بازگشت

في شرح حال التوابين و خروج المختار و قتله قتلة الحسين


و نقتصر علي ما اورده ابن الاثير في الكامل.

قال: ذكر التوابين.

قيل لما قتل الحسين عليه السلام، و رجع ابن زياد من معسكره بالنخيلة و دخل الكوفة تلاقته الشيعة بالتلاوم و المنادمة و رات ان قد اخطات خطا كبيرا بدعائهم الحسين عليه السلام و تركهم نصرته و اجابته حتي قتل الي جانبهم، و راوا انه لا يغسل عارهم و الاثم عليهم الا قتل من قتله و القتل فيهم، فاجتمعوا بالكوفة الي خمسة نفر من رؤساء الشيعة الي سليمان بن صرد الخزاعي و كانت له صحبة و الي المسيب بن نجبة الفزاري و كان من اصحاب علي عليه السلام و الي عبدالله بن سعد بن نفيل الازدي و الي عبدالله بن وال التيمي تيم بكر بن وائل و الي رفاعة بن شداد البجلي و كانوا من خيار اصحاب علي عليه السلام، فاجتمعوا في منزل سليمان بن صرد الخزاعي.

فبداهم المسيب بن نجبة، فقال بعد حمد الله:

«اما بعد فانا ابتلينا بطول العمر و التعرض لانواع الفتن، فنرغب الي ربنا ان لا يجعلنا ممن يقول له غدا (او لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر) [1] فان امير


المؤمنين عليا عليه السلام قال: العمر الذي اعذر الله فيه الي ابن آدم ستون سنة و ليس فينا رجل الا و قد بلغه، و قد كنا مغرمين بتزكية انفسنا فوجدنا الله كاذبين في كل موطن من مواطن ابن بنت رسول الله [2] صلي الله عليه و آله، و قد بلغنا قبل ذلك كتبه و رسله و اعذر الينا فاسالنا نصره عودا و بدءا و علانية، فبخلنا عنه بانفسنا حتي قتل الي جانبنا، لا نحن نصرناه بايدينا و لا جادلنا عنه بالسنتنا و لا قويناه باموالنا و لا طلبنا له النصرة الي عشائرنا، فما عذرنا عند ربنا و عند لقاء نبينا و قد قتل فينا ولد حبيبه و ذريته و نسله، لا و الله لا عذر دون ان تقتلوا قاتله و الموالين عليه او تقتلوا في طلب ذلك فعسي ربنا ان يرضي عنا عند ذلك، و لا انا بعد لقائه لعقوبته بآمن. ايها القوم و لوا عليكم رجلا منكم فانه لا بد لكم من امير تفزعون اليه و راية تحفون بها».

و قام رفاعة بن شداد و قال:

اما بعد، فان الله قد هداك لاصوب القول و بدات بارشد الامور بدعائك الي جهاد الفاسقين و الي التوبة من الذنب العظيم، فمسموع منك مستجاب الي قولك، و قلت و لوا امركم رجلا تفزعون اليه و تحفون برايته و قد راينا مثل الذي رايت، فان تكن انت ذلك الرجل تكن عندنا مرضيا و فينا منتصحا و في جماعتنا محبوبا، و ان رايت و راي اصحابنا ذلك ولينا هذا الامر شيخ الشيعة و صاحب رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و ذا السابقة و القدم سليمان بن صرد الخزاعي المحمود في باسه و دينه الموثوق بحزمه.

و تكلم عبدالله بن سعد بنحو ذلك و اثنيا علي المسيب و سليمان.

فقال المسيب: قد اصبتم فولوا امركم سليمان بن صرد.

فتكلم سليمان فقال بعد حمد الله:

«اما بعد اني لخائف ان لا يكون آخرنا الي هذا الدهر الذي نكدت فيه


المعيشة و عظمت فيه الرزية و شمل فيه الجور اولي الفضل من هذه الشيعة لما هو خير انا كنا نمد اعناقنا الي قدوم آل بيت نبينا محمد صلي الله عليه و آله و سلم نمينهم النصر و نحثهم علي القدوم، فلما قدموا و نينا و عجزنا و اذهلنا و تربصنا حتي قتل ولد نبينا و سلالته و عصارته و بضعة من لحمه و دمه، اذ جعل يستصرخ و يسال النصف فلا يعطي ء اتخذه الفاسقون غرضا للنبل و دريئة للرماح حتي اقصدوه و عدوا عليه فسلبوه النصف، الا انهضوا فقد سخط عليكم ربكم و لا ترجعوا الي الحلائل و الابناء حتي يرضي الله، و الله ما اظنه راضيا دون ان تناجزوا من قتله، الا لا تهابون الموت فما هابه احد قط الا ذل، و كونوا كبني اسرائيل اذ قال لهم نبيهم (انكم ظلمتم انفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا الي بارئكم فاقتلوا انفسكم) [3] ففعلوا جثوا علي الركب و مدوا الاعناق حين علموا انهم لا ينجيهم من عظيم الذنب الا القتل، فكيف بكم لو دعيتم الي ما دعوا احدوا السيوف و ركبوا الاسنة (و اعدوا لهم ما استطعتم من قوة و من رباط الخيل) [4] حتي تدعوا و تستنفروا.

فقال خالد بن سعد بن نفيل: اما انا فو الله لو اعلم انه ينجيني من ذنبي و يرضي ربي عن قتلي نفسي لقتلتها، و انا اشهد كل من حضر ان كل ما اصبحت املكه سوي سلاحي الذي اقاتل به عدوي صدقة علي المسلمين اقويهم به علي قتال الفاسقين.

قال ابوالمعتمر بن حبس بن ربيعة الكناني مثل ذلك.

فقال سليمان: حسبكم من اراد من هذا شيئا فليات به عبدالله بن وال التيمي فاذا اجتمع عنده كل ما تريدون اخراجه جهزنا به ذوي الخلة و المسكنة من اشياعكم.

و كتب سليمان بن صرد الي سعد بن حذيفة بن اليمان يعلمه بما عزموا عليه و يدعوه الي مساعدتهم من معه من الشيعة بالمدائن، فقرا سعد بن حذيفة


الكتاب علي من بالمدائن من الشيعة فاجابوا الي ذلك، فكتبوا الي سليمان بن صرد يعلمونه انهم علي الحركة اليه المساعدة له.

و كتب سليمان ايضا كتابا الي المثني بن مخربة العبدي بالبصرة مثل ما كتب الي سعد بن حذيفة، فاجابه المثني: اننا معشر الشيعة حمدنا الله علي ما عزمتم عليه و نحن موافوك انشاءالله للاجل الذي ضربت. و كتب في اسفل الكتاب: تبصر كاني قد اتيتك معلما- الابيات.

فكان اول ما ابتداوا به امرهم بعد قتل الحسين عليه السلام سنة احدي و ستين فما زالوا بجمع آله الحرب و دعاء الناس الي الطلب بدم الحسين عليه السلام فكان يجيبهم النفر، و لم يزالوا علي ذلك الي ان هلك يزيد بن معاوية سنة اربع و ستين، فلما مات يزيد جاء الي سليمان اصحابه فقالوا: قد هلك هذا الطاغية و الامر ضعيف فان شئت و ثبنا علي عمرو بن حريث و هو خليفة ابن زياد علي الكوفة ثم اظهرنا الطلب بدم الحسين عليه السلام و تتبعنا قتلته و دعونا الناس الي اهل هذا البيت المستاثر عليهم المدفوعين عن حقهم.

فقال سليمان بن صرد: لا تعجلوا اني نظرت فيما ذكرتم فرايت ان قتلة الحسين عليه السلام هم اشراف الكوفة و فرسان العرب و هم مطالبون بدمه، و متي علموا ما تريدون كانوا اشد الناس عليكم، و نظرت فيمن تبعني منكم فعلمت انهم لو خرجوا لم يدركوا ثارهم و لم يشفوا نفسوهم و كانوا جزرا لعدوهم، و لكن بثوا دعاتكم و ادعوا الي امركم. ففعلوا و استجاب لهم ناس كثير بعد هلاك يزيد.

ثم ان اهل الكوفة اخرجوا عمرو بن حريث و بايعوا لابن الزبير و سليمان و اصحابه يدعون الناس، فلما مضت ستة اشهر بعد هلاك يزيد قدم المختار بن ابي عبيدة الكوفة في النصف من رمضان و قدم عبدالله بن يزيد الانصاري امير علي الكوفة من قبل ابن الزبير لثمان بقين من رمضان و قدم ابراهيم بن محمد بن طلحة معه علي خراج الكوفة، فاخذ المختار يدعو الناس الي قتال قتلة الحسين عليه السلام و يقول: جئتكم من عند المهدي محمد بن الحنفية وزيرا امينا. فرجع اليه طائفة من الشيعة و كان يقول: انما يريد سليمان ان يخرج فيقتل نفسه و من معه ليس


له بصيرة بالحرب. و بلغ الخبر عبدالله بن يزيد بالخروج عليه بالكوفه في هذه الايام و قيل له ليحبسه و خوف عاقبة امره ان تركه.

فقال عبدالله: ان هم قاتلونا قاتلناهم و ان تركونا لم نطلبهم، ان هؤلاء القوم يطلبون بدم الحسين بن علي عليه السلام فرحم الله هؤلاء القوم آمنون، فليخرجوا ظاهرين و ليسيروا الي من قاتل الحسين عليه السلام، فقد اقبل اليهم- يعني ابن زياد- و انا لهم ظهير، هذا ابن زياد قاتل الحسين عليه السلام و قاتل اخياركم و امثالكم [5] قد توجه اليكم و قد فارقوه علي ليلة من جسر منبج [6] ، فالقتال و الاستعداد اليه اولي من ان تجعلوا باسكم بينكم فيقتل بعضكم بعضا فيلقاكم عدوكم قد ضعفتم و تلك امنيته، و قد قدم عليكم اعدي خلق الله لكم من ولي عليكم هو و ابوه سبع سنين لا يقلعان عن قتل اهل العفاف و الدين، هو الذي من قبله اتيتم [7] و الذي قتل من تنادون بدمه قد جاءكم فاستقبلوه بحدكم و شوكتكم و اجعلوها به و لا تجعلوها بانفسكم اني لكم ناصح- و كان مروان قد سير ابن زياد الي الجزيرة ثم اذا فرغ منها سار الي العراق-.

فلما فرغ عبدالله بن يزيد من قوله قال ابراهيم بن محمد بن طلحة: ايها الناس لا يغرنكم من السيف و الغشم مقالة هذا الداهن [8] ، و الله لئن خرج الينا خارج لنقتله و لئن استيقنا، ان قوما يريدون الخروج علينا لناخذن الوالد بولده و المولود بوالده و الحميم بالحميم و العريف بما في عرافته حتي يدينوا للحق و يذللوا للطاعة.

فوثب اليه المسيب بن نجبة فقطع عليه منطقه ثم قال: يا ابن الساكين [9] انت تهددنا بسيفك و غشمك، انت و الله اذل من ذلك، انا لا نلومك علي بغضنا


و قد قتلنا اباك و جدك، و اما انت ايها الامير فقد قلت قولا سديدا.

فقال ابراهيم: و الله لتقتلن و قد اوهن [10] -هذا- يعني عبدالله بن يزيد.

فقال له عبدالله بن وال: ما اعتراضك فيما بيننا و بين اميرنا، ما انت علينا بامير انما انت امير هذه الجزية فاقبل علي خراجك، و لئن افسدت امر هذه الامة فقد افسده والداك و كانت عليهما دائرة السوء.

فشتمهم جماعة ممن مع ابراهيم فشاتموه، فنزل الامير من علي المنبر و تهدده ابراهيم بانه يكتب الي ابن الزبير يشكوه، فجاءه عبدالله في منزله و اعتذر اليه فقبل عذره.

ثم ان اصحاب سليمان خرجوا يشترون السلاح ظاهرين و يتجهزون [11] .


پاورقي

[1] سورة فاطر: 37.

[2] ابن بنت نبيه خ ل.

[3] سورة البقرة: 54.

[4] سورة الانفال: 60.

[5] امائلکم خ ل.

[6] مبنج خ ل.

[7] في المصدر: هو الذي قتلکم و من قبله اتيتم.

[8] المداهن خ ل.

[9] الناکثين خ ل.

[10] ادهن خ ل.

[11] الکامل لابن‏الاثير 165 -158 /4.