بازگشت

اخبار النبي بقتل عمار


روي الشيخ الاجل علي بن محمد الخزاز القمي [1] عن عمار انه كان مع رسول الله صلي الله عليه و آله في بعض غزواته، فقال له النبي في بعض حديثه: يا عمار سيكون بعدي فتنة فاذا كان ذلك فاتبع عليا و حزبه فانه مع الحق و الحق معه، يا عمار انك ستقاتل بعدي مع علي في صفين الناكثين و القاسطين ثم تقتلك الفئة الباغية. قال: قلت يا رسول الله اليس ذلك علي رضا الله و رضاك؟ قال: نعم علي رضا الله و رضاي، و يكون آخر زادك شربة من لبن تشربه.

فلما كان يوم صفين خرج عمار بن ياسر الي اميرالمؤمنين عليه السلام فقال له: يا اخا رسول الله اتاذن لي في القتال. قال: مهلا رحمك الله، فلما كان بعد ساعة اعاد عليه الكلام فاجابه بمثله، فاعاد عليه ثالثا فبكي اميرالمؤمنين عليه السلام، فنظر اليه عمار فقال: يا اميرالمؤمنين انه اليوم الذي وصف [2] لي رسول الله صلي الله عليه و آله، فنزل اميرالمؤمنين عليه السلام عن بغلته و عانق عمارا و ودعه ثم قال: يا ابااليقظان جزاك الله عن الله و عن نبيك خيرا فنعم الاخ كنت و نعم الصاحب كنت. ثم بكي عليه السلام و بكي عمار، ثم قال: و الله يا اميرالمؤمنين ما تبعتك الا ببصيرة فاني سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله يقول يوم حنين: يا عمار ستكون بعدي فتنة فاذا كان ذلك فاتبع عليا و حزبه فانه مع الحق و الحق معه، و ستقاتل بعدي الناكثين و القاسطين، فجزاك الله يا اميرالمؤمنين عن الاسلام افضل الجزاء فلقد اديت و ابلغت و نصحت. ثم ركب و ركب اميرالمؤمنين عليه السلام، ثم برز الي القتال ثم دعا بشربة من ماء فقيل: ما معنا ماء. فقام اليه رجل من الانصار فاسقاه شربة من لبن، فشربه ثم قال: هذا عهد الي رسول الله صلي الله عليه و آله ان يكون آخر زادي من الدنيا شربة من اللبن. ثم حمل علي


القوم فقتل ثمانية عشر، فخرج اليه رجلان من اهل الشام فطعناه فقتل رحمةالله عليه.

فلما كان الليل طاف اميرالمؤمنين عليه السلام في القتلي فوجد عمارا ملقي، فجعل راسه علي فخذه ثم بكي و انشا يقول:



الا ايها الموت الذي لست تاركي

ارحني فقد افنيت كل خليل



اراك بصيرا بالذين احبهم

كانت تنحو نحوهم بدليل [3] .



قلت: اذا كان حال اميرالمؤمنين عليه السلام بعد قتل عمار هكذا فكيف حال ابنه الحسين عليه السلام بعد قتل اخيه و ناصره العباس و قد رآه ملقي علي الارض مقطوع اليدين معفر الخدين مضرجا بالدماء مرملا بالعراء.

روي ان في غزوة احد لما قتل حمزة رضي الله عنه شق بطنه و اخذ كبده و مثل به، فلما وضعت الحرب اوزارها قال رسول الله صلي الله عليه و آله: من له علم بعمي حمزة؟ فقال له الحارث بن صمة: انا اعرف موضعه. فجاء حتي وقف علي حمزة فكره ان يرجع الي رسول الله صلي الله عليه و آله فيخبره، فقال رسول الله لاميرالمؤمنين: يا علي اطلب عمك. فجاء علي عليه السلام فوقف علي حمزة فكره ان يرجع الي رسول الله صلي الله عليه و آله، فجاء رسول الله حتي وقف عليه، فلما راي ما فعل به بكي ثم قال: اللهم لك الحمد و اليك المشتكي و انت المستعان علي ما اري. ثم قال: لئن ظفرت لامثلن و لامثلن [4] فانزل الله عز و جل (و ان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به و لئن صبرتم لهو خير للصابرين). فقال رسول الله صلي الله عليه و آله: اصبر اصبر [5] .

و روي ان النبي صلي الله عليه و آله القي علي حمزة بردة كانت عليه فكانت اذا مدها علي راسه بدت رجلاه و اذا مدها علي رجليه بدا راسه، فمدها علي راسه


و القي علي رجليه الحشيش و قال: لولا ان احزن نساء عبدالمطلب لتركته للعقبان و السباع حتي يحشر يقوم القيامة من بطون السباع و الطير [6] .

و اما العباس سلام الله عليه فقد انفلقت هامته في يوم عاشوراء و قطعت يداه و قتل بعد ان اثخن بالجراح و اخذ حكيم بن الطفيل اخزاه الله سلبه، فلما رآه الحسين عليه السلام بكي. و حكي عنه عليه السلام قال: الآن انكسر ظهري و قلت حيلتي [7] .

و يحق له عليه السلام ان يقول ذلك فقد حكي انه قدم لقمان من سفر فلقي غلامه في الطريق، فقال ما فعل ابي؟ قال: مات. قال: ملكت امري. قال: ما فعلت امراتي. قال: ماتت. قال: جدد فراشي. قال: ما فعلت اختي؟ قال: ماتت. قال: سترت عورتي. قال: ما فعل اخي؟ قال: مات. قال: انقطع ظهري [8] .

و حكي انه لما توفي السيد الرضي رضي الله عنه في ست خلون من المحرم سنة ست و اربعمائة حضر الوزير فخر الملك و جميع الاعيان و الاشراف و القضاة جنازته و الصلاة عليه، و مضي اخوه السيد المرتضي رضي الله تعالي عنه [9] .




من جزعه الي مشهد جده موسي عليه السلام بن جعفر صلوات الله عليه لانه لم يستطع ان ينظر جنازة اخيه و دفنه، و صلي عليه فخر الملك ابوغالب و مضي بنفسه آخر النهار الي السيد المرتضي الي المشهد الكاظمي سلام الله علي من شرفه فالزمه بالعود الي داره، و رثاه اخوه المرتضي بابيات منها:



يا للرجال لفجعة جذمت يدي

و وددت لو ذهبت علي براسي



ما زلت احذر ردها حتي اتت

فحسوتها في بعض ما انا حاسي



و مطلتها زمنا فلما صممت

لم يثنها مطلي و طول مكاسي




و لقد رثي العباس سلام الله عليه حفيده الفضل بن محمد بن الفضل بن الحسن بن عبيد الله بن العباس رضي الله عنهم:



اني لاذكر للعباس موقفه

بكربلاء وهام القوم تختطف



يحمي الحسين و يحميه علي ظم

ي ء و لا يولي و لا يثني فيختلف



ولا اري مشهدا يوما كمشهده

مع الحسين عليه الفضل و الشرف



اكرم به مشهدا بانت فضيلته

و ما اضاع له افعاله خلف [10] .



(بص): و انا استرق جدا من رثاء امه فاطمة ام البنين رضي الله عنهما الذي انشده ابوالحسن الاخفش في شرح الكامل، و قد كانت تخرج الي البقيع كل يوم ترثيه و تحمل ولده عبيد الله فيجتمع لسماع رثائها اهل المدينة و فيهم مروان بن الحكم فيبكون بشجي الندبة قولها رضي الله عنها:



يا من راي العباس كر

علي جماهير النقد [11] .



و رواه من ابناء حيدر

كل ليث ذو لبد



انبئت ان ابني اصيب

براسه مقطوع يد



ويلي علي شبلي امال

براسه ضرب العمد



لو كان سيفك في يديك

لما دنا منه احد



(و قولها:)



لا تدعوني ويك ام البنين

تذكريني بليوث العرين



كانت بنون لي ادعي بهم

و اليوم اصبحت و لا من بنين



اربعة مثل نسور الربي

قد و اصلوا الموت بقطع الوتين






تنازع الخرصان اشلاءهم [12] .

فكلهم امسي صريعا طعين



يا ليت شعري اكما اخبروا

بان عباسا قطيع اليمين [13] .




پاورقي

[1] تقدم في اول الرسالة ترجمته «منه».

[2] وصفه خ ل.

[3] کفاية الاثر 124 -120 الطبع الحديث.

[4] بسبعين من قريش خ ل.

[5] البحار 62 /20 مع اختلاف يسير.

[6] البحار63 /20.

[7] البحار 42 /45.

[8] البحار 424 /13.

[9] السيد المرتضي هو علي بن الحسين بن موسي بن محمد بن موسي بن ابراهيم بن الامام موسي الکاظم عليه‏السلام کان سيد علماء الامة و محيي آثار الائمة کان مشهورا بالمرتضي و ملقبا عن جده المرتضي بعلم الهدي جمع من العلوم ما لم يجمعه احد و حاز من الفضائل ما توحد به و تفرد.

قال العلامة رفع الله مقامه: و بکتبه استفادت الامامية منذ زمنه رحمه‏الله زماننا هذا و هو سنة ثلاث و تسعين و ستمائة و هو رکنهم و معلمهم قدس‏الله‏روحه و جزاه عن اجداده خيرا. انتهي. راجع خلاصه الاقوال 95 -94.

و السيد الرضي اخوه محمد بن الحسين امره في العلم و الفضل و الادب و الورع و عفة النفس و علو الهمة و الجلالة اشهر من ان يذکر قرا مع اخيه المرتضي علي ابن نباته صاحب الخطب و هما طفلان.

ويحکي عن الشيخ المفيد رحمه‏الله انه راي فاطمة الزهراء عليهاالسلام انها جاءت بالحسن الحسين عليهماالسلام و قالت: يا شيخي علم ولدي هذين الفقه ثم جاءت الصباح فاطمة بنت السيد الناصر ام‏السيد المرتضي و الرضي بهما اليه و قالت ذلک و هي مشهورة (کشکول الشيخ البهائي).

و قد خفي علو مقام السيد الرضي في الدرجات العلمية مع قلة عمره لعدم انتشار کتبه و قلة نسخها، له تفسير علي القرآن المسمي بحقائق التنزيل و دقائق التاويل قيل هو احسن من کل التفاسير و اکبر من تفسير الشيخ الطوسي رزقنا الله زيارته.

و بالجملة- لما تم و کمل بدره و بلغ سبع و اربعين عمره اختار الله له دار بقائه فناداه و لباه و فارق دنياه و ذلک في بکرة يوم الاحد لست خلون من المحرم سنة 406 ست و اربعمائة فقامت عليه نوادب الادب و انثلم حد القلم و فقدت عين الفضل قرتها و جبهة الدهر غرتها و بکاه الافاضل مع الفضائل و رثاه الاکارم مع المکارم، علي انه ما مات من لم يمت ذکره و لقد خلد من بقي علي الايام نظمه و نثره علي الله ان يتولاه بعفوه و غفرانه و يحييه بروحه و ريحانه. و قد اوردت ترجمتها مع تراجم سائر علمائنا الاماميه رضوان‏الله‏عليهم في کتاب الفوائد الرضوية 282 و 495.

و رثاه تلميذه مهيار الديلمي بقصيدة منها قوله:



بکر النعي من الرضي بمالک

غاياتها متعودا الکني اقدامها



کلح الصباح بموته عن ليلة

نفضت علي وجه الصباح ظلامها



بالفارس العلوي شق غبارها

و الناطق العربي شق کلامها



سلب العشيرة يومه مصباحها

مصلاحها عمالها علامها



برهان حجتها التي بهرت به

اعداؤها و تقدمت اعمامها



و رثاه بقصيدة اخري مطلعها:



اقريش لا نعم اراک و لا يد

فتواکلي غاض الندي و خلا الندي.

[10] نقل هذه الاشعار من کتاب المجدي علي ما قاله المرحوم المقرم في کتابه العباس ص 223.

[11] النقد جنس من الغنم قصار الارجل قباح الوجوه فمعني البيت: يا من راي العباس و هو اسم للاسد کر علي جماعات الغنم المعروفة بالنقد و هو بديع «منه».

[12] خرصان جمع خرص اي السنان و اشلاء جمع شلو اي العضو و الجسد من کل شي‏ء «منه».

[13] ابصار العين 31.