بازگشت

محاربه محمد بن الحنفية في صفين وعطشه


في البحار: روي في بعض مؤلفات الاصحاب عن ابن عباس قال: لما كنا في حرب صفين دعا علي عليه السلام ابنه محمد بن الحنفية و قال له: يا بني شد علي عسكر، معاوية فحمل علي الميمنة حتي كشفهم ثم رجع الي ابيه مجروحا فقال: يا ابتاه العطش العطش. فسقاه جرعة من الماء ثم صب الباقي بين درعه و جلده، فو الله لقد رايت علق الدم يخرج من حلق درعه، فامهله ساعة ثم قال له: يابني شد علي الميسرة، فحمل علي ميسرة عسكر معاوية فكشفهم ثم رجع و به جراحات و هو يقول: الماء الماء يا اباه، فسقاه جرعة من الماء فصب باقيه بين درعه و جلده ثم قال: يا بني شد علي القلب، فحمل عليهم و قتل منهم فرسانا ثم رجع الي ابيه و هو يبكي و قد اثقلته الجراح، فقام اليه ابوه و قبل ما بين عينيه و قال له: فداك ابوك فقد سررتني و الله يا بني بجهادك هذا بين يدي، فما يبكيك افرحا ام جزعا؟ فقال: يا ابة كيف لا ابكي و قد عرضتني للموت ثلاث مرات فسلمني الله و ها انا مرجوح كما تري، و كلما رجعت اليك لتمهلني عن الحرب ساعة ما امهلتني، و هذان اخواي الحسن و الحسين ما تامرهما بشي ء من الحرب. فقام اليه اميرالمؤمنين عليه السلام و قبل وجهه و قال له: يا بني انت ابني و هذان ابنا رسول الله صلي الله عليه و آله، افلا اصونهما عن القتل. فقال: بلي يا ابتاه جعلني الله فداك و فداهما من كل سوء. انتهي [1] .

اقول: اذا كان الحسين عليه السلام حاضرا في صفين و شاهدا ما فعل اميرالمؤمنين بابنه محمد لما رجع من قتال الاعداء قائلا العطش العطش من سقيه الماء


وصب باقيه بين درعه و جلده ليسكن عنه حرارة الجراحات من الحديد المحمي، فكيف يكون حاله عليه السلام يوم عاشوراء اذا شهد ابنه علي بن الحسين راجعا من قتال الاعداء و قد اصابته جراحات كثيرة و هو يقول: يا ابه العطش قد قتلني و ثقل الحديد اجهدني، و شكي الي ابيه العطش و شدة وقع الحديد المحمي من درعه علي جراحاته و لم يكن لابيه عليه السلام ماء يبرد كبده و يسكن حرارة جراحاته، فبكي عليه السلام و قال: و اغوثاه يا بني قاتل قليلا فما اسرع ما تلقي جدك محمدا صلي الله عليه و آله فيسقيك بكاسه الاوفي شربة لا تظما بعدها ابدا [2] .

و يحتمل ان يكون مراد علي بن الحسين من ثقل الحديد كثرة عسكر المخالفين و ما قاسي منهم، فانه سلام الله عليه اختص من بين الشهداء بكثره الحملات و الشد علي القوم حتي قال الراوي في حقه: شد علي الناس مرارا و قتل منهم جمعا كثيرا حتي ضج الناس من كثرة من قتل منهم [3] . و في بعض التواريخ ان حملاته بلغت اثنتي عشرة مرة [4] .

و اما التعبير عن العسكر بالحديد فهذا تعبير شائع و قد تقدم كلام الشيخ الكشي في حبيب بن مظهر «ره» و كان حبيب من السبعين الرجال الذين نصروا الحسين عليه السلام و لقوا جبال الحديد- الخ [5] .

ثم اني لما ذكرت مقتله عليه السلام في نفس المهموم فاكتفي هاهنا عن ذكر مقتله بمختصر من الكلام:

كان علي بن الحسين عليه السلام من اصبح الناس وجها و اشبههم خلقا و خلقا و منطقا برسول الله صلي الله عليه و اله، و كان قد ربي في حجر عمه الحسن و ابيه الحسين و ادب بآدابهما كما يشهد لذلك ما في الزيارة المعتبرة المنقولة في


كاويب ويه [6] في السلام عليه «السلام عليك يابن الحسن و الحسين».

فلما لم يبق مع ابيه يوم عاشوراء سوي اهل بيته بعثته نفسه الابية علي مصادمة خيل اهل الغواية و حركته الحمية الهاشمية علي اقتناص ارواح اهل الضلالة، فخرج الي القوم يسحب ذلاذل درعه آيسا من الحياة عازما علي الموت و ابوه ينظر اليه نظرة آيس منه باكيا عينه محترقا قلبه مظهرا حزنه الي الله تعالي، كما في بعض المقاتل المعتبرة انه عليه السلام رفع شيبته نحو السماء [7] و كان لسان حاله: اصابتني مصيبة فجيعة و داهية عظيمة فانما اشكو بثي و حزني الي الله، لان الاخذ باللحية من علامة هجوم الحزن و كثرة الاغتمام كما اشار بذلك شيخنا رئيس المحدثين ابوجعفر بن بابويه القمي [8] ، فحمل علي بن الحسين عليه السلام علي القوم و هو يقول:



انا علي بن الحسين بن علي

نحن و بيت الله اولي بالنبي



اضربكم بالسيف حتي ينثني

ضرب غلام هاشمي علوي






و لا ازال اليوم احمي عن ابي

تالله لا يحكم فينا ابن الدعي



فزحزح الناس عن اماكنهم و نهضهم عن مواضعهم حتي قتل علي عطشه مائة و عشرين رجلا [9] .

قال ابوالفرج: فجعل يشد عليهم ثم يرجع الي ابيه فيقول يا اباالعطش، فيقول له الحسين عليه السلام اصبر حبيبي فلانك لا تمسي حتي يسقيك رسول الله صلي الله عليه و آله بكاسه. و جعل يكر كرة بعد كرة حتي رمي بسهم فوقع في حلقه فخرقه و اقبل ينقلب في دمه ثم نادي: يا ابتاه عليك السلام هذا جدي رسول الله صلي الله عليه و آله يقرؤك السلام و يقول: عجل القدوم الينا، و شهق شهقة فارق الدنيا [10] .


پاورقي

[1] البحار 106 /42 نقلا عن بعض مؤلفات اصحابنا.

[2] اللهوف 100.

[3] راجع البحار 43 /45، اللهوف 100.

[4] روضة الصفا، فرسان الهيجاء 303 /1.

[5] رجال الکشي: 79.

[6] البحار 153 /98، کامل الزيارات ص 200، الکافي 577 /4، التهذيب 56 /6 الفقيه 596 /2.

[7] البحار 42 /45.

[8] قال رحمه‏الله في علل الشرائع 65 /1 في حکمة اخذ موسي لحية اخيه و راسه: اخد موسي عليه‏السلام براس اخيه و لحيته اخذه براسه نفسه و لحية نفسه علي العادة المتعاطاة للناس اذا اغتم احدهم او اصابته مصيبة عظيمة وضع يده علي راسه و اذا دهته داهية عظمية قبض علي لحيته فکانه اراد بما فعل ان يعلم هارون انه وجب عليه الاغتمام و الجزع بما اتاه قمه و وجب ان يکون في مصيبة بما تعاطوه لان الامة من النبي و الحجة بمنزلة الاغنام من راعيها و من احق بالاغتمام بتفريق الاغنام و هلاکها من راعيها وقد و کان يحفظها و استعبد باصلاحها و قد وعد الثواب علي ما ياتيه من ارشادها و حسن رعيها و اوعد العقاب علي ضد ذلک من تضييعها و هکذا فعل الحسين بن علي عليه‏السلام لما ذکر القوم المحاربين له بحرماته فلم يرعوها قبض علي لحيته فتکلم بما تکلم به- انتهي.

فعلم من ذلک سر اخذ الحسين عليه‏السلام لحيته الشريفة عند خروج ابنه علي الي القتال کما علم ايضا سر وضع ام‏کلثوم يدها علي راسها بعد قتل الحسين عليه‏السلام نادبة: وا محمداه هذا الحسين بالعراء قد سلب العمامة و الرداء «منه».

[9] قمقام: 432.

[10] مقاتل الطالبيين: 115.