: أحب أهل بيتي الي الحسن و الحسين، أو كما قال [5] انتهت خطبة ابن نباتة [6] .

فما فعله و قاله ورواه ابن نباتة، هو الذي نفعله و نقوله و نرويه بعينه.



پاورقي

[1] الورس: نبات حبه کالسمسم أصفر، يستخدم لصبغ الملابس، و يستخرج منه الزعفران.

[2] هو أبوالقاسم الأصبغ بن نباتة المجاشعي التميمي الحنظلي، من خاصة اصحاب أميرالمؤمنين عليه‏السلام و من شرطة الخمسين، عمر بعد علي عليه‏السلام طويلا، و توفي بعد المائة، و الظاهر انه اول من کتب مقتل سيد الشهداء عليه‏السلام. انظر: الفهرست: 38 - 37 رقم 108، الذريعة 24 - 32: 22 رقم 5838.

[3] المناقب لابن المغازلي: 355 ح 404، فرائد السمطين 265: 2، أمالي المفيد: 84.

[4] تاريخ دشمق - ترجمة الامام الحسين عليه‏السلام -: 167 و 183، کامل الزيارات: 61، أمالي الطوسي 324 - 321: 1، المنتخب للطريحي: 63 و 88.

[5] سنن ابن‏ماجة: 51: 1 ح 144، الفائق في غريب الحديث للرمخشري 282: 2 مقتل الحسين للخوارزمي 146: 2.

[6] لم نعثر عليه.