بازگشت

ذكر مقتل عمر بن سعد و غيره ممن شهد قتل الحسين


ثم ان المختار قال يوما لاصحابه: لاقتلن غدا رجلا عظيم القدمين غائر العينين مترف الحاجبين يسر قتله المؤمنين و الملائكة المقربين. و كان عنده الهيثم ابن الاسود النخعي فعلم انه يعني عمر بن سعد، فرجع الي منزله و ارسل الي عمر مع ابنه العريان يعرفه ذلك، فلما قاله له قال: جزي الله اباك خيرا كيف يقتلني بعد العهود و المواثيق؟ و كان عبدالله بن جعدة بن هبيرة اكرم الناس علي المختار لقرابته بعلي عليه السلام، و كلمه عمر بن سعد لياخذ له امانا من المختار ففعل و كتب له المختار امانا و شرط فيه ان لا يحدث و عني بالحدث دخول الخلاء.

ثم ان عمر بن سعد خرج من بيته بعد عود العريان عنه فاتي حمامه فاخبر مولي له بما كان منه و بامانه، فقال له مولاه: و اي حدث اعظم مما صنعت؟ تركت اهلك و رحلك و اتيت الي هاهنا ارجع و لا تجعل عليك سبيلا، فرجع و اتي المختار فاخبره باطلاقه فقال: كلا ان في عنقه سلسلة سترده. و اصبح المختار فبعث اليه اباعمرة فاتاه و قال: اجب الامير. فقام عمر فعثر في جبة له، فضربه ابوعمرة بسيفه فقتله و اخذ راسه فاحضره عند المختار، فقال المختار لابنه حفص بن عمر و هو جالس عنه: اتعرف من هذا؟ قال: نعم فلا خير في العيش بعده، فامر به فقتل. فقال المختار: هذا بحسين و هذا بعلي بن الحسين و لا سواء، و الله لو قتلت به ثلاثة ارباع قريش ما وفوا انملة من انامله.

و كان السبب في تهيج المختار علي قتله ان يزيد بن شراحيل الانصاري اتي محمد بن الحنفية و سلم عليه و جري الحديث الي ان تذاكرا المختار، فقال ابن الحنفية: انه يزعم انه لنا شيعة و قتلة الحسين عنده علي الكراسي يحدثونه.


فلما عاد يزيد اخبر المختار بذلك فقتل عمر بن سعد و بعث براسه الي ابن الحنفية و كتب اليه يعلمه انه قد قتل من قدر عليه و انه في طلب الباقين ممن حضر قتل الحسين عليه السلام.

قال عبدالله بن شريك: ادركت اصحاب الاردية المعلمة و اصحاب البرانس السود من اصحاب السواري اذا مر بهم عمر بن سعد قالوا: هذا قاتل الحسين عليه السلام، و ذلك قبل ان يقتله. و قال ابن سيرين: قال علي لعمر بن سعد: كيف انت اذا قمت مقاما تخير فيه بين الجنة و النار فتختار النار؟

ثم ان المختار ارسل الي حكيم بن الطفيل الطائي و كان اصاب سلب العباس بن علي عليه السلام و رمي الحسين عليه السلام بسهم و كان يقول: تعلق سهمي بسرباله و ما ضره، فاتاه اصحاب المختار فاخذوه و ذهب اهله فشفعوا بعدي ابن حاتم، فكلمهم عدي فيه فقالوا: ذلك الي المختار. فمضي عدي الي المختار ليشفع فيه و كان المختار قد شفعه في نفر من قومه اصابهم يوم جبانة السبيع، فقال الشيعة: انا نخاف ان يشفعه المختار فيه فقتلوه رميا بالسهام كما رمي الحسين حتي صار كانه القنفذ. و دخل عدي بن حاتم علي المختار فاجلسه معه فشفع فيه عدي فقال المختار: اتستحل ان تطلب فيه قتلة الحسين عليه السلام. فقال عدي: انه مكذوب عليه اذا ندعه لك.

فدخل ابن كامل فاخبر المختار بقتله، فقال: ما اعجلكم بذلك الا احضرتموه عندي، و كان قد سره قتله. فقال ابن كامل: غلبتني عليه الشيعة. فقال عدي لابن كامل: كذبت و لكن ظننت ان من هو خير منك سيشفعني فقتلته. فسبه ابن كامل فنهاه المختار عن ذلك.

و بعث المختار الي قاتل علي بن الحسين عليه السلام و هو منقذ بن مرة من عبدالقيس و كان شجاعا، فاحاطوا بداره فخرج اليهم علي فرسه و بيده رمحه فطاعنهم فضرب علي يده و هرب منهم فنجا و لحق بمصعب بن الزبير و شلت يده بعد ذلك.

و بعث المختار الي زيد بن رقاد الحباني كان يقول: لقد رميت فتي منهم


بسهم و كفه علي جبهته يتقي النبل فاثبت كفه في جبهته فما استطاع ان يزيل كفه عن جبهته و كان ذلك الفتي عبدالله بن مسلم بن عقيل، و انه قال حين رميته: اللهم انهم استقلونا و استذلونا فاقتلهم كما قتلونا. ثم انه رمي (الغلام) بسهم آخر و كان يقول: جثته و هو ميت فنزعت سهمي الذي قتلته به من جوفه و لم ازل انضنض الآخر عن جبهته حتي اخذته و بقي النصل، فلما اتاه اصحاب المختار خرج اليهم بالسيف، فقال لهم ابن كامل: لا تطعنوه و لا تضربوه بالسيف و لكن ارموه بالنبل و الحجارة، ففعلوا ذلك به فسقط فاحرقوه حيا.

و طلب المختار سنان بن انس الذي كان يدعي قتل الحسين عليه السلام، فرآه قد هرب الي البصرة فهدم داره.

و طلب عبدالله بن عقبة الغنوي فوجده قد هرب الي الجزيرة فهدم داره، و كان قد قتل منهم غلاما. و طلب آخر من بني اسد يقال له حرملة بن كاهل كان قد قتل رجلا من اهل الحسين عليه السلام ففاته.

و طلب ايضا رجلا من خثعم اسمه عبدالله بن عروة الخثعمي و كان يقول: رميت فيهم باثني عشر سهما ففاته و لحق بمصعب بن الزبير فهدم داره.

و طلب ايضا عمرو بن الصبيح الصدائي كان يقول: لقد طعنت فيهم و جرحت و ما قتلت منهم احدا، فاتي ليلا فاخذ و احضر عند المختار، فامر باحضار الرماح و طعن بها حتي مات.

و ارسل الي محمد بن الاشعث و هو في قرية له الي جنب القادسية فطلبوه فلم يجدوه و كان قد هرب الي المصعب، فهدم المختار داره و بني بلبنها وطينها دار حجر بن عدي الكندي كان زياد قد هدمها [1] .

بحير بن ريسان بفتح الباء الموحدة و كسر الحاء المهملة، شبام بكسر الشين و الباء الموحدة بطن من همدان، و همدان بسكون الميم و بالدال المهملة و سعر بكسر السين المهملة، و احمر بن شميط بالحاء المهملة و الراء المهملة، و شميط


بالشين المعجمة، و شبث بفتح الشين المعجمة و الباء الموحدة، جبانة اثير بضم الهمزة و الثاء المثلثة و بالياء المثناة من تحت و بالراء المهملة. عتيبة بن النهاس بالعين المهملة و بالتاء المثناة من فوق ثم بالياء المثناة من تحت و بالباء الموحدة، حسان بن فائد بالفاء [2] .


پاورقي

[1] الکامل لابن الاثير 244 -241 /4.

[2] ضبط هذه الاسماء من ابن الاثير. راجع الکامل 244 /4.