بازگشت

نصره ابي طالب للنبي


روي اهل السير و الاخبار ان النبي صلي الله عليه و آله مر بنفر من قريش و قد نحروا جزورا و كانو يسمونها الفهيرة و يجعلونها علي النصب، فلم يسلم عليهم حتي انتهي الي دار الندوة [1] ، فقالت قريش: ايمر بنا ابن ابي كبشة و لا يسلم علينا فايكم ياتيه فيفسد عليه صلاته. فقال عبدالله بن الزبعري السهمي: انا افعل فاخذ الفرث و الدم فانتهي به الي النبي صلي الله عليه و آله و هو ساجد فملا به ثيابه، فانصرف النبي صلي الله عليه و آله حتي اتي عمه اباطالب رضي الله عنه فقال له: يا عم من انا؟ فقال: و لم يابن اخ، فقص عليه القصة فقال: و اين تركتهم. فقال: بالابطح. فنادي في قومه: يا آل عبدالمطلب يا آل هاشم يا آل عبدمناف، فاقبلوا اليه من كل مكان ملبين، فقال لهم: كم انتم؟ قالوا: نحن اربعون. قال: خذوا


سلاحكم، فاخذوا سلاحهم فانطلق بهم حتي انتهي اليهم، فلما رات قريش اباطالب ارادت ان تتفرق فقال: و رب البنية لا يقوم منكم احد الا جللته بالسيف ثم اتي الي صفاة كانت بالابطح فضربها ثلاث ضربات فقطع منها ثلاثة افهار ثم قال:

يا محمد سالت من انت، ثم انشا يقول:



انت الامين محمد

قرم اغر مسود



لمسودين اكارم

طابوا و طاب المولد



نعم الارومة اصلها

عمرو الخضم الاوحد



هشم الربيكة في الجفان

و عيش مكة انكد



فجرت بذلك سنة

فيها الخبيرة تثرد



و لنا السقاية للحجيج

بها يماث العنجد



و المازمان و ما حوت

عرفاتها و المسجد



اني تضام و لم امت

و انا الشجاع العربد



و بنو ابيك كانهم

اسد العرين توقد



و لقد عهدتك صادقا

في القول لا تتفند [2] .



ما زلت تنطق بالصواب

و انت طفل امرد



مبدي النصيحة جاهدا

و بك الغمامة ترعد



يسقي بوجهك صوبها

قطراتها و الجدجد



فبك الوسيلة في الشدا

ئد و الربيع المرفد



ثم قال: يا محمد ايهم الفاعل، فاشار النبي صلي الله عليه و آله الي ابن الزبعري [3] ، فدعاه ابوطالب فوجا انفه حتي ادماها ثم امر بالفرث و الدم فامر علي


رؤوس الملا ثم قال: يا ابن اخ ارضيت. ثم قال: سالت من انت انت محمد بن عبدالله ثم نسبه الي آدم عليه السلام. قال: انت و الله اشرفهم حسبا و ارفعهم منصبا، يا معشر قريش من شاء منكم ان يتحرك فليفعل انا الذي تعرفوني [4] .

اقول: ماورد في نصرة ابي طالب لرسول الله صلي الله عليه و آله يدا و لسانا و ذبه عنه فهو اكثر من ان يذكر، و كان النبي عليه السلام في ايام الحصار اذا اخذ مضجعه و نامت العيون جاءه ابوطالب «ره» فانهضه عن مضجعه و اضجع عليا عليه السلام مكانه و وكل عليه «ص» ولده و ولد اخيه، فقال علي عليه السلام: يا ابتاه اني مقتول ذات ليلة. فقال ابوطالب سلام الله عليه:



اصبرن يا بني فالصبر احجي

كل حي مصيره لشعوب



قد بلوناك و البلاء شديد

لفداء النجيب و ابن النجيب



ان تصبك المنون بالنبل تتري

فمصيب منها و غير مصيب



كل حي و ان تطاول عمرا

آخذ من سهامها بنصيب



فقال علي عليه السلام:



اتامرني بالصبر في نصر احمد

و و الله ما قلت الذي قلت جازعا



و لكنني احببت ان تر نصرتي

و تعلم اني لم ازل لك طائعا



و سعيي لوجه الله في نصر احمد

نبي الهدي المحمود طفلا و يافعا [5] .



قال رسول الله صلي الله عليه و آله: ما زالت قريش كاعة [6] عني حتي مات ابوطالب. الي غير ذلك [7] .


و لقد اجاد ابن ابي الحديد في قوله:



و لولا ابوطالب و ابنه

لما مثل الدين شخص فقاما



فذاك [8] بمكة آوي و حامي

و ذاك بيثرب جر [9] الحماما



الابيات:

قلت: و لقد اقتدي بهما في ذلك سيدنا و مولانا العباس بن علي بن ابي طالب عليه السلام في نصرته لابن رسول الله صلي الله عليه و آله و مواساته له، فاشبه فعاله فعال آبائه فانظر الي قول ابي طالب في نصرته لرسول الله صلي الله عليه و آله في ايام الحصار:



فلا تحسبونا خاذلين محمدا

لدي غربة منا و لا متقرب



ستمنعه منا يد هاشمية

و مركبها في الناس اخشن مركب



ثم انظر الي قول نافلته [10] ابي الفضل العباس عليه السلام في نصرته لابن رسول الله في يوم عاشوراء:



و الله ان قطعتم يميني

اني احامي ابدا عن ديني



و عن امام صادق اليقين

نجل النبي الطاهر الامين



الي غير ذلك، و لعل الي ذلك اشير في زيارته المنقولة عن الشيخ المفيد و غيره بهذه الفقرة «فالحقك الله بدرجة آبائك في دار جنات النعيم» [11] .



پاورقي

[1] دار الندوة بمکة احدثها قصي بن کلاب و هي دار يجتمعون فيها للتشاور و جعلها بعده لابنه عبدالدار و هي اليوم مضافة الي المسجد الحرام و کان معاوية اشتراها فجعلها دار الامارة ثم اضيقت اليه بعد ذلک کذا في المراصد «منه». راجع مراصد الاطلاع 508 /2.

[2] لا تکذب «منه».

[3] ابن‏الزبعري بکسر الزاي و فتح الباء و الراء اسمه عبدالله و هو احد شعراء قريش کان يهجو المسلمين و يحرض عليهم کفار قريش في شعره و هو الذي يقول في غزوة احد:



يا غراب البين اسمعت فقل

انما تندب شيئا قد فعل



الابيات: و هي التي تمثل بها يزيد عليه لعائن الله لما جي‏ء براس الحسين عليه‏السلام و الاساري من اهل بيته فوضع الراس بين يديه و دعا بقضيب خيزران فجعل ينکت به ثنايا الحسين عليه‏السلام متمثلا: «ليت اشياخي ببدر شهدوا» «منه».

[4] الحجة علي الذاهب الي تکفير ابي‏طالب ص 106 و 72، البحار 125 /35.

[5] البحار 93 /35، الحجة علي الذاهب الي تکفير ابي‏طالب 70.

[6] کاعة جمع کايع و هو الجبان کبائع و باعة و يروي بالتشديد اي انهم کانوا يجبنون عن ايذائه في حياة ابي‏طالب فلما مات اجترؤوا عليه «منه».

[7] البحار 25 /19 نقلا عن قصص الراوندي و فيه: ما زالت قريش قاعدة عني...

[8] يعني ابوطالب «منه».

[9] خاض خ ل.

[10] نافلة نبيره، قال الله تعالي: و هبنا له اسحاق و يعقوب نافلة «منه».

[11] البحار 219 /98 نقلا عن المفيد و مؤلف المزار.