بازگشت

خاتمة فيها نصائح كافية لاهل المنبر


(فيها نصائح كافية و مواعظ شافية)

ينبغي لاهل المنبر و قراء التعزية مراعاة اشياء حتي يصيروا ممن عظم شعائر الله و وفق لهداية عباد الله:

(الاول): الاخلاص و الاجتناب من الرياء.

فقد روي عن النبي صلي الله عليه و آله قال: ان اخوف ما اخاف عليكم الشرك الاصغر. قيل: و ما الشرك الاصغر يا رسول الله؟ قال: الرياء، قال يقول الله عز و جل يوم القيامة اذا جاز العباد باعمالهم: اذهبوا الي الذين كنتم تراؤون في الدنيا هل تجدون عندهم ثواب اعمالكم [1] .

و قال الصادق عليه السلام لعباد بن كثير البصري في المسجد: ويلك يا عباد اياك و الرياء فانه من عمل لغير الله و كله الله الي من عمل له [2] .

فينبغي ان يقصد بوعظه وجه الله تعالي و امتثال امره و اصلاح نفسه و ارشاد عباده الي معالم دينه، و لا يقصد بذلك عرض الدنيا فيصير من (الاخسرين اعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا و هم يحسبون انهم يحسنون صنعا) [3] . و مرتبة الاخلاص عظيمة المقدار كثيرة الاخطار دقيقة المعني صعبة المرتقي يحتاج طالبها


الي نظر دقيق و مجاهدة تامة، و ينبغي ان يعمل بما يقول لئلا يصير مثله مثل السراج يضي ء للناس و يحرق نفسه [4] .

(الثاني): الصدق.

فقد روي عن الصادق عليه السلام: ان الله عز و جل لم يبعث نبيا الا بصدق الحديث و اداء الامانة الي البر و الفاجر [5] .

و عن ابي كهمش قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: عبدالله بن ابي يعفور يقرؤك السلام. قال: عليك و عليه السلام، اذا اتيت عبدالله فاقرئه مني السلام و قل له: ان جعفر بن محمد يقول لك: انظر ما بلغ به علي عليه السلام عند رسول الله صلي الله عليه و آله فالزمه، فان عليا انما بلغ ما بلغ به عند رسول الله بصدق الحديث و اداء الامانة [6] .

و قال ابوعبدالله عليه السلام: لا تنظروا الي طول ركوع الرجل و سجوده فان ذلك شي ء اعتاده فلو تركه استوحش لذلك، و لكن انظروا الي صدق حديثه و اداء امانته [7] .

فيجتنب الكذب الافتراء علي الله تعالي و علي حججه و علي العلماء، و لا يخلط الحديث و لا يدلس و لا ينقل الكذب بعنوان لسان الحال.

فعن ابي جعفر عليه السلام قال: ان الله عز و جل جعل للشر اقفالا و جعل مفاتيح تلك الاقفال الشراب و الكذب شر من الشراب [8] .

و عنه عليه السلام قال: ان الكذب هو خراب الايمان [9] .


و قال اميرالمؤمنين عليه السلام: لا يجد عبد حقيقة الايمان حتي يدع الكذب جده و هزله [10] .

و قال علي بن الحسين عليه السلام: اتقوا الكذب الصغير منه و الكبير في كل جد و هزل، فان الرجل اذا كذب في الصغير اجترا علي الكبير. الي غير ذلك [11] .

(الثالث): الاجتناب من الغناء.

البحار عن تفسير العياشي عن ابي جعفر عليه السلام قال: كنت عند ابي عبدالله عليه السلام قال له رجل: بابي و امي اني ادخل كنيفا لي ولي جيران و عندهم جوار يتغنين و يضر بن بالعود فربما اطلت الجلوس استماعا مني لهن. فقال: لا تفعل. فقال الرجل: و الله ما هو شي ء آتيه برجلي انما هو سماع اسمعه باذني. فقال له: (تالله خ ل) انت، اما سمعت الله يقول (ان السمع و البصر و الفواد كل اولئك كان عنه مسؤولا) [12] .

قال: بلي و الله فكاني لم اسمع هذه الآية قط من كتاب الله من عجمي و لا من عرب، اني لا اعود انشاءالله، و اني استغفر الله. فقال له: قم فاغتسل وصل ما بدا لك فانك كنت مقيما علي امر عظيم ما كان اسوا حالك لومت علي ذلك احمد الله (استغفر الله خ ل) وسله التوبة من كل ما يكره انه لا يكره الا القبيح و القبيح دعه لاهله فان لكل اهلا [13] .

(الرابع): ان لا يروج الباطل و لا يمدح الفاسق و الفاجر.

فعن النبي صلي الله عليه و آله قال: اذا مدح الفاجر اهتز العرش و غضب الرب [14] .


(الخامس): ان لا يهين عظماء الدين.

(السادس): لا يفشي اسرار آل محمد عليهم السلام.

(السابع): ان لا يفسد في الارض و لا يثير الفتنة.

(الثامن): ان لا يعين الظلمة، قال الله تعالي: (و لا تركنوا الي الذين ظلموا فتمسكم النار) [15] .

و في الخبر عن رسول الله صلي الله عليه و آله قال: اذا كان يوم القيامة نادي مناد: اين الظلمة و اعوانهم و من لاق لهم دواتا و ربط لهم كيسا او مد لهم مدة قلم فاحشروهم معهم [16] .

و في وصية اميرالمؤمنين عليه السلام لكميل: يا كميل اياك و التطرق الي ابواب الظالمين و لا تخالط بهم. الي ان قال: يا كميل اذا اضطررت الي حضورهم فداوم ذكر الله تعالي و توكل عليه و استعذ بالله من شرهم و اطرق عنهم و انكر بقلبك فعلهم و اجهر بتعظيم الله تعالي لتسمعهم فانهم يهابوك و تكفي شرهم [17] .

و قال علي بن الحسين عليه السلام في كتابه للزهري بعد ان حذره عن اعانة الظلمة علي ظلمهم: او ليس بدعائه اياك حين دعاك جعلوك قطبا اداروا بك رحي مظالمهم و جسرا يعبرون عليك الي بلاياهم و سلما الي ضلالتهم داعيا غيهم سالكا سبيلهم، يدخلون بك الشك علي العلماء و يقتادون بك قلوب الجهال اليهم، فلم يبلغ اخص وزرائهم و لا اقوي اعوانهم الا دون ما بلغت من اصلاح فسادهم و اختلاف الخاصة، و العامة اليهم، فما اقل ما اعطوك في قدر ما اخذوا منك و ما ايسر ما عمروا لك في كنف ما خربوا عليك، فانظر لنفسك فانه لا ينظر لها غيرك و حاسبها حساب رجل مسؤول [18] .


(التاسع): ان لا يغر المجرمين و لا يقول ما يتجرا به الفاسقون، فان الفقيه كل الفقيه من لم يقنط الناس من رحمةالله و لم يؤيسهم من روح الله و لم يؤمنهم من مكر الله [19] .

(العاشر): ان لا يصغر المعاصي في الانظار.

ففي وصايا النبي صلي الله عليه و آله لابن مسعود: لا تحقرن ذنبا ولا تصغرنه و اجتنب الكبائر، فان العبد اذا نظر يوم القيامة الي ذنوبه دمعت عيناه قيحا و دما يقول الله تعالي (يوم تجد كل نفس ما عملت من سوء تود لو انها بينها و بينه امدا بعيدا) [20] .

و عن ابي عبدالله عليه السلام قال: اتقوا المحقرات من الذنوب فانها لا تغفر قلت: و ما المحقرات؟ قال: الرجل يذنب الذنب فيقول طوبي لي لو لم يكن لي غير ذلك [21] .

و عنه عليه السلام قال: اذا اخذ القوم في معصية الله فان كانوا ركبانا كانوا من خيل ابليس و ان كانوا رجالة كانوا من رجالته [22] .

(الحادي عشر): ان لا يفسر آيات القرآن برايه، فقد صح عن النبي صلي الله عليه و آله و عن الائمة القائمين مقامه عليهم السلام ان تفسير القرآن لا يجوز الا بالاثر الصحيح و النص الصريح [23] .

و روي ابن عباس عن النبي صلي الله عليه و آله قال: من قال في القرآن بغير علم فليتبوا مقعده من النار [24] .


و روي العامة عن النبي صلي الله عليه و آله قال: من فسر القرآن برايه فاصاب الحق فقد اخطا [25] .

(الثاني عشر): ان لا يذكر للاخبار المعاني الفاسدة الباطلة، و لا يتصرف فيها التصرفات الباردة كما شاع و ذاع في عصرنا اعاذنا الله تعالي.

(الثالث عشر): ان لا يفتي في الاحكام اذا لم يكن من اهل الفتوي، و كفي في هذا المقام كلام السيد الاجل الورع الازهد الاسعد قدوة العارفين و مصباح المتهجدين صاحب الكرامات الباهرة ابي القاسم رضي الدين السيد ابن طاوس قدس الله سره و رفع في الملا الاعلي ذكره، قال في كلام له: كنت قد رايت مصلحتي و معاذي في دنياي و آخرتي في التفرغ عن الفتوي في الاحكام الشرعية لاجل ما وجدت من الاختلاف في الرواية بين فقهاء اصحابنا في التكاليف الفعلية و سمعت كلام الله جل جلاله يقول عن اعز موجود من الخلائق عليه محمد صلي الله عليه و آله: (و لو تقول علينا بعض الاقاويل- لاخذنا منه باليمين) الآيات [26] ، فلو صنفت كتبا في الفقه يعمل بعدي عليها كان ذلك نقصا لتورعي عن الفتوي و دخولا تحت خطر الآية المشار اليها، لانه جل جلاله اذا كان هذا تهديده للرسول العزيز الاعلم لو تقول عليه فكيف يكون حالي اذا تقولت عليه جل جلاله و افتيت او صنفت خطئا او غلطا يوم حضوري بين يديه- الي آخر ما ذكره رحمه الله [27] .

(الرابع عشر): ان لا يذكر ما ينقص الانبياء العظام الاوصياء الكرام اذا اراد رفع مقامات الائمة عليهم السلام.

(الخامس عشر): ان لا يذكر الشبهات في مسائل اصول الدين اذا لم يقدر اني رفعها من الاذهان باحسن بيان، و لا يخرب اساس اصول دين المسلمين.

(السادس عشر): ان يستعمل الرفق و اللين و الرفق اصل عظيم في جميع


الامور و كان في آخر وصية الخضر لموسي عليهماالسلام: لا تعيرن احدا بذنب [28] و ان احب الامور الي الله تعالي ثلاثة: القصد في الجدة، و العفو في المقدرة، و الرفق بعباد الله، و ما رفق احد باحد في الدنيا الا رفق الله عز جل به يوم القيامة القيامة [29] .

و قال النبي صلي الله عليه و آله: ان هذا الدين لمتين فاوغل فيه برفق و لا تبغض الي نفسك عبادة الله فان المنبت لا ارضا قطع و لا ظهرا ابقي [30] .

قلت: فاوغل اي ادخل، و المنبت الذي انقطع في سفره و عطب راحلته، و الظهر الابل التي يحمل عليها و يركب.

و قد اخذ هذا المعني الشيخ سعدي الشيرازي في قوله بالفارسية: كارها به رفق و تامل برآيد و مستعجل بسر در آيد.



بجشم خويش ديدم در بيابان

كه آهسته سبق برد از شتابان



سمند باد با از تك فروماند

شتربان همجنان آهسته مي راند [31] .



(السابع عشر): ان لا يطيل الكام لاغراض فاسدة و ان يترك الاغراض الشخصية.

(الثامن عشر): ينبغي ان يراعي في ذكر المصائب سيما في غير ايام عاشوراء ما لا يقسي به القلوب و لا يهون به الخطوب كالمصائب الموجعة الفادحة.

حدثني المحدث الفاضل المؤرخ المتبحر الميرزا هادي الخراساني النجفي


ايده الله قال: رايت في الطيف كاني في صحن اميرالمؤمنين عليه السلام في حجرة من حجراته و جميع الائمة او اكثرهم عليهم السلام فيها جالسون، و رايت رجلا من اهل المنبر يقرا لهم التعزية و هم يستمعون، حتي اذا بلغ الي قوله: قال شمر لسكينة يا بنت الخارجي رايت اميرالمؤمنين عليه السلام اشماز من هذا الكلام و انقبض اشد انقباض و اكفهر وجهه الشريف، فلما رايت ذلك اشرت الي الرجل القاري ء ان اسكت اما تري اميرالمؤمنين عليه السلام و ما حل بساحته المقدسة. فقال لي اميرالمؤمنين عليه السلام: لم يكن الذي قلت بالامس اقل من هذا، فذكرت اني قرات مصيبة راس ابي الفضل من تعليقه علي لبان الفرس، فاعتذرت اليه و تبت.

(التاسع عشر): ان يامر بالمعروف و ينهي عن المنكر، قال النبي صلي الله عليه و آله: اذا ظهرت البدع في امتي فليظهر العالم علمه و الا فعليه لعنة الله و الملائكة و الناس اجمعين [32] .

و روي انه خطب اميرالمؤمنين عليه السلام فحمد الله و اثني عليه و قال: اما بعد فانه انما هلك من كان قبلكم حيث ما عملوا من المعاصي و لم ينههم الربانيون و الاحبار عن ذلك، و انهم لما تمادوا في المعاصي و لم ينههم الربانيون و الاحبار عن ذلك نزلت بهم العقوبات، فامروا بالمعروف و انهوا عن المنكر و اعلموا ان الامر بالمعروف و النهي عن المنكر لن يقربا اجلا و لن يقطعا رزقا، ان الامر ينزل من السماء الي الارض كقطر المطر الي كل نفس بما قدر الله لها من زيادة او نقصان [33] .

و روي الشيخ الكليني و غيره عن ابي عبدالله عليه السلام قال: ان الله عز و جل بعث ملكين الي اهل مدينة ليقلباها علي اهلها، فلما انتهيا الي المدينة و جدا رجلا يدعو الله و يتضرع، فقال احد الملكين لصاحبه: اما تري هذا الداعي. فقال:


قد رايته و لكن امض لما امر به ربي. فقال: لا احدث شيئا حتي اراجع ربي، فعاد الي الله تبارك و تعالي فقال: يا رب اني انتهيت الي المدينة فوجدت عبدك فلانا يدعوك و يتضرع اليك. فقال: امض لما امرتك به فان ذا رجل لم يتمعر وجهه غيظا لي قط [34] .

و عن الرضا عليه السلام كان رسول الله صلي الله عليه و آله يقول: اذا امتي تواكلت الامر بالمعروف و النهي عن المنكر فلياذنوا بوقاع من الله تعالي [35] .

بيان: تواكلت اي اتكل كل واحد علي الآخر و وكل الامر اليه، و الوقاع النازلة الشديدة او الحرب.

و روي عن ابي عبدالله عليه السلام قال: كان رجل شيخ ناسك يعبد الله في بني اسرائيل، فبينا هو يصلي و هو في عبادته اذ بصر بغلامين صبيين قد اخذا ديكا و هما ينتفان ريشه، فاقبل علي ما هو فيه من العبادة و لم ينههما عن ذلك، فاوحي الله الي الارض ان سيخي بعبدي، فاسخت به الارض فهو يهوي في الدردون [36] ابد الآبدين و دهر الداهرين [37] .

و عنه عليه السلام قال: قال النبي صلي الله عليه و آله: كيف بكم اذا فسدت نساؤكم و فسق شبانكم و لم تامروا بالمعروف و لم تنهوا عن المنكر. فقيل له: و يكون ذلك يا رسول الله؟ فقال: نعم و شر من ذلك، فكيف بكم اذا امرتم بالمنكر و نهيتم عن المعروف. فقيل له: يا رسول الله و يكون ذلك؟ قال: نعم و شر من ذلك، فكيف بكم اذا رايتم المعروف منكرا و المنكر معروفا [38] .


المنكر و تعاونوا علي البر، فاذا لم يفعلوا انك نزعت منهم البركات و سلط بعهضم علي بعض و لم يكن لهم ناصر في الارض و لا في السماء [39] .

(العشرون): ان لا يقول ما يشعر بذلة ابي عبدالله الحسين و اهل بيته المكرمين عليهم السلام، فانه كان سيد اهل الاباء و الحمية الذي علم الناس الموت تحت ظلال السيوف اختيارا علي الدنية، و نادي برفيع صوته يوم عاشوراء: الا و ان الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة و الذلة و هيهات منا الذلة بابي الله ذلك لنا و رسله و المؤمنون. الخ [40] .

و ذكر شيخنا المحدث المتبحر الحاج ميرزا حسين النوري نور الله مرقده في دارالسلام ما ملخصه: انه راي بعض السادة من قراء التعزية في المنام كان القيامة قد قامت و الناس في وحشة دهشة لكل امري ء منهم شان يغنيه و الموكلون يسوقون الناس الي الحساب مع كل واحد منهم سائق و شهيد. الي ان قال: و ساقونا الي موقف الحساب فاذا بمنبر عال كثيرا المرقاة و الدرج علي ذروته سيد المرسلين صلي الله عليه و آله و علي الدرج الاول منه خاتم الوصيين عليه السلام و هو مشغول بحساب الناس و هم مصطفون قدامه الي ان انتهي الامر الي فخاطبني موبخا و قال: لم ذكرت تذلل ولدي العزيز الحسين عليه السلام و نسبته الي الذة فتحيرت في جوابه و ما وجدت حيلة الا الانكار، فانكرته فاذا بوجع في عضدي من شي ء كانه مسمار اولج فيه، فالتفت الي جنبي فرايت رجلا بيده طومار فناولني فنشرته فاذا هو صورة مجالسي و تفصيل ما ذكرته في المحافل مشروحا في كل مكان او زمان و فيه ما سالني و انكرته. الي آخر الرؤيا الهائلة التي صارت سببا لترك السيد شغله ذلك [41] .

و روي الشيخ انه اجتمع السيد الحميري و جعفر بن عفان الطائي، فقال له السيد: ويك تقول في آل محمد عليهم السلام:




ما بال بيتكم تخرب سقفه

و ثيابكم من ارذل الاثواب



فقال جعفر: ما انكرت من ذلك. فقال له السيد: اذا لم تحسن المدح فاسكت ايوصف آل محمد عليهم السلام بمثل هذا؟ و لكني اعذرك هذا طبعك و علمك و منتهاك و قد قلت ما امحو عنهم عار مدحك:



اقسم بالله و آياته [42] .

و المرء عما قال مسؤول



ان علي بن ابي طالب

علي التقي [43] و البر مجبول [44] .



كان اذا الحرب مزقها [45] القنا

و احجمت عنها البهاليل [46] .



يمشي الي القرن و في كفه

ابيض ماضي الحد مصقول



مشي العفرنا [47] بين اشباله

ابرزه [48] للقنص الغيل [49] .



ذاك الذي سلم في ليلة

عليه ميكال و جبريل



ميكال في الف و جبريل في

الف و يتلوهم سرافيل






ليلة بدر مددا انزلوا

كانهم طير ابابيل [50] .



كذا يقال فيه يا جعفر و شعرك يقال مثله لاهل الخصاصة و الضعف، فقبل جعفر راسه و قال: انت و الله الراس يا با هاشم و نحن الاذناب [51] .

الي هنا انتهي المقصود في هذه الرسالة الشريفة و ذلك في اليوم الحادي عشر منذي القعدة الحرام سنة 1342 اثنتين و اربعين بعد ثلاثمائة و الف، و هو يوم ولادة مولانا و سيدنا ابي الحسن علي بن موسي الرضا صلوات الله عليه في جوار قبره الشريف.

و يناسب ان نتبرك بذكر القصيدة الشريفة المشتملة علي الحكم و المواعظ المنيفة المسنوبة اليه و نختم بها هذه الوجيزة فيكون ختامها مسك، و القصيدة الشريفة هذه كما اوردها صاحب كتاب جواهر الادب و نسبها اليه سلام الله عليه:



وا عجبا للمرء في ذاته

يجر ذيل التيه في خطرته



يزجره الوعظ فلا ينتهي

كانه الميت في سكرته



يبارز الله بعصيانه

جهرا و لا يخشاه في خلوته



و ان يقع في شدة يبتهل

فان نجا عاد الي عادته



ارغب لمولاك و كن راشدا

و اعلم بان العز في خدمته



و اتل كتاب الله تهدي به

و اتبع الشرع علي سنته



لا تحترص [52] فالحرص يزري الفتي

و يذهب الرونق من بهجته



و الحظ لا تجلبه حيلة

كيف يخاف المرء من فوتته



ما فاتك اليوم سياتي غدا

ما في الذي قدر من حيلته



قضاؤه المحتوم في خلقه

و حكمه النافذ مع قدرته






و الرزق مضمون علي واحد

مفاتح الاشياء في قبضته



قد يرزق العاجز مع عجزه

و يحرم الكيس مع فطنته



لا تنهر المسكين [53] يوما اتي

فقد نهاك الله عن نهرته



ان عضك الدهر فكن صائرا

علي الذي نالك من عضته



او مسك الضر فلا تشتكي

الا لمن تطمع في رحمته [54] .



لسانك احفظه و صن نطقه

و احذر علي نفسك من عثرته [55]



فالصمت زين و وقار و قد

يوتي علي الانسان من لفظته



من اطلق القول بلا مهلة

لا شك ان يعثر في عجلته



من لزم الصمت نجا سالما

لا يندم المرء علي سكتته



من اظهر الناس علي سره

يستوجب الكي علي مقلته



من مازح الناس استخفوا به

و كان مذموما علي مزحته



كن عن جميع الناس في معزل

قد يسلم المعزول في عزلته



من جعل الخمر شفاء له

فلا شفاه الله من علته



من نازع الاقيال في امرهم

بات بعيد الراس عن جثته



من لاعب الثعبان في كفه

هيهات ان يسلم من لسعته



من عاشر الاحمق في حاله

كان هو الاحمق في عشرته



لا تصحب النذل [56] فتردي به

لا خير في النذل و لا صحبته






من اعتراك الشك في جنسه

و حاله فانظر الي شيمته



من غرس الحنظل لا يرتجي

ان يجتني السكر من غرسته



من جعل الحق له ناصرا

ايده الله علي نصرته



و اقنع بما اعطاك من فضله

و اشكر لمولاك علي نعمته



و انظر الي الحر و احواله

و اجلسه بين الناس في رتبته



لا بارك الله العلي في امرء

يلدغ كالعقرب في الدغته



لا تطلب الاحسان من غادر

يروغ كالثعلب في روغته



لا خير في الجار اذا لم يكن

ذا عفة يؤثر في عفته



الناس خدام لذي نعمة

و كلهم يرغب في خدمته



و ان تزوجت فكن حاذقا

و اسال [57] عن الغصن و عن منبته



و ابحث عن الصهر و اخواله

من عنصر الحي و ذي قربته



يا حافر الحفرة اقصر فكم

من حافر يصرع في حفرته



احذر دعا المظلوم في ليله

فربما يقبل في دعوته



سيما اذا كان اخا حرقة

و بات بسقي الدمع من عبرته



اكرم غريب الدار و اعمل علي

راحته ما دام في غربته






فمن غدا بالمال ذا شحة

تذمه الناس علي شحته



يا ظالما قد غره ظلمه

اي عزيز دام في عزته



الموت محتوم لكل الوري

لا بد ان تجرع من غصته [58] .



تمت القصيدة الشريفة و الحمد لله اولا و آخرا

و صلي الله علي محمد آله

كتبها بيمناه الوازرة عباس بن محمد رضا القمي

عفي عنه


پاورقي

[1] البحار 303 /69، منية المريد للشهيد الثاني 193 طبع مکتبة المصطفوي.

[2] الکافي 293 /2، البحار 266 /69.

[3] سورة الکهف: 104.

[4] کما ورد في الحديث رواه المجلسي ره في البحار 38 /2.

[5] البحار 2 /68، الکافي 104 /2.

[6] الکافي 104 /2، البحار 4 /68.

[7] الکافي 105 /2، البحار 8 /68.

[8] الکافي 339 /2.

[9] الکافي 339 /2.

[10] الکافي 340 /2.

[11] الکافي 338 /2.

[12] سورة الاسراء: 36.

[13] البحار 34 /6، تفسير العياشي 292 /2.

[14] البحار 150 /74، تحف العقول 46 طبع مکتبة الصدوق.

[15] سورة هود: 113.

[16] البحار 372 /72 و 380، ثواب الاعمال 309.

[17] البحار 413 /74، تحف العقول 173.

[18] البحار 132 /75، تحف العقول 275.

[19] الکافي 36 /1، الوسائل 829 /4 مع اختلاف يسير.

[20] البحار 101 /74، مکارم الاخلاق ص 251 و الآية في سورة آل عمران: 28.

[21] الکافي 287 /2، البحار 345 /70.

[22] البحار 357 /70، ثواب الاعمال 302 طبع مکتبة الصدوق.

[23] مجمع البيان 13 /1، التبيان 4 /1.

[24] مجمع البيان 9 /1.

[25] مجمع البيان 13 /1.

[26] سورة الحاقة: 44.

[27] البحار 42 /104، و راجع کشف المحجة 109 طبع النجف.

[28] البحار....

[29] البحار...، الخصال للصدوق 111 /1 طبع مکتبة الصدوق.

[30] الکافي 86 /2.

[31] تتحقق الامور بالتاني و الرفق و اما المستعجل فلا يتم عمله. رايت في الصحراء بعيني هذه ان الماشي ببطي‏ء قد حاز السبق من الراکض، حيث ان الغزال قد توقف عن الجري، في حين ان الحادي استمر في سوقه للناقة.

[32] البحار 234 /54، و راجع 72 /2.

[33] البحار 74 /97، کتاب الزهد للاهوازي 106 -105.

[34] البحار 88 /97، الکافي 59 /5، امالي الطوسي 282 /2.

[35] البحار 92 /97، مشکاة الانوار 47، الکافي 59 /5.

[36] الظاهر انه تصحيف و الصحيح الدردور. قال في القاموس: و الدردور موضع وسط البحر يجيش ماؤه و مضيق بساحل بحر عمان «منه».

[37] امالي الطوسي 282 /2، البحار 88 /97.

[38] قرب الاسناد 26 الطبع الحجري، البحار 74 /97 و 92، مشکاة الانوار 47 الکافي 59/5.

[39] مشکاة الانوار 49، البحار 94 /97.

[40] اللهوف: 86.

[41] دارالسلام 234 /2.

[42] آلائه خ ل.

[43] الهدي خ ل.

[44] في بعض الکتب بعد هذين البيتين هذان البيتان:



و انه کان الامام الذي

له علي الامة تفضيل



يقول بالحق و يعني به

و لا تلهيه الاباطيل.

[45] في بعض النسخ: مرتها بالراء المهملة و التاء المنقوطة، يقال مرت الريح السحاب اذا اشتدت به «منه».

[46] البهلول الضحاک. و لعله لشجاعته و لنبالته لا يکترث بالحرب فيبسم في الحالة التي يقطب فيها الرجال لخوف الحرب کما قال ابوالطيب:



تمر بک الابطال کلمي هزيمة

و وجهک وضاح و ثغرک باسم



و قال عمرو في اميرالمؤمنين علي عليه‏السلام:



هو البکاء في المحراب ليلا

هو الضحاک اذا اشتد الضراب.

[47] العفرين الاسد «منه».

[48] اضجره خ ل.

[49] الغيل الاجمة و بيت الاسد «منه».

[50] ابابيل لجماعات متفرقة، و في بعض الکتب بعد ابابيل قوله:



فسلموا لما اتوا نحوه

و ذاک اعظام و تبجيل «منه».

[51] امالي الطوسي ص 124 الطبع الحجري.

[52] احترص يعني حرص «منه».

[53] قال الله تعالي: و اما السائل فلا تنهر. سورة الضحي: 10.

[54] روي انه قال لقمان لابنه: اعلم اي بني اني قد ذقت الصبر و انواع المر فلم ار امر من الفقر فان افتقرت يوما فاجعل فقرک بينک و بين الله و لا تحدث الناس بفقرک فتهون عليهم ثم سل في الناس هل من احد دعا الله فلم يجبه او ساله فلم يعطه «منه».

البحار 432 /13، کنز الفوائد للکراجکي: 214.

[55] و قد اخذ ابن سکيت يعقوب بن اسحاق الاهوازي الشيعي هذا المضمون في شعره:



يصاب الفتي من عثرة بلسانه

و ليس يصاب المرء من عثرة الرجل



فعثرته في القول تذهب راسه

و عثرته في الرجل تبره عن مهل



و من الغريب انه وقع في ما حذره من عثرات اللسان قتله المتوکل سنة 244 لکلام له «منه».

[56] قال اميرالمؤمنين عليه‏السلام: لا تصحب المائق فانه يزين لک فعله و يود ان تکون مثله. البحار 199 /71، نهج‏البلاغة 225 /3.



رقم بر خود به ناداني کشيدي

که نادان را به صحبت بر کزيدي



طلب کردم ز دانايي يکي بند

مرا فرمود با نادان مييوند



که کر داناي دهري خر بباشي

و کر ناداني ابله تر بباشي



و معناه:

لقد سجلت علي نفسک الجهل، عنما آثرت الصداقة مع الجاهل ففي يوم سالت عالما النصيحة و الموعظة، فقال اياک ان تصاحب الجاهل. لانک اذا کنت علامة الزمان فبصحبتک هذه اصبحت احمقا، و ان کنت جاهلا فقد ازداد جهلک.

[57] قال رسول‏الله صلي الله عليه و آله: ايها الناس اياکم و خضراء الدمن. قيل: يا رسول‏الله و ما خضراء الدمن؟ قال: المراة الحسناء في منبت السوء «منه» معاني الاخبار: 316، الوسائل 14 /19.

[58] جواهر الادب طبع سنة 1385 ص 433 -432، و فيه 28 بيتا فراجع طبعه القديم.